القاهرة ـ وكالات
أكد خبراء الضرائب أن القرارات الضريبية الصادرة مؤخرا تثير اضطرابا كبيرا للعمل الضريبي في الواقع العملي خاصة ونحن علي أبواب موسم الإقرارات الضريبية.
وقال المحاسب القانوني أشرف عبدالغني رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية إنه في ظل صدور هذه القرارات بقرارات جمهورية نهاية شهر نوفمبر الماضي وإعلانها بالجريدة الرسمية في اليوم التالي تم إعلان رئيس الجمهورية إرجاء العمل بها وتكليف الحكومة إجراء حوار مجتمعي حولها بصورة شفهية وليس بقرار رسمي هذا الوضع نراه يؤدي حاليا إلي ارتباك شديد سواء علي مستوي الإدارة الضريبية أو قطاعات المجتمع الضريبي المختلفة وأطراف المعادلة الضريبية الرئيسيين "المصلحة. والممولين. والمحاسبين" وذلك لعدة أسباب أهمها القرارات الضريبية الصادرة رعم إعلان تأجيل تنفيذها إلا أنها تعتبر نافذة خاصة أنها أعلنت رسميا بالجريدة الرسمية وفي ظل القاعدة المعروفة أن التعديلات التشريعية للقوانين الضريبية يتم تطبيقها علي الفترة الضريبية بالكامل "سنة ميلادية" إذا صدرت في أي وقت من العام حتي لو كان ذلك في نهاية السنة كما هو الحال بالنسبة لهذه القرارات ومن هنا تبدأ المشكلة العملية حيث يجد الممولون من شركات وأشخاص طبيعيين وأيضا إدارة ضريبية أنفسهم في حالة ارتباك شديد في إعداد الإقرار الضريبي الجديد المفروض أن يتقدموا به لمصلحة الضرائب خلال الأيام القليلة القادمة وهل يعدون هذه القرارات علي أساس سعر الضريبة المقرر في قانون ضرائب الدخل قبل التعديلات المذكورة بسعر 20% أم يعدونها علي أساس سعر الضريبة المقرر بعد رفعه بالقرارات الجديدة إلي 25%.
ومع توقعات أن يمتد الحوار المجتمعي المطلوب من رئيس الجمهورية وفقا لتكليفه الصادر للحكومة بذلك إلي أكثر من شهر أو شهور الأمر الذي يضع الإدارة الضريبية والممولين ووكلائهم من المحاسبين القانونيين في حالة اضطراب وتساؤلات حول أحكام القانون التي ستعد علي أساسها القرارات الضريبية التي ستقبلها مصلحة الضرائب وهل ستكون وفقا لأحكام القانون قبل التعديلات المذكورة أم بعدها والوقت هنا حاكم وحاسم لأننا علي أبواب موسم الإقرارات بعد أيام قليلة والمفترض أن كل الشركات والممولين بدأوا بالفعل مراجعاتهم المحاسبية اللازمة لإعداد الإقرار.
وقال إنه لكل ما سبق نطالب رئيس الجمهورية والحكومة وبصورة عاجلة وقانونية سرعة التقدم بمشروع قانون بتأجيل سريان القرارات الضريبية الصادرة لفترة مناسبة أو إصدار تشريع بإلغاء هذه القرارات انتظارا لما سيسفر عنه الحوار المجتمعي حول هذه القرارات وعندها تصدر بذلك قرارات ضريبية جديدة حتي نتلافي ارتباك العمل الضريبي خلال موسم الإقرارات الجديد بما لذلك من آثار سلبية خطيرة علي كافة أطراف العمل الضريبي والحصيلة الضريبية في ذات الوقت.
أحداث الثورة
وطالب المحاسب القانوني أحمد شحاتة عضو جمعية خبراء الضرائب المصرية بمراعاة الكثير من الأحداث السلبية التي أثرت في إيرادات الممولين ومنها حوادث الحرائق والاتلاف التي تعرضت لها ملفات العديد من الشركات مما يجعل الموسم الجديد استثنائياً ويستوجب اتخاذ تدابير وآليات مناسبة لتجنب الخلافات المحاسبية حول المعالجات لهذه الأحداث.
وأشار إلي ضرورة إصدار برامج مراجعة ضريبية موحدة يلتزم بها المحاسب القانوني حال اعتماده الإقرار الضريبي للممول وفي المقابل يلتزم بها مأمور الفحص حال قيامه بالفحص الضريبي لإقرارات الممولين علي أن يتم إعداد هذه البرامج عن طريق تشكيل لجنة مشتركة من مسئولي المصلحة وممثلي الجمعيات الضريبية المهنية.
وأوضح أن أهم مزايا تلك البرامج تجنب حدوث اختلاف جوهري بين نتائج المحاسبين القانونيين ومأموري الفحص الضريبي بشأن الأوعية الضريبية حيث يتسبب هذا الاختلاف في فقدان الثقة بين الممولين والمحاسبين القانونيين من جانب وبين الممولين ومصلحة الضرائب من جانب آخر مما يتعارض مع الهدف الأساسي من إصدار قانون الضرائب علي الدخل الحالي.
وأشار المحاسب القانوني عادل بكري عضو جمعية خبراء الضرائب إلي أن قانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 جاء بنصوص هامة منها ما جاء بنص المادة 84 بما يفيد إلزام مصلحة الضرائب بقبول الإقرار الضريبي للممول علي مسئوليته كما جاء بالمادة 88 ما ينص علي إلزام مصلحة الضرائب بالاعتداد بالدفاتر والسجلات المنتظمة للممول وعدم إهدارها إلا في حال إثبات المصلحة عدم صحتها بموجب مستندات تقدمها كما جاء بنص الفقرة الثالثة من المادة 83 ما يفيد ضرورة أن يكون الإقرار الضريبي موقعا من محاسب مقيد بجدول المحاسبين والمراجعين وذلك بالنسبة لشركات الأموال والجمعيات التعاونية وكذلك الأشخاص الطبيعيين وشركات الأشخاص إذا تجاوز رقم الأعمال لأي منها 2 مليون جنيه سنويا وقد صدرت القواعد والتعليمات العامة رقم 1 لسنة 2006 بإجراء المراجعة الضريبية من قبل المحاسب القانوي قبل اعتماده للقرار الضريبي علي أن تتم تلك المراجعة وفقا لمعايير المراجعة المصرية والتي تقضي بالتخطيط والأداء لعملية المراجعة وإجراء فحص اختياري للمستندات.
وأوضح أحمد عبدالحكيم المحاسب القانوني عضو الجمعية أن المحاسبين القانونيين قد واجهوا صعاباً كثيرة في إقناع الممولين بأن الإقرار الضريبي المقدم من الممول في ظل أحكام القانون المنتظم من الناحية الشكلية والأمن من الناحية الموضوعية لا يسع مصلحة الضرائب سوي أن تقبله ولا تملك إهداره أو تعديله إلا في حالة عدم تقديم الممول حال الفحص الضريبي البيانات والمستندات المؤيدة لما جاء بالإقرار وذلك وفقا لحكم المادة رقم 90 من القانون.
إلا أن مشكلة إيجاد فروق ضريبية مازالت مستمرة الأمر الذي أدي لخلافات بين الممولين والمحاسبين القانونيين حال اعتمادهم للإقرار الضريبي حيث إن أسس الفحص الضريبي لم تختلف عن السابق وتسبب هذا في عدم إعطاء مؤشر للتفرقة بين المحاسبين القانونيين الذين يقومون باعتماد الإقرارات الضريبية للممولين وفقا لعمليات مراجعة ضريبية يلتزمون فيها بالضوابط المهنية والقواعد القانونية.
ولكل ذلك أصبحت هناك ضرورة ملحة لاتفاق مصلحة الضرائب مع الجمعيات المهنية الضريبية حول برامج مراجعة ضريبية تكون ملزمة للمحاسبين القانونيين حال اعتمادهم للإقرارات الضريبية كما تكون تلك البرامج ملزمة لمأموري الفحص حال قيامهم بالفحص الضريبي بحيث يكون تنفيذ برامج المراجعة سواء من قبل المحاسبين أو مأموري الفحص بمثابة مؤشر لبذل عناية الرجل المعتاد ومؤشراً علي أداء مهامه بشفافية تدفع لقبول الإقرارات وتمنع الخلافات الضريبية.
وتقول الدكتور زينب الأشوح أستاذة الاقتصاد بجامعة الأزهر إن النظام الضريبي الحالي يتطلب تغييرا شاملا من جميع جوانبه ومواده خاصة وأن الإسراف في فرض مزيد من الضرائب دون دراسة وبصورتها الحالية لن يتحملها المواطن ولن تحقق أهدافها المنوط بها وستؤدي بلا شك إلي حدوث ثورة أخري ومثال ذلك الضريبة العقارية.
أشارت إلي أنه مع بدء موسم الإقرارات الضريبية بعد إقرار الدستور نتطلع إلي حدوث تغييرات شاملة في نظام الضرائب وأن تكون هناك مراعاة خاصة لمحدودي الدخل ويضمن عدم تأثرها سلبا علي الاستثمارات الأجنبية والمحلية بجانب أن توضع حسب الأهداف الاقتصادية الحقيقية دون إرهاق للسوق في ظل تراجع الأجور والدخل.
حذرت من أن المبالغة في فرض الضرائب والتلاعب في الكثير من مواده سيؤدي إفلاس الدولة الأمر الذي يضطرها لطبع النقود دون غطاء نقدي وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة وضياع الودائع الموجودة لدي البنوك علي العملاء.
أشارت إلي أن أولي خطوات علاج النظام الضريبي هو إعادة هيكلة الأجور المبالغة فيها وتوزيعها علي الجهات ذات الأولوية القصوي مثل المشروعات الإنتاجية وغيرها المفيدة بالإضافة إلي وضع حد أدني للأجور بما يضمن حياة كريمة للمواطن في ضوء المتغيرات الحالية وضم بعض السلع الكمالية ضمن الأساسيات في المنازل مثل أجهزة الكمبيوتر والمكيفات وبعدها يتم فرض ضرائب حسب مستوي المعيشة بجانب فرض ضرائب تصاعدية علي الأنشطة الكمالية وغير المنتجة مثل النشاط الفني والرياضي ومنتجاته والسجائر والخمور وغيرها من الأنشطة التي لا تحقق قيمة مضافة في العملية الإنتاجية.
قالت إنه بالنسبة للضرائب علي المشروعات الاستثمارية فيجب تخفيضها لاسيما علي المستثمر الجاد الذيقوم بضخ أموال في مشروعات استثمارية حقيقية توفر فرص عمل وتحذر من فرض ضريبة تصاعدية عليها لأنها ستؤدي إلي هروبها لافتة إلي أننا في أمس الحاجة إلي تحقيق موارد مستدامة من هذه المشروعات حتي في حال تخفيض قيمة الضرائب عليها.
ويري الدكتور صلاح الجندي أستاذ الاقتصاد جامعة المنصورة أن البلاد دخلت مرحلة من التشبع والشعب أصبح غير قادر علي استمرار سوء الأوضاع الاقتصادية لاسيما وأن 50% منهم يقبعون تحت خط الفقر وأنه من غير المعقول فرض المزيد من الضرائب علي محدودي الدخل في ظل الظروف الحالية.
أشار إلي أن الحكومة لديها متأخرات ضريبية تصل إلي حوالي 65 مليار جنيه يمكن تحصيلها بالإضافة إلي ضرورة دمج الاقتصاد غير الرسمي في الموازنة العامة للدولة لأنها ستلزم العاملين في الشارع والباعة الجائلين بإمساك دفاتر ضريبية ودفع رسوم مقابل منحهم صفة الرسمية وإخضاعهم للمراقبة بالإضافة إلي ضرورة الحد من استيراد السلع غير الضرورية والتي لها بديل محلي.
أوضح أننا لدينا قوانين جيدة ولكن هناك بعض المواد تحتاج تعديلا خاصة فيما يتعلق بالضريبة التصاعدية والمشكلة الحقيقية تكمن في آليات التنفيذ مشيرا إلي أننا نعاني أزمات سياسية وظروف طارئة أدت إلي أزمات اقتصادية الأمر الذي يتطلب الحاجة معها إلي تحقيق الاستقرار وعودة الأمن بقوة للشارع وإعادة تشغيل عجلة الإنتاج لأنها الملاذ للبلاد للخروج من الأزمة الحالية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر