القنطيره - المغرب اليوم
كأنّهنّ انتصرْن في معركة طويلة الأمد؛ هكذا بدت النساء السلاليات في دواوير بجماعتي بنمنصور وأولاد مبارك، ضواحي مدينة القنيطرة، بعد تمكّنهن من الحصول على نصيبهنّ كاملا من مبلغ تفويت الأراضي السلالية إلى المكتب الوطني للسكك الحديدية، لتمرير سكك القطار فائق السرعة.
إلى عهد قريب، لم تكن النساء السلاليات يستفدن لا من حقهن في أراضي الجموع، في حال تقسيمها، ولا من حقهن في مبلغ تفويتها، في حال فُوِّتت للدولة، بسبب معارضة الرجال السلاليين الذين ظلوا متشبثين برفض تمتيع المرأة بحقها من الأراضي السلالية، مشرعين هذا الحيف بالأعراف المتوارثة.
وفيما ظلّ الرجال السلاليون متشبثون بإقصاء النساء السلاليات من الاستفادة من حقهن، كانت هناك جهود تُبذل لتغيير عقليات الرجال من جهة، ولاستصدار قوانينَ كفيلة بحماية حقوق السلاليات من جهة ثانية. هذه الجهود تقودها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، عبر مرافعاتها المكثفة أمام المؤسسات المعنية، وعبر تكوين النساء السلاليات وإكسابهن مهارات الدفاع عن حقهن.
"النتيجة التي وصلنا إليها يعود فيها الفضل إلى الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، التي كان لها فضل كبير علينا، ولولاها ما كنا لنصل إلى النتيجة التي تحققت لنا اليوم؛ إذ نِلْنا حقا ظل مهضوما لسنوات طويلة"، تقول حجيبة أحرور، نائبة الجماعة السلالية بنمنصور ضواحي مدينة القنيطرة.
وتضيف هذه الفاعلة الجمعوية النشيطة، التي التحقت بالجمعية الديمقراطية لنساء المغرب منذ سنة 2008 واستفادت في ظلها من عدد من التكوينات، أن "فرحة النساء السلاليات اليوم كانت كبيرة جدا وهنَّ ينتظرن دورهنَّ للحصول على حقهن من مبلغ تفويت الأراضي السلالية إلى المكتب الوطني للسكك الحديدية مناصفة مع الرجال".
العمل الذي قامت به الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، التي تبنّت ملف النساء السلاليات منذ سنوات، بدأ يؤتي ثماره، بعد أن صار الرجال السلاليون "يقبلون" أنْ يقتسموا مع النساء عائدات الأراضي السلالية مناصفة، بعدما كانوا يرفضون مبدئيا حتى استفادة النساء ولو من جزء يسير من حقهن، فأحرى أن يقبلوا بقسمة قائمة على المناصفة.
"نحن سعيدات جدا بالنتيجة التي حققناها اليوم، لأنّ عملنا لم يذهب سُدى"، تقول حجيبة أحرور بثقة عالية في النفس، مضيفة أنّه حين كان يتمّ إعداد لوائح المستفيدين من عائدات تفويت الأراضي السلالية كان الرجال يرفضون فكرة استفادة النساء، "ولكن في نهاية المطاف لا يصحُّ إلا الصحيح، فحين يكون القانون إلى جانبك تتذلّل جميع العراقيل".
تشرح حجيبة أحرور أن الرجال السلاليين كانوا يرفضون حتى فكرة أن تستفيد المرأة السلالية من حقها في أراضي الجموع، موضحة بالقول: "كان منهم من يرفض حتى أن تستفيد أخته، ولكننا حاوَلنا أن نُقنعهم عن طريق الحوار، وليس الصراع، ليتقبلوا الفكرة التي نسعى إلى إيصالها إليهم بشكل تلقائي بعيدا عن أي ردّ فعل عنيف".
تعبّر حجيبة أحرور عن فخْرها بالعمل الذي قامت به النساء السلاليات مدعومات بالجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، قائلة: "اليوم ونحن نتجه إلى المكان المخصص للحصول على التعويض عن تفويت أراضينا إلى المكتب الوطني للسكك الحديدية، رأينا الرجال مرفوقين ببناتهم وأخواتهم. لقد تغيرت عقلياتهم كثيرا، وتقبّلوا أن تستفيد المرأة السلالية من حقها مناصفة مع الرجل".
وعن السبب الذي جعل الرجال السلاليين طيلة عقود من الزمن يرفضون استفادة النساء السلاليات من حقهن من أراضي الجموع، قالت حجيبة أحرور: "الأمر يتعلق بالتربية والتنشئة الاجتماعية التي نشأ عليها الرجال والإرث الثقافي الذي ورثوه عن أجدادهم"، مضيفة: "لم يكن سهلا تبديد هذه التراكمات. كنّا نناضل وكأننا نكسر صخرة، كنا نحارب عقلية ذكورية محضة، وبفضل إرادتنا نجحنا في تذويب هذه الصخرة التي كانت تعرقل نيْلنا لحقنا إسوة بالرجال".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر