الرئيسية » عالم عربي

دبي ـ وكالات

تسعى إمارة أبو ظبي إلى أن تكون نموذجاً يحتذى به في الاقتصاد باستهلاك الطاقة وذلك من خلال إطلاقها مشروع "مدينة مصدر" الرفيقة بالبيئة. فأين وصلت أعمال هذا المشروع وما هي أكبر تحدياته منذ انطلاقه عام 2008؟ على مبعدة 17 كلم من مدينة أبو ظبي المعروفة ببناياتها الشاهقة وحركة مرورها المزدحمة، يرحب الدكتور سلطان العلي بضيوفه في فناء يسوده نسيم هواء بارد. مصدر هذا الهواء الرطب هو "مؤسسة مصدر"، التي تعتبر الحجر الأساس لمشروع "مدينة مصدر" المستقبلية. واجهات المبنى من طين رمال الصحراء الدافئة الذي تم تزيينه بأشكال هندسية جميلة. في هذا المكان يفترض أن يعيش قرابة 40 ألف شخص، يشكلون نموذجاً يحتدى به في الاستخدام المستديم للموارد الطبيعية. حتى الآن لا يتعدى عدد ساكني هذه المدينة 120 شخصاً، وهم طلبة المعهد الذين تم اختيارهم لتطوير واختبار تقنيات ومبادرات جديدة تسمح بالعيش بأسلوب مستديم يحافظ على الموارد الطبيعية. في البداية كان يتوقع أن تتحول "مصدر" في عام 2016 إلى مدينة جاهزة فيها شقق سكنية ومكاتب عمل وبنية تحتية رفيقة بالبيئة. غير أن الجدول الزمني لإنهاء الأشغال في هذا المشروع تعثر كثيراً، كما يوضح المهندس الألماني سيمون بروينينغر، الذي يعمل منذ أربعة أعوام في مشروع "مصدر سيتي" أو "مدينة مصدر". يرى المهندس الألماني أن الرؤية التي واكبت بداية المشروع لم تتغير وإنما الذي تغير منذ بداية أعمال البناء عام 2008 هو الإطار الاقتصادي العام. فالأزمة المالية العالمية أدت أيضاً إلى تراجع أسعار العقار في دول الخليج. وفي ظل هذا الوضع أصبح القائمون على مشروع "مصدر سيتي" مطالبين بإعادة النظر في إستراتيجية عملهم، كما يؤكد بروينينغر بالقول: "التركيز على البناء في البداية وانتظار إقبال الزبائن على الشقق، كانت هي الفكرة الأصلية، لكننا لمسنا بأن هذا الأمر غير مجدي بسبب وجود فائض كبير في السوق". ويضيف رئيس قطاع التخطيط الاستراتيجي ستيف سيفيرنس: "المشروع الناجح الذي يمكن تنفيذه في كل مكان لا يجب أن يكون مستديماً فقط من الناحية البيئية، وإنما أيضاً من الناحية الاقتصادية". الآن توجد خطط للتعاون مع شركات عالمية مثل سيمنس وجنرال إلكتريك اللذان سينتقلان لـمدينة مصدر، وهو ما سيشكل دعماً مهماً لإتمام مشروع المدينة والترويج لها والنجاح في تحويلها في غضون 2025 من جامعة النخبة إلى مدينة كاملة.في فصل الشتاء لا تلاحظ الفرق في درجة الحرارة بشكل كبير، لكن في ذروة فصل الصيف يسود في هذه المدينة البيئية طقس لطيف ليس له مثيل في الإمارات العربية المتحدة بأكملها. فمن خلال المزج بين التصاميم العربية التقليدية والتكنولوجيا المتقدمة، تسمح هذه المدينة لزوارها بقضاء وقت طويل في الهواء الطلق. ويوضح سيفيرانس بأن الممرات الضيقة في هذه المدينة تحولت إلى نفق للرياح يجعلك تشعر بنسمات هواء لطيفة. ويضيف: "مثل هذه الهياكل تستخدم في البناء التقليدي العربي منذ قرون. ونحن أضفنا إليها بعض التقنيات، حيث يتم سحب الهواء للأعلى ليتحول بعد ذلك إلى نسيم بارد ينزل إلى الأسفل". يتم حماية المباني في مدينة مصدر بطبقة سميكة عازلة للحرارة ولا يوجد سوى عدد قليل من النوافذ التي تسمح بدخول الحرارة إلى الغرفة. وبالرغم من وجود محطة للطاقة الشمسية، إلا أن الاقتصاد في الطاقة أمر مطلوب كما يقول المسؤول على التصميم في مشروع "مصدر سيتي" كريس فان، والذي يضيف بالقول: "في السابق كان تجهيز المبنى بتقنيات رفيقة بالبيئة يعتبر أمراً فاخراً ومكلفاً، أما الآن فأصبحت مثل التقنيات جزءا من البناء عند بدايته". أعمال البناء جارية على قدم وساق في مدينة مصدر، فالجزء الثاني من المعهد على وشك الانتهاء. في هذه الأيام تستعد أول شركة لفتح مركز لها في مصدر وهي شركة سيمنس. وحسب فان، فإن البناية التي ستتواجد بها سيمنس ستكون البناية الأكثر اقتصادا في استهلاك الطاقة بنسبة تقل بـ65 في المائة عن الاستهلاك العادي لمبان مماثلة في أبو ظبي. أيضا يتم في مدينة مصدر بناء مقر للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) بمواصفات رفيقة بالبيئة. يقول نائب المدير فرانك ووترز بأن الحركة عادت من جديد لمصدر سيتي وبناء مدينة خضراء في الصحراء يعتبر إنجازاً كبيراً. ويضيف الخبير الهولندي: "إذا تمكنا من تحقيق شيء من هذا القبيل هنا، فمبدئياً يمكننا تكرار ذلك في أي مكان آخر". ويعيب النقاد على دول الخليج عدم اهتمامهم بالمشاريع المحافظة على البيئة باستثناء مشروع مصدر النموذجي. غير أن سيمون بروينينغر يعتقد بأن مصدر هي بمثابة منارة تهتدي بها دول الخليج في هذا المجال. ويرى بروينينغر أيضاً أن أبو ظبي والإمارات العربية المتحدة وكل منطقة الخليج معروفة باستهلاكها الكبير للطاقة، غير أن مبادرة مصدر دفعت أطراف كثيرة في المجتمع بما في ذلك الشركات الصناعية إلى إعادة النظر في تعاملها مع الطاقة ويتجلى ذلك في قوانين البناء ومبادرات منع النفايات في أبو ظبي. من خلال الاستثمار في مشاريع جديدة للطاقة المتجددة في مناطق مختلفة من العالم بالإضافة إلى دعمها للمدينة البيئة تسعى مدينة أبو ظبي الغنية بالنفط إلى ضمان رفاهيتها حتى إلى عصر ما بعد النفط.المفوضة الأوروبية للمناخ كوني هيديغارد ستزور بدورها هذه المدينة البيئية هذا العام. وترى بأن مثل هذا المشروع يمكن تصوره أيضاً في أوروبا. لكنها تؤكد بأن أكبر التحديات يظل يواجه مثل هذه المشاريع هو إقناع المستثمرين بجدوى الاستثمار في هذا المجال وتضيف السياسية الأوروبية: "يمكننا تحديد ما نريد من الأهداف والبرامج السياسية لكننا لن ننجح في ذلك بشكل جيد إلا إذا اقتنع رجال الأعمال بأن ذلك أمراً مربحاً من الناحية الاقتصادية".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

موجة حر تتجاوز 50 درجة تضرب السعودية والكويت والعراق…
حرائق الغابات بشمال المغرب وجهود مؤسساتية تعول على الساكنة…
دراسة عالمية تؤكد أنّ 64 % من المستهلكين في…
زلزل متوسط القوة يضرب تونس قبالة سواحل خليج الحمامات
راصد الزلازل الهولندي يغرّد من جديد عن "العرب"

اخر الاخبار

فاطمة الزهراء المنصوري تُؤكد أن الذين حاولوا الهجرة الجماعية…
البحرية الملكية تُحبط محاولة العشرات من المرشحين للهجرة السرية…
حزب الأصالة والمعاصرة يدعُو لتمديد صلاحية جواز السفر المغربي…
الحكومة المغربية تُباشر إصلاحات هيكلية في مهام المؤسسات والمقاولات…

فن وموسيقى

احتفاء بفيلم "رحلة 404" لمنى زكي عقب ترشحه للأوسكار
منى زكي تُعبر عن سعادتها الكبيرة بترشيح فيلمها "رحلة…
سميرة سعيد تؤكد أن ألبوم قويني بيك من أحلى…
ظافر العابدين يبدء ثالث تجاربه في الإخراج بفيلم صوفيا…

أخبار النجوم

الفنان عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة
أحمد رزق يتعاقد على مسلسل «سيد الناس» رمضان 2025
مي عمر تردّ على انتقادات عملها مع زوجها محمد…
شيرين عبد الوهاب تعلن تفاصيل جديدة عن أزمتها مع…

رياضة

حكيم زياش ينتقد المغرب والدول التي تدعم الإبادة الجماعية…
هاري كين وجريزمان يتنافسان على جائزة لاعب الجولة في…
ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
انتخاب عادل هالا رئيساً جديداً لنادي الرجاء الرياضي لمدة…

صحة وتغذية

التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة…
عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن
جدري القردة يُؤجل النسخة الرابعة من المؤتمر الدولي للصحة…
"ارتفاع مقلق" بوفيات جدري القردة خلال أسبوع واحد

الأخبار الأكثر قراءة

وفاة 12 شخصا جراء الأمطار والسيول في ولاية كسلا…
إنحسار مياه المتوسط عن بعض الشواطئ تٌثير ذعراً بين…
الجفاف بالمغرب يرفع معدل البطالة إلى مستويات قياسية في…