مع اقتراب موعد الانتهاء السنوي من مسار إعداد مشروع قانون المالية للسنة المالية 2024، قبل تقديمه رسميا أمام مجلسَي البرلمان المرتقب افتتاح دورته التشريعية الخريفية منتصف أكتوبر المقبل، تبرز العديد من التساؤلات حول أبرز “الإصلاحات الضريبية والجمركية” التي من المفترض الشروع رسميا في تفعليها.
وتُولي الحكومة أهمية كبرى للسير قدما على درب ما دشنت العمل عليه في العامين المنصرمين من ولايتها؛ من خلال تفعيل وتنزيل أوراش مالية واقتصادية، أوردت بعض تفاصيلها في تقرير تتبع تنفيذ الميزانية والـتأطير الماكرو اقتصادي للسنوات الثلاث المقبلة 2024-2026.
استكمال إصلاح السياسة الضريبية
التقرير، تضمن في الشق الثالث والأخير منه الحديث عن “السياسة الضريبية والجمركية في مشروع قانون مالية العام المقبل”، موردا أن “السياسة الضريبية المتبعة في صلب مشروع قانون مالية 2024 تهدف إلى المساهمة في تمويل السياسات العامة وتحفيز النمو ودعم انتعاش اقتصاد المغرب”.
خارطة الطريق لهذه السياسة الضريبية وُضعت بموجب القانون الإطار رقم 69-19 بشأن الإصلاح الضريبي، المنشور عام 2021، والذي “يوفر مرجعا لتوجيه الإجراءات التي يتعين اتخاذها خلال مختلف مراحل تنفيذه”، أكد التقرير الرسمي ذاته لافتا إلى أنه “يُنفذ تدريجيا على مدى خمس سنوات (2022-2026)، مع مراعاة الأولويات التي حددها القانون الإطار”.
في هذا السياق، أعلن تقرير وزارة الاقتصاد والمالية أنه “بموجب قانون مالية 2024، سيتم استمرار الإصلاحات الضريبية التي بدأها قانونَا المالية لعامي 2022 و2023 وفقا لنفس المقاربة المتدرجة المتخذة”، واضعة كأهداف “تحديث إدارة الضرائب وتوفير مزيد من الوضوح للمشغلين الفاعلين من خلال ضمان استقرار نظامنا الضريبي بحلول عام 2026″؛ وهي أيضا مسألة مواءمة النصوص التشريعية والتنظيمية وتكييفها مع تطورات السياق الوطني والدولي، مع الحرص على إدماج البعد البيئي في الضرائب التي تفرضها الدولة.
“إدماج البعد البيئي”
أوضحت تفاصيل التقرير المذكور أن البعد البيئي/الإيكولوجي سيكون حاضرا بقوة في مضامين مشروع مالية 2024 من خلال “العمل على دراسة تطبيق ضريبة الكربون في المغرب وفقا لأحكام المادة 7 من القانون الإطار رقم 69-19 بشأن الإصلاح الضريبي”، من أجل “السماح للشركات المغربية بالحفاظ على قدرتها التنافسية الدولية تفاعلا مع آلية تعديل الكربون على الحدود الأوروبية”.
وبذلك سيُخصص عام 2024، حسب الوثيقة الرسمية، لـ”تصميم كيفية إقرار الضريبة المذكورة، ولا سيما من خلال تحديد نطاقها وطرق تطبيقها بالتشاور مع القطاعات الوزارية المعنية، وعبر الدعم التقني من المؤسسات المالية الدولية”.
الضريبة والطاقة
ورش آخر لا يقل أهمية هو “تعزيز النجاعة الطاقية”. وتعتزم الحكومة، في هذا الصدد، البدء في “تشجيع المستهلكين على استخدام المعدات الأكثر اقتصادا من حيث استهلاك الكهرباء؛ من خلال تطبيق ضريبة على الاستهلاك الداخلي على المعدات المعنية التي سيتم التمييز بين حصصها، وفقا لمؤشر كفاءة ونجاعة الطاقة الخاص بها”.
وقد بدأ هذا النهج خلال قانون المالية 2022 بـ”إدخال ما سمي ‘ضريبة خضراء ‘ داخلية على الاستهلاك (TIC) على المعدات الكهربائية الأكثر استعمالا، مشيرا إلى أنه إجراء “مستمر لتنزيل التزامات المغرب بتشجيع الإجراءات الرامية إلى حماية البيئة والتنمية المستدامة؛ وهو في الواقع يتفق تماما مع أهداف القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي ومع الأهداف المحددة في خارطة الطريق للاستراتيجية الوطنية للطاقة (2009-2030)”.
ومن أجل “التطبيق الأمثل لهذا التدبير”، أضاف المصدر ذاته أنه “من المقرر أن يتم في عام 2024، بالتشاور مع الإدارات المعنية، وضع الصيغة النهائية للنصوص التنظيمية التي تجعل معايير نجاعة الطاقة إلزامية، مما سيسهل إنشاء نظام ضريبي فعال وفقا لفئة الطاقة من المنتجات والمعدات المعنية”، مسجلا أن ” وضع صيغتها النهائية سيجعل من الممكن النظر في توسيع نطاق الضرائب في إطار ضريبة داخلية على الاستهلاك لتشمل معدات أخرى كثيفة الاستخدام للطاقة لتوجيه قرارات الشراء لدى المستهلكين”.
تقرير التأطير الماكرواقتصادي للميزانية برسم السنوات الثلاث المقبلة لم يخْل من إيراد معطى مهم آخر مفاده “جعل التعريفة الجمركية على الواردات أكثر اخضرارا مراعاة للمعايير الإيكولوجية المعتمدة” ( Verdissement du tarif des droits d’importation).
وسجل التقرير أن الهدف من هذا الإصلاح هو “جعل هذه التعريفة أكثر مراعاة للبيئة ودعم تدابير السياسة البيئية في بعدها الإيكولوجي، حيث يمكن توسيع دور المصطلحات المعتمدة كأداة إحصائية للتجارة الدولية لتصبح أيضا أداة ووسيلة لدعم التجارة الدولية المستدامة”.
إصلاح TVA في 3 سنوات
من المرتقب، حسب وزارة الاقتصاد والمالية، أن تشهد سنة 2024 الشروع في إصلاح أكثر الضرائب إثارة للجدل في السنوات الأخيرة. يتعلق الأمر بـ”الضريبة على القيمة المضافة” (TVA)، “على مراحل وبمنهجية تدرج تمتد طيلة ثلاث سنوات (2024-2026)”؛ ما يعني استغراق هذا الإصلاح وتنفيذ مضامينه على مدى يصل إلى ثلاثة قوانين مالية متتالية.
التقرير وضع لهذا الإصلاح هدفا أساسيا يتمثل في “تكريس مبدأ حياد ضريبة القيمة المضافة من خلال مواءمة الأسعار وتمديد الإعفاء إلى السلع الاستهلاكية الأساسية، كما جاء في التقرير الذي نشرته وزارة الاقتصاد والمالية.
في الواقع، يهدف الإصلاح على وجه الخصوص إلى “مواءمة معدلات ضريبة القيمة المضافة تدريجيا، من أجل التخفيف من العقبات التي تواجهها المقاولات، من خلال استهداف بلوغ معدلَيْن بحلول عام 2026 (معدل عادي بنسبة 20 في المائة ومعدل مخفض بنسبة 10 في المائة).
كما يرمي إصلاح الـTVA، والذي طالما نادت به النقابات واتحاد المقاولات على السواء، إلى “توسيع نطاق الإعفاء ليشمل بعض المنتجات الأساسية المستهلَكَة من طرف المغاربة على نطاق واسع (ضاربا المثال بالأدوية، واللوازم المدرسية، وما إلى ذلك…)، مع “ترشيد بعض الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة”، بالإضافة إلى “عقلنة الحوافز الضريبية وخطط عدم التقيد”، حسب الوثيقة ذاتها.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الأغلبية والمعارضة في البرلمان المغربي تسّتعدان لمعركة قانون المالية ومشاريع مُثيرة للجدل
الحكومة المغربية تعتمد أربع أولويات في إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2024
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر