بغداد - المغرب اليوم
لحظات من الاسترخاء على أريكة خشبيّة تحكي قصصاً قد تمتد لتكشف أصول الشجرة التي قطعتها مَعاول جامعي الأخشاب قبل أن تتحول تلك القطعة إلى أريكة جميلة في «مقهى 11» وسط مدينة السليمانيّة الكردية التي تغطي الثلوج جبالها في الشتاء البارد. أصوات الموسيقى الهادئة وأجواء المكان تجعل المقهى أشبه بحانة في قرية صغيرة تُسمع فيها همسات باللغة الكردية، فالأضواء الخافتة منحت المكان أجواء خاصة مثلما فعل بعض محتوياته، مثل الخوذ العسكرية ومخلفات الحرب والجدران الغريبة المكسوة بأخشاب قديمة حتى يتراءى لمن يزور المقهى للوهلة الأولى أنه يقطن في منزل قروي في أقصى حدود كردستان. فالخشب البدائي الذي يزيّن المكان بدا مقترناً بالطبيعة في شكل كبير، وامتزجت فيه رائحة الغابات مع أجواء المكان الذي يرتاده الشباب والمثقفون بكثرة في المدينة التي تطوّقها ثلاثة جبال ولم تنفصل هويتها يوماً عن جبل أزمر، أجمل جبال السليمانية وأشهرها. أنشأ صاحب المقهى المكان مع زوجته قبل أكثر من سنة، ومزج فيه ثقافات مختلفة وصوراً بديعة تأخذ الزائر إلى بلدان عدة وتسافر بالأفكار إلى أماكن متناقضة في محتوياتها، لكن متناغمة على جدران المقهى. فالمالك جمع صوراً لعصور تعكس الحرب والسلام والصراع والحياة والفن والألم والحب. يقول: «حاولت أن أجمع صور الجمال في هذا المكان. إنه المشروع الذي كنت أحلم به، كنت أريد أن أضع لمسة مختلفة في مدينة الثقافة الكردية». وعلى نقيض بعض المقاهي الأخرى، يجذب «مقهى 11» النساء بكثرة فيجلسن إلى طاولاته الخشبية ليتبادلن أحاديث الساعة، أو يتصفحن الإنترنت على هواتفهن. كما بات المقهى في هذه المدينة الباردة، جاذباً زواراً من بلدان مختلفة، فغالباً ما يجلس فيه صحافيون أجانب وبعض العاملين مع منظمات دولية لتمضية الأمسيات والسهرات النقاشية والشبابية.