مع تزايد أعداد المصابين ب فيروس كورونا، وما يواكبه من تزايد مخاوف المواطنين والفاعلين الاقتصاديين من العودة إلى الحجر الصحي، اعتبر عبد العزيز الرماني، الباحث في الاقتصاد الاجتماعي، أن "الحجر" خيار سيء غير مرغوب فيه، لكن إذا اقتضت الضرورة اللجوء إليه فيجب أن يتم بطريقة مختلفة عن "الحجر الأول".
ويوضح الخبير الاقتصادي المغربي، في هذا الحوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الحجر الصحي يجب أن يكون شاملا، لكن يجب أن يقتصر على المناطق الموبوءة فقط، مبرزا، من ناحية أخرى، أن ترميم الاقتصاد الوطني بعد الخسائر التي ألحقتها الجائحة ينبغي أن يتأسس على قاعدة الحكامة، أولا وقبل كل شيء.
-هل تعتقد أن الحكومة قد تفرض حجرا صحيا جديدا؟.
لكي نكون صرحاء. ينبغي القول إن الحكومة تسير وفق ما خططه الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، الذي كان واضحا جدا.
لقد جاء في الخطاب الملكي أننا قد نعود إلى الحجر الصحي وتشديده في حال ما استمرت أعداد المصابين بفيروس كورونا في الارتفاع، رغم أن القرار ستكون له تبعات قاسية على الاقتصاد الوطني وعلى المواطنين.
- تعرف الإصابات خلال الأيام الأخيرة ارتفاعا مطردا، هل يعني هذا أننا نقترب من "الحجر الثاني"؟.
الأرقام التي تعلنها السلطات الصحية كل يوم كبيرة جدا، والبنية التحتية للمؤسسات الصحية محدودة ولا تقدر على استيعاب مزيد من المرضى إذا تزايدت أعدادهم، كما أن الأطر الصحية بذلت مجهودات جبارة خلال الشهور الثمانية الأخيرة وبلغت مرحلة متقدمة من الإنهاك.
وفي ظل هذا الوضع من البديهي أن نتساءل: ما العمل؟ وما هو الحل؟ مبدئيا يمكن القول إن الاقتصاد يمكن ترميمه إذا تضرر جراء تداعيات جائحة كورونا، ولكن الصحة العامة يصعب ترميمها.
- نحن إذن أمام معادلة معقدة؛ حماية الاقتصاد وحماية الصحة؟.
لنكن واقعيين، لا أحد يريد أن نعود إلى الحجر الصحي، ولكن إذا خرجت الأمور عن السيطرة، وكان لا بد من العودة إليه، فلْيكُن حجرا شاملا- أقول شاملا وليس جزئيا- في المدن الموبوءة فقط، وإذا ظهر اللقاح يمكن إعطاء الأولوية لهذه المدن أولا.
في الجانب المتعلق بالاقتصاد، دعني أستعمل هذه العبارة: الحجر الشامل ليس في صالح الأرزاق ولكنه في صالح الأعناق.
لقد ألحقت الجائحة خلال الشهور الماضية أضرارا وخيمة بالاقتصاد الوطني؛ أغلب القطاعات تضررت وإن تفاوت حجم الضرر، وهناك بعض القطاعات التي استفادت، مثل الخدمات والتغذية، ولكنها تضررت أيضا من ناحية التصدير. وإجمالا فإن الخسائر تبدو واضحة من خلال رقم مليار درهم الذي خسره اقتصادنا، وارتفاع نسبة البطالة إلى 13 في المائة، مع عشرات الآلاف من المقاولات التي تم إنقاذها بالقروض المضمونة من طرف الدولة.
- ماذا سيحصل، إذن، في حال طُبق الحجر الصحي ثانية؟.
الحجر الشامل سيعمّق الخسائر والأضرار، ولكن إذا كان لا بد منه فينبغي أن يقتصر، كما أسلفت، على المناطق الموبوءة. وهناك مسألة أخرى في غاية الأهمية، وهي ضرورة تعزيز حملات التوعية والتحسيس بخطورة الوباء من أجل دفع الناس إلى احترام إجراءات الوقاية، خاصة ارتداء الكمامات.
أعتقد أن التزام الجميع بارتداء الكمامات سيمكّن من رفع حالات الشفاء بوتيرة سريعة، وبالتالي تدارك الصعوبات التي يواجهها قطاع الصحة بسبب تزايد أعداد المصابين، والحد من الخسائر التي تكبدها الاقتصاد.
وإذا أضفنا شهرا واحدا من الحجر الصحي الشامل فإن الأضرار الاقتصادية ستكون أشدّ مقارنة مع المرحلة الأولى، وستكون الخسائر مضاعفة، لأن وضعيتنا الاقتصادية حين بدأت الجائحة كانت لا بأس بها، أما الآن فنحن نوجد في وضعية هشة.
- برأيكم، كيف يمكن ترميم مخلّفات الجائحة على المستوى الاقتصادي؟.
أشير أولا إلى أن اقتصادنا جد هش، ولو لم نلجأ إلى الخط الائتماني لوجدنا أنفسنا في وضعية أصعب بكثير.
الآن، علينا أن نفكر في ما هو أبعد، وهذا يتطلب الاعتراف بأن هناك سوء حكامة في تدبير المال العام. أعتقد أن غياب الحكامة وما يترتب عنه من محسوبية وزبونية ورشوة هو أكثر خطورة وأكثر تدميرا من فيروس كورونا.
وشخصيا لا يظهر لي أن هناك إرادة حقيقية لدى الحكومة من أجل إجراء إصلاح جدي. هناك فوضوية في اتخاذ القرارات، ولو كانت هناك حكامة ما كنا لنلجأ إلى استخلاص ضريبة التضامن من جيوب المواطنين.
قد يهمك ايضا
وزارة الصحة المغربية تعلن عن أرقام “مقلقة” بشأن الوضعية الوبائية
وزارة الصحة المغربية تكشف عدد الحالات الخطيرة والحرجة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر