الرباط - عمار شيخي
بدأت المعطيات الأولية المتعلقة بالترشيحات للانتخابات التشريعية التي ستشهدها المملكة المغربية، تظهر بوضوح قبل حوالي ستة أسابيع عن موعدها المحدد ليوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، بحيث بدأ الكشف عن الشخصيات الحزبية الذي ستدفع بها الأحزاب السياسية لكسب الرهان الانتخابي.
وتشتد المنافسة بين الأحزاب لتقديم أبرز شخصياتها السياسية، في الوقت الذي تختلف مسألة اختيار المترشحين من حزب الى آخر. ويظل أبرز المرشحين حتى الآن، حسب المتتبعين، رئيس الحكومة المغربية الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" عبد الإله ابن كيران، وقد سجَّل إعلان ترشيحه في مدينة سلا المجاورة للعاصمة المغربية الرباط، سابقة في التاريخ السياسي المغربي بعد الاستقلال، حيث يُقدم لأول مرة رئيس حكومة منتهية ولايته، على الترشح للانتخابات التشريعية، للحصول على مقعد برلماني.
وأثار الإعلان عن عزم حزب "العدالة والتنمية" ترشيح، أمينه العام عبد الاله ابن كيران، في إحدى دوائر مدينة سلا، جدلا وسط السياسيين والمحللين وفي وسائل الإعلام أيضا، بين مرحب ومنتقد، واختلفت وجهات النظر حول ترشح رئيس الحكومة، والذي سيكون إن تأكد، سابقة من نوعها في التاريخ السياسي المغربي، إذ لم يسبق لأي وزير أول مغربي منتهية ولايته أنْ تقدَّم للانتخابات التشريعية التي تمت عند نهاية ولايته التشريعية.
وفي تصريح صحافي، قال ابن كيران، إن "ترشيحه يخضع لبرنامج ينظمه الحزب، وهو ما سيلتزم به, خصوصا وأن ترشيح ابن كيران لا يتعارض مع القوانين التنظيمية للانتخابات. وحسب عمر الشرقاوي الأستاذ في كلية الحقوق في المحمدية، فقد اعتبر، أن الأمر يمكن أن يناقش من ناحية سياسية أخلاقية فقط. ويرى الشرقاوي أن ابن كيران يجب عليه قبل اتخاذ القرار النهائي الرجوع إلى الملك. وقال، "إذا ما حدثت مشكلة في الدائرة الانتخابية التي سيترشح فيها رئيس الحكومة، من سيكون الحكم في تلك اللحظة؟ وهل سيكون هناك إحراج وعدم حياد؟".
وأكد الشرقاوي على أن "هناك رسائل سياسية من وراء ترشيح الأمين العام لحزب العدالة والتنمية"، مشيرا إلى أن "الرجل لا زال في ذروة عطائه السياسي"، فيما يواجه ابن كيران انتقادات كبيرة لكونه رئيس الحكومة والمشرف الأول على العملية الانتخابية.
وقالت النائبة البرلمانية عن فريق الأصالة والمعاصرة، سليمة الفرجي، في تدوينة على صفحتها على الـ"فيسبوك"، "إذا كانت الإدارة التي ستتولى الإشراف على الانتخابات تحت سلطة رئيس الحكومة ويتقاسم مسؤولياتها كل من وزير العدل والحريات ووزير الداخلية ضمانا للنزاهة المتطلبة، فكيف يفسر رئيس الحكومة ترشحه لاستحقاقات 7 تشرين الاول/أكتوبر وهو المسؤول عن الإشراف عليها؟".
أما البرلماني عن حزب "الاتحاد الاشتراكي" حسن طارق، وهو أستاذ للعلوم السياسية في جامعة محمد الخامس، فقد كتب على صفحته يقول، إن "الجدل حول ترشيح ابن كيران من عدمه، مجرد تمرين في مساءلة البداهة، ما الذي يفعله رؤساء حكومات العالم الديمقراطي بعد نهاية ولايتهم؟ هل يذهبون إلى البحر مثلا؟، إن ترشيح ابن كيران مسألة طبيعية من الناحية السياسية، وملزمة من الناحية الأخلاقية، ومطابقة للناحية الدستورية"، ويرى حسن طارق، أن "العودة إلى الشعب إقرار بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة السياسية، وتفعيل لقاعدة المنهجية الديمقراطية التي تعني ربط القرار العمومي بصناديق الاقتراع".
ومن المنتظر أن يتنافس مع رئيس الحكومة في دائرة سلا المدينة، القيادي في حزب "الحركة الشعبية" إدريس السنتيسي ، والقيادي في "التجمع الوطني للأحرار" إدريس السنتيسي ، بينما لم يعلن حزب "الأصالة والمعاصرة" عن ترشيح قيادي حزبي لمنافسة ابن كيران. ويرجح أن يرشح في نفس الدائرة رشيد العبدي, فيما تبدو حظوظ ابن كيران كبيرة لنيل المقعد البرلماني، على اعتبار أن الحزب نال في الانتخابات البرلمانية السابقة نصف المقاعد المخصصة لدائرة سلا تابريكت، كما تعزز استطلاعات الرأي من فرص فوز ابن كيران، وبأغلبية مريحة, حيث انتخب عبد الإله ابن كيران في آخر انتخابات تشريعية جرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، نائبًا برلمانيًا عن دائرة سلا المدينة، التي يرجح أن يعود إليها مجددا في انتخابات هذا العام، وكان ابن كيران ترشح لأول مرة لعضوية البرلمان المغربي سنة 1998، حيث فاز آنذاك على مرشح الكتلة جمال أغماني، الذي تقلد منصبا وزاريا فيما بعد. وكان عبد الإله ابن كيران يشغل آنذاك منصب عُضو في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في حين كان عبد الكريم الخطيب، أمينًا عاما للحزب وسعد الدين العثماني نائبا له.
