مع التزامه بتحقيق الطاقة المستدامة والحدّ من الانبعاثات الكربونية، اتجه المغرب نحو نهج سياسة إطلاق مشاريع متعلقة بالطاقة الشمسية أو الرياح، وأيضا تطوير تقنيّات لإنتاج الهيدروجين باستخدام مصادر الطاقة المتجددة.ومن أجل جذب الاستثمار في مشاريع الهيدروجين الأخضر، أطلق المغرب قبل أيّام مشروع (عرض المغرب) ليتيح لمستثمرين في مصادر الطاقة المتجددة إمكانيّة الوصول إلى الأراضي والبنية التحتيّة والحوافز الضريبيّة.
وتوقّع الخبير في تكنولوجيا الطاقة المتجددة عبد الصمد ملاوي أن يحقق المغرب فوائد كبيرة من استراتيجية الهيدروجين الأخضر والمشروع الجديد، بما في ذلك خلق فرص عمل جديدة، مشيرا إلى الاستراتيجيّة الوطنيّة للطاقات المتجدّدة التي من المتوقع أن تخلق حوالي 100 ألف وظيفة بشكل عام، 10 إلى 15% منها في قطاع الهيدروجين الأخضر.وأبلغ ملاوي وكالة أنباء العالم العربي (AWP) بأنّ مشروع (عرض المغرب) من شأنه المساهمة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، مما سيساعد في تأهيل البنية التحتيّة الوطنية وسيعزز الاقتصاد الوطني.
وأكّد أنّ من شأن المشروع أيضا تقليل الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري، الذي يقلل بدوره من انبعاث الغازات الدفيئة، مضيفا "وذلك حسب ما جاء في التعهدات المغربية بخفض هذه النسبة إلى 45.5%، وهو ما سيمكّن من تحسين جودة الهواء من خلال تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالمغرب".وقال ملاوي إن المشروع "سيُمكّن من تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر الوطنية والمحليّة، مما سيعزز تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي سطّرها المغرب ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030، وكذلك تبعا للتعهدات الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة التي انخرط فيها المغرب".
وأضاف أن (عرض المغرب) سيعزّز القدرة التنافسية للاقتصاد المغربي والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، ممّا يمكّن المغرب من الحفاظ على موقعه الاقتصادي والتجاري مع الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص.وتشمل استراتيجية المغرب لتطوير قطاع الهيدروجين تعزيز البحث والتطوير في تقنيات الإنتاج النظيفة وتوسيع البنية التحتية للهيدروجين، بما في ذلك الشبكات ومحطات التعبئة. كما تشمل الاستراتيجية دعم الشراكات مع القطاع الخاص والعمل على تطوير السياسات والتشريعات لتعزيز استخدام الهيدروجين كوسيلة نظيفة للطاقة.
وأشار ملاوي إلى أنّ المفوضيّة الأوروبيّة اتّخذت قرارات تفرض ضرائب بصورة مرحلية على المنتجات التي تُسوق في الاتحاد الأوروبي والتي تُعتبر ملوثة للبيئة اعتبارا من 2024؛ وقال إن المغرب "معنيّ مباشرة بهذه القرارات، باعتباره شريكا أساسيا للاتحاد الأوروبي، حيث يمثّل حوالي 60% من التبادلات التجارية معه".
وستُفرض الضرائب الأوروبية الجديدة في مرحلتها الأولى على منتجات تشمل الصلب والإسمنت والكهرباء والأسمدة والهيدروجين.وقال ملاوي إن (عرض المغرب) سيساهم في تعزيز مكانة المملكة كرائد في مجال الهيدروجين الأخضر وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة بصفة عامة؛ وقال "حسب عدة دراسات، وخصوصا الألمانية، فإن المغرب يمكن أن يستحوذ على إنتاج أكثر من 4% من الهيدروجين الأخضر المسوّق بالسوق الدولية مستقبلا".
وتابع قائلا "تعزيز التعاون الدولي في مجال الهيدروجين الأخضر سيُمكّن من تعزيز الدور المغربي في المحافل الدولية كشريك مهم، وكذلك سيمكّن المغرب من نقل التكنولوجيا الخضراء، وخصوصا المتعلّقة بالهيدروجين الأخضر".يذكر أنّ المغرب أطلق قبل سنوات استراتيجية وطنية شاملة لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر بغية تعزيز الطاقة المتجددة كمشروع استراتيجي وطني يهدف إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وإنتاج 52% من الكهرباء النظيفة بحلول 2030 وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
وقال بيان صادر عن رئاسة الحكومة المغربيّة الأسبوع الماضي إنّ تفعيل (عرض المغرب) يهدف إلى تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر كعرض عمليّ وتحفيزيّ يتماشى مع احتياجات المستثمرين، بهدف جعل المغرب فاعلا تنافسيا في القطاع.وكشف البيان عن أنّ (عرض المغرب) يستهدف المستثمرين في إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقّاته، سواء كان موجّها للسوق الداخلية أو للتصدير، مضيفا أن الاهتمام الذي أعرب عنه نحو 100 مستثمر وطني ودولي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب يؤكّد المؤهلات الكبيرة التي يزخر بها المغرب في هذا المجال.
وجاء في البيان أنّ الدولة المغربية حددت عقارات عمومية تناهز مساحتها المليون هكتار، وأنّه سيتم خلال المرحلة الأولى توفير 300 ألف هكتار لفائدة المستثمرين، ستُوزع على قطع أراض تتراوح مساحتها بين 10 آلاف و30 ألف هكتار، وذلك وفق حجم المشاريع المرتقبة.ويمكن لمشروع الهيدروجين الأخضر أن يكون جاذبا للاستثمار في المغرب بسبب الاستدامة، إذ يُعتبر الهيدروجين الأخضر وسيلة نظيفة لإنتاج الطاقة والوقود، مما يجعله جاذبا للمستثمرين الذين يركّزون على الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
وصدر البيان الحكومي تنفيذا للتوجيهات الملكية الواردة في جلسة العمل التي ترأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وتعليمات الملك في خطابه بمناسبة الذكرى 24 لعيد العرش في 29 يوليو/تموز 2023، عندما دعا إلى الإسراع بتفعيل (عرض المغرب) في مجال الهيدروجين الأخضر "بالجودة اللازمة... والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين، في هذا المجال الواعد".
وسجّل البيان أنّه من المتوقع أن يكون الهيدروجين الأخضر موجِّها أساسيا للطاقة وأحد المحفزات الرئيسية للانتقال الطاقي والنمو المستدام في البلاد، موضحا أن (عرض المغرب) "ينطبق على المشاريع المندمجة، بدءا من توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة والتحليل الكهربائي، إلى تحويل الهيدروجين الأخضر، إلى الأمونياك والميثانول والوقود الاصطناعي، فضلا عن الخدمات اللوجستيّة ذات الصلة".
وبفضل موقعه الاستراتيجي بين أوروبا وأفريقيا، يمكن للمغرب أن يكون مورّدا للهيدروجين الأخضر للأسواق الأوروبية والأفريقية، ممّا يزيد من جاذبية الاستثمار. كما أنّ الدعم الحكومي يكفل أن يوفّر المغرب برامج تشجيع للمستثمرين في مجال الهيدروجين الأخضر، مما يخفّض من المخاطر ويزيد من العوائد المالية المحتملة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر