طرابلس - ابتسام اغفير
كان الصوت مألوفا واعتدت على سماعه لكن الذي جعلني أنصت أكثر هو عدم تصديقي سماع هذا الصوت مجددا في شارعنا، إنَّه صوت حمادة وهو يجول بعربة الخضار ينادي "معانا خضرة"، خرجت وإذا بي أراه فعلا، سألته ماذا تفعل هنا: "قال إني أبيع الخضار كالعادة". الم تسافر إلى مصر مثل البقية ؟ قال لا لا أستطيع ترك ليبيا خصوصًا بنغازي، فهنا "آكل عيشي" واستطرد قائلا: "مثلي مثل أي ليبي أخاف مما يحدث وسيحدث، فالبلاد كلها ليست بأمان وخصوصًا بنغازي فما يجري لأهلها يجري علي أنا أيضا". وأضاف قائلا: "ما دام الناس تعاملني جيدا وأنا أعرف أهل المنطقة ومتأكد أنهم سيحمونني في حالة تعرضي لأي خطر فلماذا أسافر؟"، واشتكى حمادة من شيء واحد فقط ، هو عدم دفع بعض الناس لثمن الخضار التي يشترونها.
فيما يقول سعد بائع في محل خضروات: "الأمور والحمد لله بخير فأنا لم أتعرض للمضايقة من أحد ولم يتعرض لي أحد لأني أنا موجود هنا منذ زمن بعيد وأهالي المنطقة يعرفوني جيدا ويعاملوني كأني أحد أبنائهم". و يضيف قائلا: "إنَّ الوضع في بنغازي كله غير مطمئن للجميع ليس علينا نحن المصريين فقط فكما يخاف أهل بنغازي حتى نحن نخاف"، و يشير إلى أن أوراقه سليمة في حالة تم إيقافه في إحدى نقاط الجيش.
والتقينا أيضا بالعاملين الذين يجلسون منذ ساعات الصباح الأولى على جزر الدوران في بنغازي ومنها جزيرة الدوران في شارع عشرين، فقال أحدهم بعد سؤالي له عن جلوسه في مكان خطير كهذا: "لا يوجد شيء يخيف الوضع آمن والناس كلها في الشارع و الزحمة كما ترين".
و عن سؤالي ألا تخافون من القتل ؟ قال: "نحن نبحث عن لقمة العيش ولو لم نمت في بنغازي بالرصاص لكنا متنا في مصر من الجوع، وأتمنى فقط المعاملة الحسنة من الناس التي نعمل عندها".
هذا ويعمل المصريون الوافدون إلى بنغازي في الأعمال الحرفية مثل الحدادة والنجارة والسباكة أو كباعة في المطاعم ومحلات الخضار والبقالة.