دمشق ـ سانا
منذ بدء الأزمة في سورية لا يكاد يمر يوم إلا ويصب الإرهابيون جام حقدهم على أحد مكونات قطاع الطاقة الكهربائية كمحطات التوليد والتحويل وأنابيب إمداد تلك المحطات بالوقود اللازم ليتصدر هذا القطاع قائمة القطاعات الخدمية التي طالتها أيادي الشر في مشهد تخريبي يعكس طبيعة الإرهابيين الإجرامية وعقولهم
المتحجرة وقلوبهم المظلمة التي اعتادت على تنفيذ اعتداءاتها وجرائمها تحت جنح الظلام.
ووصلت كلفة التعديات التي تعرض لها هذا القطاع الحيوي والمهم من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة إلى نحو 215 مليار ليرة سورية حتى نهاية شهر آذار الماضي بينما استشهد 184 عاملا واصيب 162 آخرون بجروح مختلفة واختطف 38 عاملا.
وإنطلاقا من هذا الواقع كان من الضروري على وزارة الكهرباء اتخاذ جملة من الإجراءات لضمان استمرارية عمل قطاع الطاقة في ظل ظروف الأزمة التي تمر بها سورية حيث وضعت رؤية استراتيجية لعملها في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار حتى عام 2020 أخذت فيها بعين الاعتبار الأهمية المتميزة لقطاع الكهرباء وارتباطه بعمل القطاعات الأخرى وبالعملية التنموية الاقتصادية والاجتماعية والأزمة الحالية وانعكاساتها على هذا القطاع ومكوناته الرئيسية والتحديات التي تواجهه في مرحلة إعادة الإعمار.
وتتركز رؤية وزارة الكهرباء الاستراتيجية التي حصلت سانا على نسخة منها على تعزيز وتطوير عمل مؤسساتها ضمن محاور رئيسية أهمها إعادة تأهيل المنظومة الكهربائية وإصلاح الأعطال والأضرار التي سببتها المجموعات الإرهابية، ورفع أداء ووثوقية عمل المنظومة الكهربائية، وإعادة هيكلة قطاع الكهرباء، وتوسيع وتطوير قدرة توليد ونقل وتوزيع المنظومة الكهربائية، والاستفادة من الطاقات المتجددة وتشجيع مساهمة القطاع الخاص بالاستثمار في مجال توليد وتوزيع الكهرباء.
ففي مجال إعادة تأهيل المنظومة الكهربائية، تم وضع ثلاث خطط لمعالجة الأضرار الاولى إسعافية تهدف الى تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل فوري وإسعافي من خلال توزيع ورشات الإصلاح بحسب المناطق الجغرافية وعلى مدار الساعة تخصيص مبلغ2 مليار ليرة سورية في اعتمادات الخطة الإسعافية لعام 2014 لصالح
المؤسسة العامة لنقل الكهرباء بغية شراء أبراج وأمراس على التوترات 400 و230 و66 ك/ف.
أما خطة الوزارة الاسعافية الثانية فهي على المدى المتوسط وتهدف إلى إصلاح وتوفير التجهيزات اللازمة لإعادة تأهيل الشبكة الكهربائية وإعادة البنى التحتية لها مع الأخذ بعين الاعتبار تحديد الأولويات من ناحية المناطق والمدد الزمنية اللازمة للتنفيذ، في حين تتركز الخطة الثالثة على المدى البعيد وتهدف الى إعادة بناء البنية التحتية في المناطق كافة.
وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن مؤسستي نقل وتوزيع الكهرباء قامتا بتوفير بعض المواد والتجهيزات اللازمة لإصلاح الأضرار من خلال عقود أبرمتاها بتمويل ذاتي كما يتم توفير حاجة شبكات النقل والتوزيع من مواد وتجهيزات لازمة لتنفيذ أعمال الصيانة والإصلاح عبر اتفاقيات تمويل وتوريد مع الدول
الصديقة، حيث تم توقيع أكثر من 40 عقداً لتوريد تجهيزات شبكات نقل وتوزيع الكهرباء وقد بدأت المواد بالوصول إلى المرافئ السورية.
أما في مجال رفع أداء ووثوقية عمل المنظومة الكهربائية فقد أعدت المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء خطة لتحقيق التشغيل الاقتصادي الأمثل لمحطات التوليد وتحسين مؤشرات الأداء والكفاءة ورفع المردود تقوم على إعادة تأهيل المحطات القديمة وتنسيق المجموعات البخارية القديمة التي تتميز بمؤشرات أداء
منخفضة والتوسع بإحداث محطات توليد تعمل بمردود عالٍ وخاصة ذات الدارة المركبة التي قد يصل مردود بعضها إلى 60 بالمئة وكذلك استخدام محطات ذات دورة مشتركة لإنتاج الكهرباء والحرارة في آن واحد.
كما ستعمل مؤسستا نقل وتوزيع الكهرباء على تطوير عمل مركز التنسيق الرئيسي وتنفيذ مراكز تنسيق مناطقية لإدارة الطلب على الكهرباء وتحسين أداء وتشغيل المنظومة الكهربائية، وتجهيز شبكات النقل والتوزيع بالعدادات الإلكترونية في مختلف المفاصل وتطبيق برامج القراءة الآلية عن بعد ما سيساعد على ضبط الفاقد الفني، إضافة إلى زيادة عدد العاملين في مجال صيانة شبكات النقل والتوزيع وخطوط ومحطات تحويل والحمايات وتطبيق نظام تأشير حديث يعتمد على التجهيزات الآلية للحد من أخطاء المؤشرين ومعالجة الفاقد الفني من خلال زيادة مقاطع الشبكات وتخفيض نسب تحميل مراكز التحويل والتوسع في توزيع الكهرباء على التوتر المتوسط بدلاً من المنخفض لتقليل هذا الفاقد إلى أدنى مستوى.
أما فيما يخص إعادة هيكلة قطاع الكهرباء فإن الوزارة ستعمل على هذا الجانب بما يتناسب مع أسواق الطاقة العالمية، وإحداث جهة عامة للطاقات المتجددة مؤسسة- شركة-هيئة- لتقوم بنفسها أو بمشاركة القطاع الخاص في إنشاء وتشغيل مشاريع توليد الكهرباء بالطاقات المتجددة وبيعها إلى مؤسسة النقل أو
التوزيع، ودراسة إحداث صندوق لدعم الطاقات المتجددة، إضافة إلى دراسة إحداث جهة عامة لتحلية مياه البحر مؤسسة/ شركة/ هيئة يوكل إليها الاستفادة من محطات التوليد القائمة أو محطات الطاقة المتجددة.
وفي مجال تطوير وتوسيع قدرات توليد ونقل وتوزيع المنظومة الكهربائية فإن الوزارة ستقوم باحداث مشاريع تطوير قطاع التوليد من خلال تنفيذ محطات تقليدية لغاية عام 2020 واستكمال تنفيذ المشاريع المحددة في الخطط “المباشر بها وقيد فتح الاعتماد” والتي تأخر تنفيذ بعضها بفعل الأزمة وهي استكمال مشروعات توسع محطة توليد دير علي دارة مركبة باستطاعة 750 ميغاوات ومحطة توليد جندر دارة مركبة باستطاعة 450 ميغاوات ومحطة توليد تشرين البخارية باستطاعة 400 ميغاوات والبدء بتنفيذ مشاريع محطات توليد ذات دارة مركبة باستطاعة إجمالية نحو1550 ميغاوات.
كما ستعمل الوزارة على تنفيذ عدد من المشاريع قيد الإعلان حالياً وهي مشروع محطة توليد حلب الطريفاوي باستطاعة نحو 500 ميغاوات ومشروع توسع محطة توليد الزارة بمجموعتين بخاريتين باستطاعة نحو 500 ميغاوات، ومشروع محطة توليد دارة مركبة ذات محور واحد استطاعة 350 ميغاوات بالمنطقة الساحلية، والإعلان عن تجديد مجموعات تشرين البخارية باستطاعة 400 ميغاوات، والإعلان عن تجديد مجموعات التوليد في بانياس باستطاعة 650 ميغاوات،
والإعلان لإقامة محطة توليد كهربائية تعمل بالفحم الحجري المستورد من قبل القطاع الخاص باستطاعة 1000 ميغاوات وإعداد الدراسات الفنية والاقتصادية لإقامة محطة كهرومائية ادخارية في منطقة حلبية زلبية على نهر الفرات باستطاعة 1000 ميغاوات.
وفي مجال الطاقات المتجددة تعتزم وزارة الكهرباء تنفيذ عدد من مشاريع المزارع الريحية باستطاعة إجمالية تصل إلى 500 ميغاوات، حيث تم الإعلان حالياً عن 4 مشاريع باستطاعة إجمالية 250 ميغاوات، ثلاثة منها على أساس الاستثمار الخاص باستطاعة 200 ميغاوات في مناطق السخنة وقطينة في محافظة حمص
ومنطقة الحلس في محافظة القنيطرة، والمشروع الرابع باستطاعة 50 ميغاوات على الحدود الشمالية لبحيرة قطينة على أساس مفتاح باليد، كما سيجري الإعلان عن إنشاء مزارع كهروريحية أخرى باستطاعة 250 ميغاوات في المناطق ذات الكمون الريحي لاحقاً.
ولم تغفل وزارة الكهرباء إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية حيث ستعمل على تركيب أنظمة كهروضوئية لتوليد الكهرباء، من خلال الاستفادة من منتجات الشركة السورية الأوكرانية سولاريك المصنعة للواقط الكهروضوئية، وتركيب مئة ألف جهاز تسخين مياه بالطاقة الشمسية للأغراض المنزلية بدعم مالي من الحكومة وبسقف قدره عشرون ألف ليرة سورية لكل سخان، وذلك في إطار تطبيق القانون رقم 17 لعام 2013 الخاص بإحداث صندوق لدعم السخان
الشمسي المنزلي المحدث في وزارة الكهرباء.
أما في مجال نقل وتوزيع الكهرباء فان الوزارة تنوي إضافة عدد من محطات التحويل 400،230،66، ك ف وخطوط التوتر اللازمة لنقل الكهرباء واضافة خطوط 20 ك.ف جديدة والتوسع في إقامة مراكز تحويل بما يخفض أطوال شبكات التوزيع على التوتر المنخفض (4ر0) ك ف والعمل على استخدام تقنيات جديدة واستبدال العدادات الميكانيكية بأخرى إلكترونية في شبكات التوزيع وتنفيذ مشاريع ريادية للقراءة عن بعد في المرحلة الأولى واعتماد القراءة والتحكم عن بعد لخطوط ال 20 ك ف ومراكز التحويل الخاصة والعامة.
وايماناً منها بدور القطاع الخاص في رفد الاقتصاد الوطني وتشجيعه على الاستثمار في مجال توليد وتوزيع الكهرباء فان الوزارة ستعمل على البدء بتعهيد شبكات التوزيع القائمة للاستثمار من قبل القطاع الخاص بالأساليب التقنية الحديثة، واستصدار التشريعات اللازمة لذلك بما يخفض من الفاقد الفني والتجاري والسرقات ويحسن خدمات المشتركين ويزيد معدلات الجباية، وقد تم الإعلان عن مشروع للعمل في مجال تأشير وجباية فواتير الطاقة الكهربائية المستجرة بواسطة عدادات المشتركين في عدة مناطق بمحافظات دمشق وريف دمشق والحسكة وطرطوس واللاذقية.
كما ستعمل الوزارة في هذا الاطار على ايجاد آليات جديدة ومبتكرة لتمويل مشاريع توليد الكهرباء وخاصةً لتلك المشاريع التي يتم فيها استخدام الطاقات المتجددة وكذلك لمشاريع توزيع الكهرباء، والسعي لتطبيق الإعفاءات الضريبية والرسوم الجمركية المخفضة لمشاريع توليد الكهرباء وللشركات المحلية المصنعة والمستوردة للتجهيزات الكهربائية الكفوءة طاقياً أو التجهيزات المستخدمة في مشاريع الطاقات المتجددة بكل أنواعها وتشجيع مشاريع توليد الكهرباء باستخدام الطاقات المتجددة وذلك عن طريق شراء الكهرباء المنتجة بأسعار مناسبة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر