باتت أروقة شركات صناعة السيارات تتنافس فيما بينها، لتقديم نموذج يجمع بين الفائدة، والانفراد البعيد عن التقليد, ومع شركات مثل غوغل، وأوبر وغيرها التي تتسابق, لتطوير المركبات ذاتية الحكم بالكامل، قد يفسح المجال في النهاية إلى إمكانية خلق غرفة معيشة كاملة داخل سيارة, ولكن مع مهلة التطوير الطويلة، فإن المصممين يفكرون بالفعل في الطريقة التي ستغير بها هذه التكنولوجيا السيارات من الداخل.
وكشف هاكان كوستيبن، المدير التنفيذي للاستراتيجية والابتكار في وحدة أنظمة السيارات في شركة "باناسونيك"، وهي مورد رئيسي في الصناعة "عندما يكون الناس داخل سيارة ذاتية القيادة والحكم، فإن توقعاتهم ستتغير تمامًا، وأضاف أنهم سيريدون أن تربط مساحتهم الشخصية من التنقل الذكي بالمعلومات ذات الصلة بالعمل", عندما تكون السيارات ذاتية التحكم تمامًا، فهي تتحكم في كيفية جلوسنا، وترفيهنا، إذا لم تعد هناك حاجة إلى عجلات القيادة، "كيف يمكننا تكوين أفضل مقاعد للجلوس"، و "ما الذي ينبغي القيام به مع المساحة التي يشغلها الآن لوحة القيادة"، في الوقت الذي تعالج فيه السيارة جميع مهام القيادة وحتى تقرير متى تحتاج إلى خدمة، هذه هي كل التحديات التي يجري تناولها من قبل صناعة السيارات والمدارس التي تزودهم بالجيل المقبل من المصممين.
وعمل 14 طالبًا في كلية أرتسنتر للتصميم، واحدة من المدارس الرائدة في تصميم السيارات في العالم، على خلق مفاهيم جديدة للتصاميم الداخلية لسيارات المستقبل التي لم تعد مكدسة بالركاب، بفضل القيادة الذاتية، وتم اختيار المشاركين من تخصصات متعددة، بما في ذلك تصميم المنتجات والنقل والرسومات، من أجل تأجيج مناقشاتهم، وتم جلب المتخصصين في مجالات عديدة، كما قام خبراء استراتيجيون بصريون من مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا بالزيارة أيضًا.
وتفاوتت المقترحات، التي استعرضها المديرون التنفيذيون من شركة بي أم دبليو، وشركة الإلكترونيات "نفيديا"، وقسم الذكاء الاصطناعي لشركة "واتسون", وخلال مفهوم واحد، تم اقتراح عرض وسائل التواصل الاجتماعي على النوافذ، وجميع الأسقف الزجاجية، وخلق ما يعرف باسم إسقاط الواقع المعزز، بالإضافة إلى توفير معلومات سياقية عن المعالم السياحية، حيث أنه عندما يقود السيارة واختيار معلم سياحي يتم عرض مكانه بالتحديد، ويمكن أيضًا عند اختيار مطعم معين، يتم عرض تعليقات المطعم ونموذج الحجز عبر الإنترنت، ويتم دمج ألعاب الفيديو، وتوقعت مجموعة أخرى أن يكون التصميم للسيارة باعتباره بيئة متغيرة باستمرار، وذلك باستخدام الإضاءة المتغيرة ودرجات الحرارة لتتناسب مع المزاج المتغير ورغبات كل راكب، كما هو محدد من خلال تحليل أجهزة الاستشعار من الحالات الفسيولوجية والعاطفية.
واقترح ثالث استخدام الواقع الافتراضي ومقاعد الاستشعار عن الحركة لإعطاء الشاغلين شعور قيادة سيارة رياضية، حتى اذا كانوا ببساطة يركبون في سيارة ذاتية القيادة, هذه المفاهيم ليست فطرية، حيث أن خريجي مركز أرتسنتر قد قاموا بتصميم مركبات مثل سيارة "بي ام دبليو I3" الكهربائية ونموذج "تسلا S" - ولكن مع ذلك هي خطوة تتجاوز ما يجري تطويرها من قبل الشركات المصنعة للمركبات والموردين، الذين يجب أن تأخذ قيمة وسمعة العلامة التجارية وقبول المستهلك في الاعتبار.
وكانت باناسونيك واحدة من هذه الشركات، وهي تفكر في أفكار مثل تغيير الإضاءة الداخلية للسيارة اعتمادًا على الحالة المزاجية للراكب أو السماح للركاب الأطفال لبدء البحث للعثور على مكان قريب لوقوف السيارة, ومثل الطلاب في مركز أرتسنتر، تنظر باناسونيك أيضًا في استخدام الزجاج الأمامي للحصول على معلومات أو إعلانات إضافية, ورفضت الشركة القول كم كانت تنفق على أبحاثها، لكنها قالت إنه مبلغ "ضخم".
وتقوم بي إم دبليو بتجربة حفظ الأدوات على ارتفاع منخفض، عند الضرورة، فإن "السائق" أو الطرف المسؤول يتفاعل مع الضوابط من خلال أدوات التحكم التي تبدو أنها تحوم بالقرب من مستوى العين في الفضاء، وهذا يعني أنه لن يحتاج إلى تركيز عينه قبالة الطريق في حين ضبط درجة الحرارة أو تغيير المحطات الإذاعية، لتأكيد أن الأمر قد تم تسجيله، سوف يتلقى السائق ردود فعل تنتقل في الفضاء, وعندما تكون السيارة في وضع مستقل تمامًا، فإن الزجاج الأمامي يمكن أن يتحول إلى شاشة عرض واسعة، مما يسمح للركاب مشاهدة فيلم، وتكون المقاعد مثل المسرح تهتز في تزامن مع المؤثرات الصوتية.
وأكد هولغر هامف، رئيس شركة بي ام دبليو، "يمكننا دفع التكنولوجيا إلى الخلفية وجعلها موجودة فقط عند الحاجة إليها", وتقول شركة فاليو، ومقرها فرنسا وهو مورد السيارات لجنرال موتورز وغيرها من الشركات، إن لديها 14،000 مهندس يعملون على مشاريع السيارات المستقبلية، ورسم رؤية جديدة للراحة، ومجموعات النظم الحرارية، وقد أنفقت الشركة 1.6 مليار يورو، أو 1.75 مليار دولار، على هذا البحث والتطوير في العام الماضي وحده.
وتريد الشركة استخدام الضوء لتنبيه الركاب - الضوء البرتقالي المتوهج على الجانب الأيمن من السيارة من شأنه أن يشير أن الركاب إلى خطر مقبل، في حين أن الضوء الأزرق سيتحد مع تكييف الهواء للمساعدة في جعلهم يشعرون بالبرودة , وأضاف غيولام ديفاوشيل نائب رئيس فاليو للابتكار الجماعي والتنمية العلمية ، أنه باستخدام الذكاء الاصطناعي فإن السيارة ستتعلم تفضيلات ركابها من حيث اللغة والمناخ والترفيه ومن ثم تعديل نفسها وفقًا لذلك, السيارة يمكن أن تفهم حتى أن الراكب كان في صالة الألعاب الرياضية ويرغب في ضبط درجة حرارة المقصورة وفقًا لذلك، وتعتقد شركة "بوش"، وهي إحدى كبرى شركات السيارات الألمانية، أن السيارات ستتم مشاركتها في النهاية بدلًا من أن تكون مملوكة بشكل فردي، وبالتالي تعمل الشركة على أنظمة تسمح للمركبات بتخصيص نفسها تلقائيًا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر