لندن - المغرب اليوم
دائماً ما يكون لاعبو كرة القدم هدفاَ سهلاً للانتقادات؛ نظراً لأنهم تحت دائرة الضوء ويحصلون على رواتب عالية يتم الإعلان عنها في الصحف بشكل منتظم؛ لذلك أشعر بالدهشة من أنه لم يتم اتخاذ إجراء أسرع لحل المشكلة المتعلقة بما إذا كان يتعين على لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز قبول تخفيض رواتبهم أو تأجيل الحصول عليها بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا وتوقف المسابقات والمنافسات الرياضية، في الحقيقة، كان يمكن أن تفكر الأندية واللاعبون وممثلوهم في الوصول إلى حلول أسرع. وعلى الرغم من أنني متأكد من أن اللاعبين يريدون المساعدة، فإنهم لم يتصرفوا بسرعة كافية؛ وهو ما أدى بالفعل إلى إلحاق الكثير من الضرر بسمعتهم، حيث يتم اتهامهم بالطمع والجشع. وبالتالي، كان يتعين على اللاعبين أن يفطنوا إلى هذا الأمر مبكراً، على الرغم من أننا نأمل أن يرحب الجمهور بالقرار الذي توصلت إليه أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بأن تطلب من لاعبيها تخفيض رواتبهم بنسبة 30 في المائة.
وليس من الإنصاف أن نقول إن اللاعبين لا يهتمون بشيء سوى المال؛ نظراً لأنهم يدفعون الكثير من الأموال للجمعيات والأعمال الخيرية، والتي نادراً ما تعلن عن تفاصيل ذلك في الصحف والمجلات، كما يدفعون الكثير من الضرائب للحكومة، التي يتعين عليها أن تنفق وتستثمر هذه الأموال بحكمة لكننا نواجه مصيراً مجهولاً، وتم الاستغناء عن عدد كبير من العاملين بالأندية من غير لاعبي كرة القدم. من المؤكد أن اللاعبين يرون هؤلاء الأشخاص كل يوم وتربطهم بهم علاقات جيدة، وأنا مندهش من أنه لم يتم القيام بشيء ما حيال ذلك الأمر بأسرع وقت ممكن. لقد بدا الأمر وكأن اللاعبين لا يهتمون بزملائهم، وأنا متأكد من أن هذا ليس صحيحاً على الإطلاق.
ويمكن للأندية أن تفعل المزيد أيضاً، خاصة أن اللاعبين سينظرون إلى ملاك الأندية الذين يملكون مليارات الدولارات، وسيتحدثون إلى الأندية ويتساءلون عما إذا كانت أموالهم ستذهب إلى الموظفين فعلاً أم ستذهب إلى جهات أخرى! وفي الحقيقة، تعد هذه أسئلة مشروعة ومنطقية تماماً. لكن بمجرد أن تبتعد عن كرة القدم ستدرك أن الأمر مختلف تماماً في الحياة العامة، وهو الأمر الذي ربما لن تدركه وأنت تعيش داخل فقاعة كرة القدم.
لقد كنت في السادسة والعشرين من عمري فقط عندما اعتزلت كرة القدم في عام 2009. ويعني هذا أن تعرض أي لاعب لإصابة قوية قد تنهي مسيرته الكروية تماماً. لكن البعض يعتقد أن اللاعبين سيلعبون إلى الأبد وأنهم سيواصلون الحصول على الأموال. وعلاوة على ذلك، فإن الأموال التي يحصل عليها اللاعبون الذين يلعبون في مستوى النخبة – وهو المستوى الذي كنت ألعب به يوماً ما – تتسم بالغموض، ومن الصعب توضيح الأسباب التي تجعل الكثير من اللاعبين يحصلون على مبالغ مالية طائلة، لكن يجب أن ندرك أيضاً أن هناك الكثير من اللاعبين الذين يعيشون في حدود إمكاناتهم، فقد يكون بعضهم مطالباً بتسديد قروض عقارية فلكية أو يدعمون عائلاتهم أو بعض أصدقائهم.
يحصل اللاعبون على مبالغ مالية كبيرة وخلال الفترة التي يلعبون فيها فإنهم نادراً ما يقومون بأي شيء من أجلهم بسبب انشغالهم المستمر في المباريات والمسابقات، وهذا هو السبب في أن بعض اللاعبين قد لا يشعرون بالقلق مما يعنيه الأشخاص خارج اللعبة. إذن، ما الذي سيحدث عندما يُطالب هؤلاء اللاعبون بأن يتخلوا عن جزء من رواتبهم خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة؟ ألن يؤثر ذلك عليهم؟ ومن سيهتم بهم لو تأثروا بذلك من المؤكد أن اللاعبين يرغبون في تقديم المساعدة للمتضررين من هذه الأزمة، لكن سمعة اللاعبين قد شوهت كثيراً بسبب انتظارهم لفترة طويلة دون أن يتخذوا إجراء للمساعدة. وتكمن المشكلة الأساسية في أن اللاعبين يسيرون وراء رغبة الجماهير بشكل عام. وهناك عقلية تحكم الفريق ككل، وهو الأمر الذي يفرض على جميع لاعبي الفريق أن يتصرفوا بالشكل نفسه، حيث يميل اللاعبون إلى عدم التحدث بشكل فردي، وهذا هو السبب وراء أهمية قائد الفريق. وبمجرد أن يقول قائد الفريق إن شيئاً ما يجب أن يحدث، يتعين على باقي اللاعبين أن ينفذوا ما يقول.
ومع ذلك، تتخذ رابطة اللاعبين المحترفين موقفاً متشدداً، حيث تركز على ملاك الأندية وتحمي عقود اللاعبين الموقعة بينهم وبين الأندية. لكن هذا الأمر يكون غير طبيعي عندما يبدأ الناس في فقدان وظائفهم ويكونون غير قادرين على توفير متطلبات الحياة الأساسية، وهو ما لن يحدث للاعبي كرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز؛ لأنه بمجرد أن تستأنف المباريات والمنافسات الرياضية فإنهم سيعودون للحصول على مبالغ مالية طائلة. لكن بينما تتطلع رابطة اللاعبين المحترفين إلى حماية أعضائها، فإنها تعيقهم في الوقت نفسه. لقد كنا نعلم جميعاً ما سيحدث، فلماذا لم نحاول حمايتهم من منظور العلاقات العامة؟
أنا أتفهم الأسباب التي جعلت الرابطة تطلب من الأندية تقديم معلومات مالية، لكنني لا أرى أن هذا الأمر يحدث؛ لذلك تحول الأمر إلى مجرد معركة بين الطرفين. وفي الحقيقة، يجب ألا تتحول الأمور إلى صراع بين الأندية واللاعبين أو الرابطة، بل يجب أن تتكاتف جميع الأندية واللاعبين لمساعدة الموظفين والجمهور وهيئة الخدمات الصحية الوطنية وفي نهاية المطاف، سيكون اللاعبون هم كبش الفداء. إنني لا أريد أن أقول إن وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، كان يحاول إلقاء اللوم على الآخرين في هذه الأزمة، عندما قال إن لاعبي كرة القدم يجب أن يقوموا بدورهم للمساعدة في حل هذه الأزمة، وأعتقد أنه قد أدلى بهذه التصريحات في إطار الإجابة عن أحد الأسئلة. لكن على أي حال، نشرت الصحف عناوين تحمل تداعيات سلبية بعد هذه التصريحات ويجب أن نتفق على أن رابطة اللاعبين المحترفين كان بإمكانها القيام بالمزيد، وكان يمكن أن يكون هناك اتفاق على تقليص رواتب اللاعبين بنسبة مئوية بناء على المبالغ المالية التي يحصلون عليها. وعلاوة على ذلك، يجب على كرة القدم أن تقوم بدورها المجتمعي، وأن تساعد الناس في الأندية، وتتأكد من وصول الأموال إلى المحتاجين. وفي نهاية المطاف، فإن الجميع مهتمون بالمساهمة في التغلب على هذه الأزمة، لكن الشيء المطلوب من الجميع هو سرعة العمل.
قد يهمك ايضـــًا :
لاعبو الدوري الإنجليزي يتّحدون بصندوق خيري لمكافحة وباء "كورونا"
كورونا يتسبب في تراجع القيمة التسويقية لأندية الدوري الإنجليزي