القاهرة – محمد عبد الحميد
يبدو تاريخ 29 أيلول/ سبتمبر 2014 لحظة حاسمة في مسيرة البطل الأميركي مايكل فيلبس صاحب الـ18 لقبا أولمبيا، فهي غير مرتبطة بموعد سباق أو تتويج، بل بإيقافه مخمورا وهو يقود بعد سهرة ملتهبة في كازينو بالتيمور (ميريلاند) بسرعة 135 كلم في الساعة، في حين أن السرعة القصوى كانت 72 كلم/ساعة.
ويُعد إيقافه، الثاني بعد تصرفات مماثلة وهو بعمر التاسعة عشرة إثر العاب أثينا 2004، حيث بقي الرياضي الأكثر تتويجا في تاريخ الاولمبياد حابسا نفسه لخمسة أيام وهو يبكي في وضع ساجد، قائلًا عن هذه التجربة": "كنت في مكان داكن، لم أرغب في الحياة بعدها".
وأوضح أنه قبلها بأشهر قليلة، كان في عمر التاسعة والعشرين، وقرر آنذاك، وبمفاجأة كبرى، العودة عن اعتزال أعلنه بعد ألعاب لندن 2012 حيث رفع عدد ميدالياته الاولمبية إلى 22.
وكان ظهوره الأول في المسابقات مشجعا، لكن فيلبس الذي غطس في الأحواض مجددا تحت إشراف مدربه الدائم بوب باومان، حافظ على أسلوب حياة "المعتزلين": سهرات، كحول وألعاب ميسر لم تتلاءم مع نظام حياة رياضي محترف.
وشكل إيقافه وهو يقود بحالة سكر صدمة لعائلته، والدته ديبي المتواجدة دوما وأقربائه، وناشده لاعب كرة القدم الأميركية السابق راي لويس وهو أحد اقرب أصدقائه: "ماذا تفعل في حياتك؟"، وحثته حاشيته على متابعة علاج لمشكلاته بتعاطي الكحول في عيادة خاصة في اريزونا.
وأقرّ السباح الذي أحرز 26 لقبا عالميا و36 رقما قياسيا عالميا: "كانت دون أي شك اللحظة الأكثر خوفا في حياتي"، خلال هذه الفترة علم أن الاتحاد الأميركي للسباحة حرمه، فضلا عن إيقافه لستة أشهر، من المشاركة في بطولة العالم 2015 التي كان يفترض أن تكون حدثه الأول قبل الطريق إلى ريو دي جانيرو.
وبعد خمسين يوما في هذه العيادة، حصل تحول في حياة فيلبس: حسم موضوع تعاطي الكحول دون أية قطرة قبل الاولمبياد كما يقول، وتصالح مع والده فريد، الذي تخلى عن والدته عندما كان طفلا، والأهم أنه تصالح مع نفسه.
وأوضح فيلبس: "اكتشفت عدة أمور عن شخصيتي، كنت أعرفها لكني فشلت في إدارتها، خصوصا نظرتي إلى نفسي كرياضي وإنسان".
ومنذ الفترة التي أمضاها في العيادة، لا يزال فيلبس يستشير ويشارك في اجتماعات مدمني الكحول، إلا أنه أصبح رجلا هادئا، سيتزوج الصيف المقبل، بعد عدة إخفاقات، ملكة جمال كاليفورنيا 2010 نيكول جونسون.
وداخل الأحواض، استعاد فيلبس الحافز، وفي وقت كانت تقام بطولة العالم 2015 في قازان الروسية، شارك في بطولة الولايات المتحدة حيث سجل أفضل ثلاثة أرقام عالمية خلال العام في 200 م متنوعة و200 م فراشة و100 م فراشة، حيث كتب رسالة واضحة بأن الاعتماد عليه في ريو 2016 سيكون ضروريا في الفريق الأميركي.
وصرَّح باومان: "إذا تابع تمارينه حتى آب/ أغسطس المقبل على هذا النحو سيصل إلى القمة ويحقق أفضل الأرقام"، ويدغدغ مشاعر فيلبس طموح أن يصبح أول سباح يتوج في 4 دورات اولمبية على الأقل في أحد سباقات التتابع، ويبقى تحديد المسافات المنوي خوضها والتفرغ لها.
وفيلبس هو السباح الوحيد الفائز بثلاثة ألقاب اولمبية على التوالي في سباقي 100 م فراشة و200 م متنوعة، إلى جانب السباحتين الاسترالية دون فرايزر والهنغارية كريستينا ايغرزتشي.
وعلى يدي باومان، تحول فيلبس من فتى ذي نشاط مفرط في غير محله وقليل التركيز في صغره إلى بطل لا يجارى حصد 33 ميدالية عالمية بينها 26 ذهبية فضلا عن ألقابه الاولمبية الـ18،كما أصبح أصغر حامل لرقم قياسي عالمي (سباق 200 فراشة، 30 آذار/مارس 2001 في اوستن)، في عمر 15 عاما و9 شهور.