قال محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، إن القرارات الجديدة المتعلقة بالسياسة النقدية، كان لها ردود أفعال دولية ايجابية جداً، موضحا أهمية اتخاذ هذه القرارات لحماية المقدرات المالية للبلاد.وانخفضت قيمة سعر الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي يوم الاثنين، بحوالي 14 في المئة، حيث سجل عند منتصف ليل الاثنين الثلاثاء 18.7 جنيه مقابل الدولار.وأوضح عامر أن هذه القرارات كان لها هدفان رئيسيان، هما الحفاظ على المقدرات المالية لمصر، وكذا الحفاظ على سيولة النقد الأجنبي، من أجل تأمين احتياجات المجتمع المصري، في ظل هذه الظروف الدولية الصعبة، لافتاً إلى أن الأهمية الأولى للبنك المركزي تتمثل في توفير السيولة، ومن منطلق السياسة النقدية كان لابد أن تتسق مع المتطلبات الدولية، لدى الأسواق الدولية وشركائنا الدوليين، الذين نحتاجهم في تمويل جزء كبير من احتياجاتنا.
ولفت إلى أن الحركة في أسعار الصرف كانت عملية تصحيح، فسعر الصرف في مصر محرر، وبالتالي يعكس الأوضاع النقدية والاقتصادية في العالم، وفي مصر، ونحن جزء من العالم.وأضاف: "لا يخفى على أحد أن التطورات في العالم كانت صعبة جداً خلال العامين الماضيين، ولكن بالتنسيق بين البنك المركزي والحكومة، وبدعم السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، نجحنا في تجاوزها، فخلال الأزمة الأولى وهي أزمة كورونا، والتي كانت أزمة عنيفة جداً، أطاحت بفرص عمل، وتسببت في بطالة بنسب كبيرة حتى في البلدان المتقدمة، وأدت إلى زيادة أسعار السلع، وبالتالي إفلاس كثير من الشركات الصغيرة، ولكننا قمنا في مصر بدور متميز في هذه الفترة، حاز على تقدير المراقبين الدوليين، من خلال الاستباق بإجراءات قوية لمواجهة كورونا، كما تمكنا حكومة وبنك مركزي، من أن ندافع عن مقدرات الاقتصاد، كأفراد، وكمؤسسات انتاج كبيرة أو متوسطة أو صغيرة، كما حافظنا في ظل أزمة كورونا على ميزان مدفوعات، وايرادات مصر من النقد الأجنبي، ومعدلات التنمية، ومستويات الأسعار".
مستويات التضخم
وأكد محافظ البنك المركزي أن قرارات الاصلاح الاقتصادي التي اتخذتها مصر منذ 5 سنوات، ساهمت في خفض مستويات التضخم، وأدت الى دفع جهود التنمية بشكل ضخم، فمشروعات التنمية بجميع القطاعات في مصر غير مسبوقة فى جميع القطاعات، وبالتالي فإن إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تمت في عام 2016 وفرت موارد ضخمة لمصر، من استثمار أجنبي، إلى نهوض البورصة المصرية، إلى ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج، التي تضاعفت بسبب الثقة.
وقال: "نحن ننظر الى ميزان المدفوعات وموارد مصر من النقد الأجنبي ونتخذ القرارات المناسبة، للحفاظ على هذه الموارد وحمايتها، لأن هذه الموارد هي الدماء التي تجري في شرايين الاقتصاد لتوفير السلع والخدمات لمصر، لأننا معتمدون بشكل كبير على شراء خدمات وسلع من الخارج، وبالتالي نجحت هذه القرارات، وأصبح لمصر سمعة في الأسواق الدولية، تتيح لها توافر الموارد للمعيشة اليومية للمجتمع، ولكل مشروعات التنمية".
وأضاف عامر: “الاستقرار النقدي مهم جداً للاقتصاد المصري، وقد نجحنا في عبور أزمة كورونا وحماية المجتمع من صدمة الأسعار، والحفاظ على مستويات أسعار الصرف، من خلال التدخل بالاحتياطيات الدولية، التي بناها البنك المركزي بعد برنامج الإصلاح، والتي كانت أحد أبرز مزاياه، ومصر من الدول القليلة في العالم التي لم تشهد زيادة أسعار، كما حدث في العديد من البلدان، لذا مررنا بأزمة كورونا بنجاح كبير وأخذنا شهادة دولية، في سياسات الحكومة المصرية في التعامل مع كورونا، وكان ضمن هذه السياسات المهمة في هذا الشأن، التوازن في عملية الاغلاق وعدم الاغلاق، وبالتالي هناك مؤسسات كثيرة استمرت في العمل ولم تفقد فرص العمل، وبالتنسيق مع رئيس الوزراء، تم ضخ أموال ضخمة، كسيولة في السوق المصرية، لنساعد كل المؤسسات، ألا تفقد القدرة على الانفاق على العمالة والانتاج، وأخذنا نحو 21 مبادرة خلال أزمة كورونا، منها تخفيض أسعار الفائدة للمقترضين، وضخ تمويل ضخم للقطاع الخاص وصل إلى 600 مليار جنيه في عام 2020، كزيادة في الائتمان في القطاع الخاص.
ولفت محافظ البنك المركزي إلى أنه في النصف الثاني من العام 2021جاءت أزمة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي بدأ وقتها في سحب سيولة الدولار من الأسواق العالمية، الأمر الذي تسبب في سياسة انكماشية، وبالتالي بدأت السيولة تهرب من الأسواق الناشئة، ومن ضمنها مصر، ونظراً للاحتياطيات القوية نجحنا في سداد جميع التزاماتنا الدولية في توقيتاتها، وتوفير كل احتياجات السوق المصري، خلال أزمة التضييق النقدي الذي قام به البنك المركزي الفيدرالي، وفعلا حافظنا على استقرار المؤشرات النقدية.
أزمة أوكرانيا
وقال عامر خلال المؤتمر الصحفي إن الأزمة الروسية الأوكرانية كانت مفاجئة وفرضت ظلالها على عدم استقرار الاقتصاد العالمي، وبالتالي أثرت أيضاً على مصر باعتبارها جزءاً من السوق الدولي، "حيث نتعامل مع السوق الدولي كل عام في حدود ما بين 100 الى 150 مليار دولار، من واردات وصادرات واستثمار وغيرها".
وأكد أن ما يتم اتخاذه من إجراءات تستهدف الحفاظ على ثقة الاستثمار الاجنبي، وثقة أسواق المال الدولية في مصر، هذا إلى جانب المحافظة على موارد مصر من النقد الأجنبي من خلال استمرار تحويلات المصريين المقيمين بالخارج.
وأوضح محافظ البنك المركزي أن ما حدث من إجراءات تصحيحية فيما يتعلق بسوق النقد الاجنبي، إنما يأتي انعكاساً لتطور الأوضاع والأحداث في الأسواق الاقتصادية العالمية والمصرية، مشيراً إلى تقارير المؤسسات الدولية الإيجابية، فيما يتعلق بتصحيح مستويات أسعار الصرف في مصر، حيث أصبحت تنافسية بالمقارنة بالدول الأخرى، وكذا تنافسية بالنسبة للصادرات، وأيضاً فيما يتعلق بتسعير الواردات بالأسعار المناسبة.
وفيما يتعلق بأسعار الفائدة، أوضح محافظ البنك المركزي أنه تم السيطرة على مستويات التضخم خلال السبع سنوات الماضية، وحافظنا على مستويات 3.5 و4% لفترات طويلة، مؤكداً أنه لم يتم تحريك أسعار الفائدة منذ عام 2017، بل تم الحرص على إعطاء أسعار فائدة مدعمة لقطاعات الصناعة والتشييد والبناء وغيرها من القطاعات.
وأوضح محافظ البنك المركزي أن التضخم الحادث في مصر مستورد من الخارج، وليس نتاج أمور تتعلق بالسياسات الحالية، مؤكداً أن ما تم من زيادة لأسعار الفائدة، إنما يأتي تشجيعاً للمواطنين على الادخار، مشيراً في هذا الصدد إلى ما أصدرته البنوك المصرية اليوم من شهادات بفائدة تصل إلى 18% ، وذلك تعويضاً للمدخر المصري عن زيادة أسعار السلع التي حدثت على المستوى العالمي، وتلبية لمتطلبات المجتمع، موضحاً أن عدد عملاء شهادات الاستثمار يصل إلى نحو 30 مليون عميل.
وجدد المحافظ التأكيد على أن السياسات النقدية ستظل دائما تعكس التطورات العالمية والدولية وكذا السوق المصري، لافتا إلى أن هدفنا المحافظة على موارد مصر من النقد الأجنبي، وذلك توفيراً للسلع الاساسية والاستراتيجية المطلوبة للمواطن المصري، هذا إلى جانب المحافظة على قنوات الاستثمار الأجنبي التي تسهم في توفير النقد الأجنبي، موضحاً أن ما تم اتخاذه من إجراءات تتعلق بتوفير كميات احتياطية من القمح، ساهمت في التعامل مع تداعيات الأزمات الحالية التي يمر بها العالم، وجعل مصر تؤمن احتياجاتها من هذه السلعة الاستراتيجية لمدة شهور.
وأشار عامر إلى أنه عقب تنفيذ اجراءات التصحيح عام 2016، وصلت تحويلات المصريين المقيمين بالخارج إلى 31 مليار دولار في العام بعد أن كانت تصل إلى 12 مليار دولار في العام فقط، وهذا يأتي ضمن ما نعتمد عليه في الاقتصاد المصري لتوفير الاحتياجات الخاصة بالتنمية.وأكد المحافظ أن القرارات الجريئة التي تم اتخاذها لدعم الاقتصاد المصري، تأتى في إطار التنسيق والتشاور المستمر بين البنك المركزي والحكومة، في اتخاذ ما يلزم من قرارات لحماية مختلف الموارد المالية خلال الفترة القادمة.
ونوه المحافظ، خلال كلمته، إلى قوة البنوك المصرية، وأنها مستمرة في تمويل كافة أوجه التنمية التي تتم على أرض مصر، ولديها مستويات عالية من السيولة، حيث أنها تسجل مستويات سيولة أعلى من دول أوروبية وأخرى على مستوى منطقة الشرق الاوسط، مؤكداً كذلك على قوة مؤسسة الرقابة على البنوك، قائلاً :"لدينا القدرة على المحافظة على أداء الاقتصاد المصري.. وتلبية احتياجاته"، مضيفاً نمر بظروف وتحديات صعبة جداً، ولكن نطبق الاجراءات العلمية بما يحافظ على اساسيات وقواعد المجتمع الاقتصادي.
قــــــــــــــد يهمك أيضأ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر