وسط توقعات باستمرار مصرف تركيا المركزي في رفع سعر الفائدة خلال الأشهر المقبلة مع استمرار ارتفاع التضخم... تعهد الرئيس رجب طيب إردوغان وضع حد لفقاعة الأسعار وتحقيق الاستقرار في الأسواق.
وقال إردوغان: «إننا نتخذ خطوات حاسمة للقضاء على المشاكل الناجمة عن التضخم في حياة شعبنا، وبدأنا نرى النتائج الإيجابية للإجراءات المتخذة من قِبل الحكومة والمصرف المركزي».
ولفت إردوغان في أول تعليق على قرار المصرف المركزي، برفع الفائدة إلى 25 في المائة يوم الخميس، إلى أن الأسعار تشهد استقراراً بطيئاً في سوق السيارات، الذي كان موضعاً لأكبر قدر من الانتقادات حتى الشهر الماضي فقط، كما سيستقر سوق العقارات والإيجارات قريباً.
وأضاف إردوغان، في كلمة خلال فعالية احتفالية بمناسبة الذكرى الـ22 لتأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة ليل الخميس - الجمعة: «سوف تشعر أمتنا براحة أكبر عندما تنكمش فقاعة الأسعار الباهظة، التي يسببها الجشع، وبخاصة بالنسبة لبعض المنتجات... ليس لدينا أي مشكلات فيما يتعلق بالصادرات والتوظيف والاستثمارات».
توقعات الفائدة والتضخم
ورفع مصرف «جي بي مورغان» توقعاته لتحركات أسعار الفائدة والتضخم في تركيا بعد أن رفع «المركزي التركي» سعر الفائدة بقفزة غير متوقعة بمقدار 750 نقطة أساس من 17.5 إلى 25 في المائة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس.
وخلص محللون في المصرف، في مذكرة بحثية، إلى أن «المركزي التركي» سيواصل زيادة سعر الفائدة 250 نقطة أساس في كل اجتماع شهري للجنة السياسة النقدية حتى نهاية العام ليصل سعر الفائدة إلى 35 في المائة بنهاية العام.
كما عدل «جي بي مورغان» توقعاته للتضخم بنهاية العام بالزيادة إلى 62 في المائة، من 57 في المائة في توقعات سابقة، قائلاً: إن التضخم سيزيد على 70 في المائة على الأرجح في مايو (أيار) 2024. وسبق أن توقع «المركزي التركي» أن يبلغ معدل التضخم السنوي 60 في المائة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) من العام المقبل.
وكانت التوقعات التي سادت الأسواق، قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية لـ«المركزي التركي» الخميس، ذهبت إلى أن المصرف سيقرر رفع الفائدة بواقع 250 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة إلى 20 في المائة، قياساً على النهج التدريجي الذي لم يلبِ توقعات السوق خلال الشهرين الماضيين.
وأحدث قرار «المركزي التركي» انقلاباً في أسعار الصرف وتراجع سعر الدولار بواقع 6 في المائة من 27.30 ليرة إلى 25.87 ليرة للدولار، لكن الدولار عاود ارتفاعه بأكثر من 1 في المائة في تعاملات الجمعة، مسجلاً 26.53 ليرة.
وأكد «المركزي التركي»، عزمه على مواصلة عملية التشديد النقدي من أجل خفض التضخم في أقرب وقت ممكن، وتعزيز توقعاته والسيطرة على سلوك التسعير. وذكر البيان أن لجنة السياسة النقدية تتوقع تراجع معدل التضخم في العام المقبل بما يتماشى مع تقاريره وبتأثير من خطوات التشديد النقدي.
وقال الخبير في مركز «كابيتال إيكونوميكس»، ليام بيتش، على «إكس»: إن رفع معدّل الفائدة، الأعلى بكثير مما كان متوقعاً، سيسهم في «طمأنة المستثمرين إلى أنّ العودة إلى سياسة اقتصادية تقليدية في تركيا سلكت مسارها».
مفاجأة كاملة
وحذر كبير الخبراء في مصرف «آي إن جي» في تركيا، محمد مرجان، من «فجوة كبيرة» لا تزال موجودة بين سعر الفائدة الرئيسي والتضخم الحالي والمتوقع، لافتاً إلى أن إبطاء التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة يستغرق وقتاً، متوقعاً استمرار الضغوط التضخمية في الأشهر المقبلة مع كبح ضعف الليرة.
وأرجع خبراء جرأة قرار «المركزي التركي» بشأن سعر الفائدة إلى تعيين 3 خبراء اقتصاديين مرموقين، من أنصار السياسة التقليدية، في لجنة السياسة النقدية الشهر الماضي، متوقعين أن رئيس المصرف المركزي، حفيظة غايا إركان، تسير نحو ترسيخ موقعها في قيادة المصرف.
وعدّ خبير الأسواق الناشئة، تيموثي آش، أن هؤلاء المصرفيين «يمنحون غايا إركان الدعم لتكون أكثر تشدداً في رفع أسعار الفائدة»، وأن «لدى (المركزي التركي) حالياً فريقاً مبهراً حقاً... وهناك ضوء في نهاية النفق».
وعدّ الخبير الاقتصادي التركي، شرف أوغوز، قرار رفع سعر الفائدة إلى 25 في المائة، الذي اتخذه الأعضاء الجدد في لجنة السياسة النقدي، «مفاجأة كاملة»، قائلاً: إنه بينما كانت جميع التوقعات تذهب باتجاه رفع سعر الفائدة ما بين 150 و250 نقطة أساس، رفعت اللجنة الفائدة بواقع 750 نقطة أساس دفعة واحدة.
وقال: «هذه علامة على الجهود غير العادية لمكافحة التضخم، ويبدو أن المصرف المركزي التركي تذكر أخيراً قانونه التأسيسي»، مضيفاً: «قرارات أسعار الفائدة السابقة كانت تُتخذ تماشياً مع اقتراحات الرئيس (إردوغان)، والآن نرى أن التعبيرات غير المنطقية في بيانات لجنة السياسة النقدية اختفت، وحلّت محلها تعبيرات (عقلانية)، وأن الإدارة الجديدة بدأت الآن تباشر عملها».
وأضاف أن قرار سعر الفائدة الذي اتخذه «المركزي التركي» كان، في الواقع، بمثابة «اختبار لصدق الإدارة الاقتصادية الجديدة»، وإن النقطة التي وصل إليها الاقتصاد في أيدي المديرين، الذين لم يتمكنوا من الخروج من نظرية أن الفائدة سبب والتضخم نتيجة، استلزمت «العقلانية» كضرورة حتمية لإزالتها.
مخاوف التدخل السياسي
ونبّه أوغوز إلى حقيقة أن التضخم لا تتم مكافحته فقط عن طريق رفع أسعار الفائدة، عادّاً أنه إذا دخل التضخم مسار الهبوط سيكون بوسع الثنائي وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك ورئيسة مصرف تركيا المركزي حفيظة غايا إركان، وفريقيهما مواصلة مهامهم، لكن إذا لم يتحقق رقم التضخم المنخفض، الذي سيقدم للناخبين، قبل الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) المقبل، على أنه قصة نجاح لإردوغان وحزبه، ستظهر أسماؤهم في الجريدة الرسمية عند منتصف الليل، حيث سيتم استبدالهم بآخرين يتلقون التعليمات وينفذونها دون مناقشة.
وعدّ أوغوز أن رفع سعر الفائدة إلى 25 في المائة ليس معناه القضاء على التضخم، لكنه يعطي تأكيداً على رسالة «الثبات على النهج التقليدي» الموجهة إلى الأسواق الخارجية، ويحيي الأمل في خفض أسعار الفائدة الحقيقية السلبية، ويساهم في تعزيز سمعة «المركزي التركي».
وخلص إلى أنه من أجل الحدّ من التضخم، كما قال «المركزي التركي» في بيانه الخميس، «يجب على جميع المؤسسات الاقتصادية أن تعمل بشكل متزامن ومتسق. وينبغي أيضاً أن يتجاهل المصرف المركزي» المعلومات المضللة والضجيج الذي ينشره اقتصاديو القصر (رئاسة الجمهورية)، الذين ما زالوا يقومون برحلات غير تقليدية إلى الفريق الجديد للاقتصاد، كما يجب منح الدعم السياسي لهذا الفريق.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر