الدوحة ـ قنا
تمكن الاقتصاد القطري من تحقيق قفزات كبيرة خلال السنوات الأخيرة وهو ما جعله واحدا من أكثر الاقتصاديات نموا في العالم حينها، ومع استكمال معظم المشاريع الضخمة التي قامت بها دولة قطر في قطاع الغاز والبتروكيماويات والتي كان لها انعاكسا على طفرات النمو دخل الاقتصاد هذا العام ما يعرف بمرحلة النمو "المعتدل"، الذي أبرز ما يميزه هو اعتماده على التنوع الاقتصادي وعدم انحصاره في قطاع بعينه.
هذا النمو المعتدل عبرت عنه توقعات سعادة السيد يوسف حسين كمال وزير الاقتصاد والمالية بأن يحقق اقتصاد دولة قطر نموا بنسبة 5.4 بالمائة خلال العام الجاري مشيرا إلى أن توقعات النمو الاقتصادي خلال السنوات القليلة المقبلة سيكون حول 5 بالمائة سنويا.
وأفاد سعادة وزير الاقتصاد والمالية خلال تصريحات سابقة بأن جهود الدولة في تحقيق الاستغلال الامثل لمصادر الطاقة وتنويع النشاط الاقتصادي ساعدت اقتصاد قطر على تحقيق معدلات نمو قياسية خلال السنوات الماضية.
وأوضح أن قطر وضعت هدفا أساسيا في رؤيتها الوطنية 2030 وهو تحقيق الاستقرار المالي في اطار سعي الدولة إلى تحقيق التنوع الاقتصادي عبر استراتيجية للتنويع تشتمل على مشاريع عملاقة لانشاء بنية تحتية متقدمة تخدم مختلف القطاعات الاقتصادية.
ورغم أن الأمانة العامة للتخطيط التنموي رفعت تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي بشكل طفيف وصولا لمستوى 6.3 بالمائة مؤخرا إلا أن توقعات النمو الاقتصادي مازال يدور في إطار نفس نسب النمو المعتدلة.
وأرجع الدكتور صالح بن محمد النابت الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي زيادة تقديرات الأخير الامانة للنمو، للصعود الحاصل في أسعار النفط العالمية.
وجاءت تلك التقديرات خلال إطلاق النشرة المحدثة من الآفاق الاقتصادية في قطر 2012 2013 منذ قرابة أسبوعين، فيما كانت سابقتها المدشنة في يونيو الماضي قد قدرت نسبة النمو بنحو 6.2 بالمائة أي بزيادة قدرها 0.1 بالمائة فقط.
وأظهرت بيانات أولية لجهاز الإحصاء في مارس الماضي نمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر بالأسعار الجارية بمقدار 36.3 بالمائة خلال العام المالي 2010-2011، فيما بلغ معدل النمو نحو 14 بالمائة بالأسعار الثابتة لنفس الفترة.
من جهته ، قال السيد يوسف الجيدة، مدير التطوير الاستراتيجي لإدارة الأصول والصيرفة في هيئة مركز قطر للمال في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية إنه على مدى العقدين الماضيين، شهد الاقتصاد القطري نسب نمو سنوية مزدوجة الرقم، ففي عام 2011 بلغت نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي 14.1 بالمائة، بينما وصلت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 36.6 بالمائة مدفوعة بالارتفاع الكبير في أسعار بيع مشتقات النفط، مما جعل قطر واحدة من أسرع الدول نموا في العالم، مشيرا إلى أنه حاليا تباطأ هذا النمو في قطر بالتزامن مع إبطاء تنمية قطاع النفط والغاز في البلاد كما هو مخطط له. وبذلك نتوقع المزيد من النمو المعتدل خلال السنوات القادمة، والتي سوف تظل بطبيعة الحال قوية وفقا للمعايير الدولية.
وأضاف السيد الجيدة أنه طوال العقد الماضي وحتى عام 2011 نما الاقتصاد السنوي لقطر بنسب مزدوجة الرقم، وهذا النمو الذي تباطأ مؤخرا من المرجح أن يظل قويا وإن كان ذلك باعتدال لتستمر قطر في كونها الاقتصاد الأسرع في منطقة الخليج سريعة النمو، وهي في طريقها لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة بعد المملكة العربية السعودية، والأهم من ذلك أن الاستدامة هي من أهم خصائص هذا النمو.
وبين أن قطر تتحلى بأحد أعلى معدلات دخل الأفراد في العالم، وبها أحد أعلى نسب الأسر الثرية، كما أنها تحظى بأحد أعلى نسب الأفراد من ذوي الدخل العالي في العالم، ولديها معدل إدخار مرتفع جدا يقارب الـ 49 بالمائة، والتي هي أعلى بكثير من المتوسط الخليجي وتقارب ضعفي المتوسط العالمي. كما تضاعف عدد السكان فيها إلى 1.7 مليون نسمة خلال العقد الماضي وحتى عام 2010 وما زال في ازدياد سريع.
ونوه مدير التطوير الاستراتيجي لإدارة الأصول والصيرفة في هيئة مركز قطر للمال إلى أن برامج البلاد للبنية التحتية ستشكل فرصا ضخمة لقطاع الخدمات المالية، حيث من المتوقع أن يصل الإنفاق على البنية التحتية إلى 140 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة حيث يتطلب الاستثمار في استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 ضخ رأس مال إضافي، ليتجاوز بذلك الإنفاق المتوقع على البنية التحتية حاجز الـ 200 مليار دولار.
وقال السيد يوسف الجيدة، مدير التطوير الاستراتيجي لإدارة الأصول والصيرفة في هيئة مركز قطر للمال إن البنوك تستعد هى الأخرى لطفرة في تمويل المشروعات مع الانتهاء من خطط المشاريع وبحث المقاولين عن التمويل .. وهذا التمويل سيأتي من مصادر محلية ودولية على حد سواء. ويمكن أن يأتي التمويل من الشراكة العامة الخاصة أو من إصدارات السندات - وكلاهما يدعوان إلى الالتزام من قبل المؤسسات المالية.
ونوه إلى أن الخدمات المالية تلعب دورا رئيسيا في تنويع الاقتصاد القطري، فقطاعات الخدمات المالية والتأمين والعقارات والأعمال هي الآن من أكبر المساهمين في الناتج المحلي الإجمالي بعد النفط والغاز حيث تساهم بنحو 10بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي متوقعا نمو هذه النسبة مستقبلا.
وأضاف أن قطر اضطلعت بسلسلة من المبادرات لتطوير القطاع المالي في البلاد، جزء منها هدف إلى تطوير قطاع إدارة الاستثمارات، وفي الوقت نفسه اتخذت تدابير أخرى لتعميق وتوسيع أسواق رأس المال حيث ساعدت إصدارات السندات على تشكيل منحنى العائد للديون السيادية .. كما تم البدء في برنامج سندات الخزانة، وأدخلت بورصة قطر تدابيرا جديدة للمساعدة على زيادة الإتاحة والسيولة وكفاءة سوق الأوراق المالية.
وعلى صعيد الاستثمار الأجنبي في قطر توقع السيد الجيدة إن يحدث نمو للثروات في قطر نتيجة لكونها الاقتصاد الأسرع في منطقة الخليج، وهو ما يعني زيادة الطلب على إدارة الثروات، وأن تتم هذه الإدارة محليا، وفي الوقت نفسه هناك خطط حكومية ضخمة للاستثمار في البنية التحتية، والتي سوف تتجاوز على مدى العقد المقبل الـ200 مليار دولار، وهو أمر سيؤجج الطلب على التمويل، الذي من المتوقع أن يأتي من مصادر محلية ودولية، وهو ما يعني زيادة اهتمام كل من الشركات المحلية والدولية بإقامة أعمالها هنا في مركز قطر للمال.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر