بكين ـ شينخوا
تشتكي واشنطن منذ فترة طويلة من إبقاء بكين عملتها ضعيفة بشكل مصطنع، وهو ما يساعدها على الفوز بأعمال التصنيع وتجميع ما يقارب أربعة تريليونات دولار من احتياطيات النقد الأجنبي.
لفترة من الوقت أثبت ارتفاع قيمة العملة أنه ترياق فعال؛ فوجود رنمينبي أقوى يعني وجود سندات أمريكية أكثر هدوءاً. وبين صيف عام 2010 وكانون الثاني (يناير) هذا العام، كان الرنمينبي قد ارتفع نحو 12 في المائة مقابل الدولار، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ نحو عقدين من الزمن.
لكن أسعار الصرف تزحف مرة أخرى إلى قائمة المواضيع التي ستكون محل نقاش، مع قلق الولايات المتحدة المتزايد من أن الصين تعود الآن إلى عاداتها القديمة. كان الرنمينبي من أسوأ العملات أداء في آسيا هذا العام، بتراجعه أكثر من 3 في المائة مقابل الدولار. وفي الأسبوع الماضي سجل 6.26 رنمينبي للدولار، وهو أدنى مستوى له منذ أواخر عام 2012.
ويعتقد معظم المحللين أن ضعفه يتم بتوجيه من البنك المركزي الصيني، الذي ثبت سعر الصرف عند مستوى يمكن للرنمينبي يتحرك في إطاره على نحو يدفعه للهبوط.
وفي آذار (مارس) وسّعت السلطات الصينية نطاق التداول اليومي إلى 2 في المائة فوق أو تحت سعر الصرف اليومي الثابت. وحين تؤخذ هذه الأمور معاً، تعمل هاتان السياستان على توجيه العملة إلى الهبوط وفي الوقت نفسه إعطاؤها الحرية للسقوط بشكل أسرع.
والنظرية السائدة هي أن بنك الشعب الصيني يستخدم عملة أضعف لدرء تدفقات "الأموال الساخنة" من المضاربين. كما أن شركات التصدير الصينية لديها سجل طويل في استخدام مقبوضات تجارية وهمية لجلب الدولارات الأمريكية إلى البر الصيني، ثم مقايضتها بالعملة المحلية والاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع سعر صرف العملة. وهذا يشوه البيانات الاقتصادية للصين ويدعم المزيد من المكاسب في العملة.
والمعركة لدرء المضاربات استمرت فترة أطول مما كان متوقعاً لها أصلاً ــ توقع كثير من المحللين استمرارها لبضعة أسابيع فقط عندما بدأت قبل أربعة أشهر. وربما يكون تردي المشاعر تجاه الاستثمار في الصين ــ حيث تظهر في سوق العقارات علامات على الإجهاد ــ ربما يكون قد أسهم في ذلك. لكن تراجع التدخل من قبل البنك المركزي يشير إلى تراجع الضغط المتصاعد على العملة.
ووفقا لحسابات بنك باركليز، كان هناك أكثر من ثمانية مليارات دولار تدفقات رأسمالية خارجة من الصين في نيسان (أبريل)، تبعتها ستة أشهر اتجه فيها نحو 140 مليار دولار في الاتجاه الآخر ــ يبدو أن شركات التصدير فهمت الرسالة أخيراً.
ويقول هاميش بيبر، استراتيجي العملات الأجنبية في باركليز، الذي يعتقد أن التدفقات الأخيرة يمكن أن تسمح لبنك الشعب الصيني "بالتراجع" عن دفع العملة إلى مزيد من الهبوط: "أتوقع أننا، من الآن فصاعداً، سنرى ارتفاعا في قيمة العملة، بالنظر إلى أن العمل يبدو وكأنه قد تم الانتهاء منه".
لكنَّ هناك جدلا متصاعدا داخل السوق حول ما إذا كان يجري بدلاً من ذلك استخدام الانخفاض المُدار في دعم قطاع التصدير المتعثر. وإذا كان الأمر كذلك، يمكن لانخفاض قيمة الرنمينبي مع ذلك أن يدوم فترة أطول، خاصة إذا كان مصحوباً بمزيد من الرساميل الخارجة من الصين.
واختارت بعض المصارف الاستثمارية خفض توجيهاتها الإرشادية. وخفض "جيه بي مورجان" أخيرا توقعاته لقيمة الرنمينبي إلى 6.15 مقابل الدولار بحلول نهاية هذا العام، وإلى 6.1 في نهاية عام 2015، وهذا يعادل ارتفاعاً في سعر الصرف نسبته 2.5 في المائة فقط خلال العام والنصف المقبلين، إضافة إلى مسيرة متقلبة على طول الطريق تفوق النوبات السابقة من قوة العملة. وإذا كان ذلك صحيحاً، فإن أعلى مستوى تم تسجيله في كانون الثاني (يناير) منذ 19 عاماً يمكن أن يتبين أنه سيكون مستوى الذروة حتى عام 2016 على الأقل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر