دبي ـ وام
ارتبطت مشاريع التنمية ومشاريع البنية التحتية ومنذ البداية بتوجهات دول منطقة الخليج بتأسيس اقتصادات متقدمة وعلى درجة عالية من التنوع، ذلك أن أغلبية الخطط والاستراتيجيات التي وضعت اعتمدت على البدء من حيث انتهى الآخرون، في إشارة إلى استبعاد عملية التجربة والخطأ والبدء من الصفر، ذلك أنه لا مجال لإضاعة المزيد من الوقت والجهد والمال، وكان لها ما أرادت، حيث تشكلت النهضة العمرانية والبنى التحتية التي ما زالت مشاريعها متواصلة وبزخم كبير حتى اللحظة، لتنتج مجتمعة اقتصادات تتمتع ببنى تحتية قادرة على استيعاب كل التطورات الاقتصادية والتكنولوجية والسكانية، لتنتقل إلى مرحلة أخرى من الاستهداف لتصل إلى مراحل التميز على المستوى العالمي بكل مشاريعها، وما نتج عن تلك المشاريع من تطورات مالية واقتصادية وإنتاجية وتجارية . . .إلخ، لتصبح أغلبية دول المنطقة قادرة على المنافسة وقادرة على لعب دور ملموس على خريطة الاستثمارات العالمية خارج الحدود، وقادرة ايضا على المنافسة على العديد من القطاعات الانتاجية والخدمية، فيما تتوقع أن تستمر على الوتيرة نفسها استمرار مشاريع البنى التحتية النوعية المنتقاة التي تخدم تقدم دول منطقة في الوقت المناسب .
ما زالت المملكة العربية السعودية في المقدمة على مستوى حجم ونوع مشاريع البنى التحتية وعلى مستوى التنوع في الاستهدافات وعلى مستوى قيم الاستثمارات التي تم توجيهها منذ سنوات عدة، وتشير التقارير المعلنة إلى أن عقود مشاريع البنى التحتية لدى المملكة قد تجاوزت 400 مليار دولار منذ عام ،2008 ويتوقع أن تصل قيم المشاريع الجاري تنفيذها خلال العام الحالي ما يزيد على 61 مليار دولار، واستحوذت قطاعات التعليم والعقارات والنقل والكهرباء على التركيز الحكومي على مشاريع البنى التحتية، ويتوقع أن يصل حجم الاستثمارات المخصصة لتطوير وتوسيع العمل بمشاريع البنى التحتية لدى المملكة إلى ما يزيد على 750 مليار ريال حتى عام 2020 .
تقع وتيرة النشاط المسجل والمتوقع على مشاريع البنى التحتية والمشاريع العقارية السعودية في قلب خطط واستهدافات الدول الأجنبية، وتشير تطورات السوق إلى أن تسجيل حراك نشط بالتركيز الصيني على مشاريع البنى التحتية للمملكة أصبحت هدفاً رئيسياً لاستثماراتها خلال الفترة المقبلة، حيث تتجه الصين نحو تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية الكبرى يأتي في مقدمتها مشروع السكك الحديدية، إضافة إلى أن الصين تمثل شريكاً استراتيجياً في مجال الطاقة، فيما تجري مفاوضات جادة بشأن إنشاء المنطقة الحرة الخليجية الصينية، وتتجه السعودية وإسبانيا إلى تأسيس صندوق خاص بالبنية التحتية برأسمال يصل إلى مليار دولار لتمويل عدد من مشاريع البنى التحتية، إضافة إلى تأسيس صندوق استثماري بين رجال الأعمال بين البلدين يقدر بقيمة 5 مليارات دولار مخصص للاستثمارات المشتركة بين البلدين، وبات من المؤكد أن تزداد وتيرة المنافسة على المشاريع الجاري تنفيذها وتلك التي يتم التخطيط لها بين الدول الأجنبية، نظراً لضخامة المشروعات وتنوعها وديمومتها في المدى المنظور .
إن ما يحصل من حراك ونشاط متواصل على مشاريع البنى التحتية لدى قطر لا يقل أهمية من حيث القيمة والعدد والاستهداف والغايات والأهداف، ذلك أن مشروعات البنية التحتية تعتبر الداعم الأول للقطاع العقاري وبقية القطاعات الرئيسية، وأظهرت الموازنة العامة للدول زيادة ملحوظة في الانفاق على مشاريع البنى التحتية والمشروعات الرئيسية الجاري تنفيذها، فيما تقدر القيمة الإجمالية لمشروعات البنية التحتية بما يزيد على 75 مليار ريال التي اعتمدتها الموازنة للعام الحالي، ويأتي في مقدمة تلك المشاريع توسيع البنية التحتية ذات العلاقة بمرافق مونديال ،2022 إضافة إلى مشروع مطار حمد الدولي وميناء الدوحة الجديد ومشاريع سكك حديد الدوحة "الريل"، إضافة إلى مشاريع النقل وقطاع الكهرباء والماء وغيرها من المشاريع الحيوية، ويتوقع أن تصل حجم مشاريع البنى التحتية لدى قطر خلال السنوات الخمس المقبلة إلى 664 مليار ريال، فيما سيشهد قطاع صناعة مواد البناء تركيزاً استثماريا منقطع النظير نظراً لارتفاع الطلب على مواد البناء التي تواكب النشاط العمراني الذي تشهده الدول خلال الفترة الحالية والممتدة لعدة سنوات مقبلة انسجاماً مع استراتيجية ،2030 ومن المؤكد أن يلعب الحراك الحاصل على مشاريع البنية التحتية في رفع نسب النمو والانتعاش على النشاط العمراني والإنشائي ككل وأن القطاع العقاري على موعد مع مزيد من النمو والانتعاش بدعم من صدور قانون التطوير العقاري، يذكر هنا أن البيئة الاستثمارية لدى الدولة تتمتع بانخفاض مستوى المخاطر المصاحبة للاستثمار واستقرار سياسي وارتفاع دخل الفرد واستمرار الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر لمشاريع التنمية بكافة أنواعها وأحجامها وغاياتها .
يمر قطاع مواد البناء في عصره الذهبي لدى دول المنطقة خلال الفترة الحالية، مع اشتداد مستويات الطلب القادم من الزخم الاستثماري الذي تشهده مشاريع البنية التحتية ومشاريع البناء والتشييد، ومن المتوقع أن تواجه مصانع مواد البناء والتجهيزات ذات العلاقة ضغوطاً سوقية كبيرة قد تعمل على إحداث تشويشات وتأخير على مراحل الإنجاز والتسليم للمشاريع الضخمة الجاري تنفيذها، والجدير ذكره هنا أن دول المنطقة لديها الكثير من مصانع مواد بناء الأساسية كالأسمنت والحديد، إلا أنه ومع دخول مراحل تنفيذ مشاريع الرئيسية ستواجه أغلبية دول المنطقة شحا في المصادر، الأمر الذي يتطلب الاستعداد المسبق وتأمين المصادر سواء كان بتوسيع الطاقات الإنتاجية للمصادر الحالية أو الترخيص للمزيد منها إضافة إلى إمكانية العمل على إدارة الإنتاج الكلي لدى دول المنطقة من مواد البناء، بحيث يتم تحويل الفائض إلى مواقع العجز من دولة إلى أخرى وهكذا .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر