استأثر القرار المشترك الأخير الصادر بالجريدة الرسمية المتعلق بتعميم مبادرة “التجميع الفلاحي” على حوالي 28 مدينة مغربية باهتمام مراقبين، من مختصين في المجال الفلاحي أو من حماة المستهلك، لارتباط ذلك أساسا بمطالب ما تزال ترفع إلى اليوم بخصوص سن تدابير واقعية لغرض تخليص تسويق المنتجات الفلاحية من السماسرة والوسطاء.
وصدر بالعدد 7330 من الجريدة الرسمية القرار المشترك رقم 2478.23 لوزير الصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ووزير الصناعة والتجارة ووزير الداخلية، يقضي بتحديد قائمة المدن التي يمكن فيها تسويق الفواكه والخضراوات المنتجة في إطار التجميع الفلاحي مباشرة بدون إلزامية المرور عبر أسواق الجملة، مع التفصيل في نوعية الشروط المطلوبة لاكتساب صفة “المُجمِّع الفلاحي”.
ويتعلق الأمر بمدن الرباط وسلا وسطات وبرشيد وخريبكة والخميسات وتمارة والقنيطرة وسيدي قاسم ووزان والجديدة وأزمور والراشيدية وخنيفرة ومراكش وقلعة السراغنة وآسفي والصويرة وبني ملال والناظور ووجدة والحسيمة وتازة وتطوان والعرائش والقصر الكبير وفاس ومكناس.
وراهن مهتمون بارتدادات هذا الموضوع على تقنية التجميع الفلاحي كـ”أحد الحلول التي بإمكانها الحد من هيمنة الوسطاء على عملية تسويق المنتجات الفلاحية بالمملكة، بما يحدث الفرق سواء لدى المنتج أو المستهلك”، مؤكدين “ضرورة تعميم التجربة والسعي نحو إقرار تدابير بإمكانها أن تعطينا نتائج ملموسة على أرض الواقع وتشجع المهني على الإنتاج وإعادة الإنتاج”.
في حديثه عن الموضوع، قال رياض أوحتيتا، خبير فلاحي، إن “القرار المشترك يمثل واحدا من بين الحلول التي بإمكانها أن تكسر شوكة الوسطاء بقطاع تسويق المنتجات الفلاحية وتقليص عدد المتدخلين والسماسرة، الذين يضرون بالسوق الوطنية، سواء بالفلاحين والمنتجين أو بالمستهلكين كذلك الذين تصل إليهم ما أنتجته حقول وضيعات المملكة بأثمنة مرتفعة مقارنة مع ما تمت تأديته مقابلها لفائدة المهنيين”.
وأضاف أوحتيتا، في تصريح لهسبريس، أن “الملاحظة الأساسية في هذا الصدد أن القرار لا يشمل أسواق الجملة بالمدن الكبرى، كالدار البيضاء تحديدا المعروفة بتسويق عدد مهم من المنتجات الفلاحية. ونؤكد على معطى الصرامة؛ لأن الوسطاء من المعروف عليهم البحث عن مختلف الثغرات لاستغلالها لضمان تواجدهم من جديد بالسوق”، مشيرا إلى أن “فلسفة القرار تقضي بتحديد أشخاص ذاتيين أو معنويين أو مهنيين بتجميع المنتجات على مستوى منطقة جغرافية معينة وتوزيعها على نقاط البيع بالتقسيط”.
وزاد: “هذه الفلسفة تتلاقى كذلك مع هاجس تمكين الفلاح من هوامش ربح محترمة بعدما كان الوسطاء يسلبون منه بشكل أو بآخر انتاجيته مقابل ثمن بسيط، يجعله أقل ربحا في عملية البيع ككل؛ فالتّجميع الفلاحي في نهاية المطاف يشكل حلا نسبيا مساعدا للفلاح المنتج على تسويق منتجاته على مستوى نقاط البيع بالتقسيط، مما يشجعه من جديد على الإنتاجية خلال الموسم الفلاحي الجديد”.
وبيّن أوحتيتا أن “هذا القرار المشترك يجب أن يكون مصحوبا بعدد من القرارات الأخرى التي نتمسك بها، بما فيها تمكين مهنيي الفلاحة من بطاقة مهنية تميزهم بشكل قاطع عن الوسطاء وتوفر لهم امتيازات كالاستفادة من المحروقات بأثمنة تفضيلية بداية كل موسم فلاحي، إلى جانب تجاوز مجموعة من أشكال البيروقراطية؛ فالقطاع الفلاحي المغربي يحتاج كذلك إلى بوابة وطنية لأثمنة الخضر والفواكه كما هو معمول به مثلا في فرنسا، ستساعده على معرفة وضعية الأسواق وضبط معاملاته المهنية بشكل دقيق”.
ومن جهة حماة المستهلك، اعتبر نور الدين حمانو، رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقه، أن “التجميع الفلاحي كان من بين مطالب المدافعين عن المستهلك المغربي والمهتمين بالموضوع وامتداداته الاقتصادية والاجتماعية بالموازاة مع تأثر تسويق المنتجات الفلاحية الوطنية بكثرة الوسطاء، وهو ما يشكل حلا لإبعاد هؤلاء بشكل نسبي عن عملية البيع والشراء”.
مفصّلا في الموضوع، قال حمانو لهسبريس إن “من إيجابيات هذه البادرة المؤسساتية، تمتيع المستهلك والمنتج بأسعار تفضيلية لا تسبب الضرر لأي طرف، حيث يمكن أن يبيع المنتِج غلّته بأزيد مما كان يبيع به للوسيط الذي يحقق هوامش مهمة أكثر منه في نهاية المطاف”، مبيّنا أن هذه البادرة لن تكون ذات نفع كبير إذا لم يتم التوجه نحو تعميمها على مختلف المدن والمحاور السكنية الأكثر نشاطا”.
كما لفت رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقه إلى أن “القطاع الفلاحي لا يزال يحتاج إلى عدد من المبادرات الشبيهة التي بإمكانها أن تساهم في تشجيع الفلاح المغربي على الإنتاج والتسويق وإعادة الإنتاج، وتمكين المستهلك بدوره من منتجات ذات جودة وبأثمنة معقولة، بعدما ظلت إشكالية الوسطاء حاضرة ضمن عدد من تقارير المؤسسات الوطنية خلال السنوات الأخيرة التي ارتفع خلالها منسوب الغلاء”.
قد يهمك أيضاً
وزير الفلاحة المالاوي يُعرب عن عميق امتنانه للمغرب
ارتفاع حجم مفرغات الصيد البحري في ميناء الحسيمة بنسبة 9%
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر