واشنطن ـ أ.ف.ب
يقبع ثلاث نساء وثلاثة رجال منذ اكثر من اسبوع في غرفة معزولة في هاواي في تجربة ستستمر على مدى ثمانية اشهر، تحضيرا لرحلات فضائية طويلة قد تنفذها وكالة الفضاء الاميركية ناسا الى كوكب المريخ.
ويقول كيمبرلي بينسدد استاذ المعلوماتية في جامعة هاواي "ما زلنا لم ندرك بعد كل المخاطر النفسية التي يمكن ان يواجهها رواد فضاء في رحلة الى المريخ، والوسائل الكفيلة بتجنبها".
وكيمبرلي بينسدد هو المسؤول عن هذه التجارب التي تمولها وكالة الفضاء الاميركية ناسا التي تعتزم إرسال رحلة مأهولة الى كوكب المريخ في العقد المقبل، وهي رحلة ستسغرق عامين ذهابا وايابا.
وهذه التجربة ليست الاولى من نوعها، بل سبقتها تجربتان كانت كل منهما مع ستة متطوعين، لكنها اقتصرت على شهرين او اربعة اشهر، وكان الهدف منها ايضا تجربة الطعام وكيفية تحضيره، والملل الناجم عن تناول كميات قليلة من النوع نفسه من الغذاء.
وستلي هذه التجربة ذات الاشهر الثمانية تجربة اخرى تمتد على عام كامل يشارك فيها ايضا ستة متطوعين، على ان تبدأ في آب/اغسطس من العام 2015.
وبحسب بينسدد، فان الخطر النفسي الاكبر الذي يواجه رواد الفضاء في رحلة طويلة هو الشعور بالانحباس، وهو قد يؤدي الى الاكتئاب وعدم القدرة على التعامل مع المجموعة المرافقة التي لا بد من التعامل معها والعيش معها في مساحة ضيقة ولوقت طويل، دون امكانية الخروج.
اضافة الى ذلك، فان التواصل مع كوكب الارض لن يكون سهلا وفوريا، بل ان الرسالة تستغرق عشرين دقيقة، وهو ما يجعل التدخل الفوري لمعالجة اي ازمة قد تطرأ على الفريق امرا مستحيلا.
وسيمضي فريق المتطوعين في محبسه اياما طويلة تتخللها اعياد مثل عيد الشكر وعيد الميلاد ورأس السنة، ويهتم العلماء لمعرفة الاثر الذي يتركه ذلك على نفسية الفريق.
وهؤلاء المتطوعون هم من بين 150 شخصا تقدموا للمشاركة في هذه التجربة القاسية.
واختار العلماء هؤلاء المتطوعين الستة على قاعدة ان يكون الواحد منهم "ذا اعصاب فولاذية، ونفسية متفائلة، وميل سريع الى الشرود الذهني"، وقد جرى أول الامر استبعاد اولئك الذين يتأثرون عاطفيا بشكل كبير.
وتراوح اعمار المتطوعين المقبولين في التجربة بين 26 عاما و38، جهزت لكل منهم غرفة صغيرة جدا لا تتسع سوى لفراش بسيط وكرسي وطاولة صغيرة.
وتجري هذه التجربة في قبة شعاعها عشرة امتار، ومساحتها 140 مترا مربعا، مشيدة على ارتفاع 2400 متر على قمة بركان مونا لوا الذي تشبه طبيعته سطح كوكب المريخ.
ولا يمكن للفريق التواصل مع الخارج سوى عبر الرسائل الالكترونية، وهي تتأخر لمدة عشرين دقيقة كي تحاكي تماما الظروف التي سيعيشها رواد الفضاء الذاهبون لغزو المريخ.
ولا يسمح للمتطوعين بالاستحمام سوى لمدة ثماني دقائق اسبوعيا، ولا يسمح لهم بالخروج من محبسهم الا مرتدين بزات تحاكي البزات الفضائية.
وينبغي ان يخرج المتطوعون الستة، وهم خمسة اميركيين وكندية، اربع مرات اسبوعيا لجمع عينات صخرية واجراء تجارب علمية، في ما يحاكي تماما ما سيقوم به رواد الفضاء على سطح الكوكب الاحمر.
وهم يخضعون لمراقة مستمرة وتجارب تضعهم في اوضاع نفسية مختلفة بهدف دراسة معنوياتهم واحوالهم النفسية وكيفية تعاملهم في ما بينهم وقدرتهم على استخدام معارفهم واثر تلك الاقامة الطويلة على شخصياتهم.