وبات من الواضح أن أحزاب الأغلبية الحكومية الأربعة، ستدفع بوزرائها إلى حلبة التنافس، وبعدما صادقت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، على حوالي 60 بالمائة من اللوائح التي توصلت اليها من هيئات الترشيح في مختلف أقاليم المملكة، وتضمنت اللوائح أسماء أغلب الوزراء، منهم ادريس الأزمي الإدريسي، وزير الميزانية الذي انتخب وكيلا للائحة الحزب في مدينة فاس، كما تم انتخاب عزيز رباح وزير التجهيز واللوجستية، وكيلا للائحة في القنيطرة، ومحمد نجيب بوليف وزير النقل، على رأس لائحة الحزب في طنجة، كما انتخب لحسن الداودي وزيرًا للتعليم العالي، وكيلا للائحة الحزب في مدينة بني ملال، كما انتخبت قواعد الحزب في سيدي بنور مصطفى الخلفي على رأس لائحة الحزب في الدائرة نفسها، بينما لم يتأكد بعد ما إن كان باقي وزراء العدالة والتنمية سيرشحهم الحزب، ويتعلق الأمر بالوزيرتين جميلة المصلي وبسيمة الحقاوي، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان عبد العزيز العماري، وهو عمدة مدينة الدار البيضاء، وعبد القادر اعمارة وزير الطاقة والمعادن, أما بخصوص وزراء "التجمع الوطني للأحرار"، فيرتقب أن تترشح مباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة في الخارجية في مدينة كلميم، جنوب المغرب، كما يعتزم الحزب ترشيح محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمال، في مدينة أغادير، وأنيس بيرو الوزير المكلف بشؤون الجالية المغربية في الخارج، في مدينة بركان، ومحمد عبو، وزير التجارة الخارجية، في إقليم تاونات.
وبدأت تظهر أسماء بعض الزعماء السياسيين الذين سيترشحون للانتخابات المقبلة، هناك أيضا قيادات سياسية فضلت عدم الترشح للانتخابات 7 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، أبرزها صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، مبررًا ذلك بانشغاله بالتحضير للمؤتمر العالمي للمناخ الذي ستحتضنه مراكش ما بين 7 و18 تشرين الثاني/نوفمبر من العام الجاري، وكان مزوار قد حظي بمقعد برلماني خلال الانتخابات التشريعية الماضية لسنة 2011 في مدينة مكناس، ثاني القيادات الحزبية التي فضلت أيضا عدم الترشح، وهو وزير أيضا في الحكومة الحالية، هو مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ويرجح أن يكون منصبه كمشرف مباشر على الانتخابات إلى جانب وزير الداخلية محمد حصاد، أهم سبب وراء قراره بعدم الترشح, وإذا كانت ترشيحات "العدالة والتنمية" لازالت تنتظر موافقة الأمانة العامة للحزب، فإن لجنة الترشيحات في حزب "الحركة الشعبية" وافقت بالإجماع على تزكية "أوزين"، وزير الشباب والرياضة السابق، الذي يشغل منسقاً عاماً مركزياً للحزب. و تنتظر "أوزين" منافسة قوية في دائرة إفران، في ظل تواجد خمسة أحزاب تنافس "الحركة الشعبية" على المقعدين البرلمانيين المخصصين للإقليم، فيما ترجح كل التكهنات حصد "الحركة الشعبية" للمقعدين معاً، وسينافس "أوزين" على المقعدين البرلمانيين كل من حزب "العدالة والتنمية" و"الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة" و"الاتحاد الاشتراكي"، و"التجمع الوطني للأحرار" و"التقدم والاشتراكية".
وظهر حزب "التقدم والإشتراكية" أنه متريث في حسم الترشيحات، وخاصة في ما يتعلق بقيادات الصف الأول، إلا أن مكتبه السياسي حسم في ترشح الوافد الجديد من الإتحاد الإشتراكي، عبد الله دومو كوكيل للائحة بقلعة السراغنة، فيما يرتقب ترشح عبد السلام الصديقي وزير التشغيل الحالي في إقليم مديونة، المعطيات المتداولة تشير أيضا إلى ترشيح محمد العربي إحنين، وكيلا للائحة الكتاب في مدينة تطوان، ورشيد محب في مدينة أسفي، وعلي أمنيول في المضيق - الفنيدق، ومحمد حماني في العرائش, أما سلا المدينة فسيترشح بها محمد عوّاد، وبخصوص اللائحة الوطنية الخاصة بالشباب والنساء، فلم يحسم فيها الحزب بعد، حيث اتفق قياديو الحزب على تأجيل حسمها إلى وقت لاحق.