الدوحة ـ قنا
اقام المقهى الثقافي أمسية خاصة عن الشاعر الراحل حسن توفيق بعنوان "سيرة ومسيرة"، وذلك يوم الخميس الماضي في السوق المقام على الواجهة البحرية بالحي الثقافي "كتارا" في انطلاق فعالياته خلال شهر رمضان المبارك .
وتناول المتحدثون في الأمسية إبداعات الشاعر الراحل وتجربته المميزة وتأثير الدوحة في أعماله الشعرية، إضافة إلى مواقف من حياته التي قضى منها 30 عاما في قطر، حيث عمل رئيسا للقسم الثقافي بجريدة الراية، ثم كاتبا متفرغا في جريدة الشرق، وتحدث في الأمسية كل من الكاتب والقاص جمال فايز والاعلامي والروائي الدكتور أحمد عبد الملك، والكاتب الصحفي الدكتور حسن علي دبا.
في البداية تطرق الكاتب جمال فايز إلى علاقته الإنسانية والمباشرة بالشاعر الراحل حسن توفيق، مشيرا إلى أنه رغم كونه شخصية لطيفة المعشر ومحبه للأخرين، غير انه كان جاداً في عمله كذلك ، وعبر عن مدى إصرار الشاعر توفيق خلال مسيرته على تعليم الأجيال الشابة فنون الشعر والأدب وتميزه بذلك عن غيره، حيث تتلمذ على يديه العديد من الكُتاب والشعراء، وساهم بشكل كبير في مجالي الأدب والثقافة وشارك بالكثير من الأعمال داخل قطر.
كما أكد على مدى حبه لدولة قطر وقال بأن عطاؤه لم يكن مقتصرا عليها فقط بل كان حريصاً دائماً على ايصال صوت قطر إلى الخارج، وارتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه الأرض ، واختتم جمال فايز حديثه قائلا لقد افتقدناه حقاً ولكنه سيظل حاضراً بما قدمه من أعمال أدبية ودراسات وسيظل حاضراً في قلوب كل من تعلم وتتلمذ على يديه.
بدوره أعرب الدكتور أحمد عبد الملك عن مدى حزنه لفقدان الشاعر حسن توفيق، الذي كان يحمل قضية يعتز بها خلال مسيرته والذي اتخذ اتجاهاً مميزاً وجديداً في مجالي الأدب والشعر .
وتحدث عن شخصية الراحل قائلاً بأنه كان يراه شخصاً قلقاً نوعاً ما، وعندما كان يزوره في المنزل كان يجد غرفته مليئة بالكتب في كل الزوايا، وكان يتميز بابتعاده عن الأضواء. كما وصف علاقته الشخصية والمباشرة بالشاعر الراحل حيث أنه صحح له الكثير من الأعمال الشعرية كان أحدها قصيدة كتبها ابان الغزو العراقي للكويت، وأكد د. عبد الملك على الدور الكبير للشاعر توفيق في التأريخ لدولة قطر من خلال ماكتبه في صحيفة الراية وغيرها.
من جانبه قال الدكتور حسن علي دبا الذي أدارة الأمسية عن الشاعر الراحل حسن توفيق لقد مرت عقود من الزمن ونحن معنا مع اختلاف في الرأي وفى الرؤى ولكن مساحة الاتفاق لرجل قد اتخذ الاستارتيجية الفكرية له لتكون البناء العروبي في كل المجالات سواء كان في الفكر أو في الأدب والشعر ، وقلت مرارا الرجل لم يدرس حتى الآن ولم يبرز دوره في بناء الشعر العربي المعاصر وأدعو إلى قيام دراسات علمية أكاديمية جادة حول دور هذا الرجل في الشعر العربي فقد استطاع أن يحافظ كثيرا على جذور الشعر وأن يحافظ على خليلية ابن أحمد في أوزانه ولكنه قد تطور وقدم شعر التفعيلة وهو بذلك ربما كان من القليلين الذين استطاعوا أن يقدموا التطور في الشعر العربي دون أن يفقد أصالته وهو بالطبع لم يكن يحب قصيدة النثر .
وأضاف دبا أن دور الشاعر حسن توفيق في الحياة الثقافية القطرية لا يمكن تجاهله بل إني أرى أن دور حسن توفيق في الثقافة الأدبية القطرية لن ينسى لعقود طويلة لأنه فتح ابواب الصحافة القطرية أمام الشباب وقدم كثيرا من القصاصين والشعراء والروائيين الذين يتربعون على عرش الشعر والأدب القطري حاليا ، لم يستطع أبدا أن ينسى الهم العربي في كل قصائده وكان منفعلا دائما بقضايا أمته وكم تناقشنا وكم طالبته أحيانا بأن يزيد جرعة الغضب مما يرتكب العدو الإسرائيلي لكنه كان يمسك بدفة دقيقة يستطيع أن يدير بها غضبته نحو قضايا أمته إمساكا دقيقا .
وأضاف الدكتور دبا أن الراحل حسن توفيق كان يقول عن نفسه أنه لا يعد شاعرا محترفا لأنه يقول الشعر حينما يريد فقد يمر عام ولا يتحدث عن أي قصيدة ولا يمر أسبوع إلا وينتج في كل أسبوع قصيدة والشب أأنه شاعر يعتبر نفسه هاويا وهو كما أسميته مرات " راهب في الشعر " لا تستطيع أن تمسكه أو تقيده في أي شيء نذر نفسه للشعر ولقضايا أمته فأنتج كثيرا كثيرا ولعل المخطوطات التي تركت يجب أن يعتنى بها بأي شكل من الأشكال وتقام حولها دراسات سواء إنتاجه المنشور أو غير المنشور .
هذا وقد حضر الأمسية عدد من أصدقاء ومحبي الشاعر حسن توفيق، الذين تطرقوا إلى جوانب شخصية من حياة الراحل، مؤكدين على دوره الفاعل في إنشاء جيل من الكُتاب والأدباء الذين تعلموا على يديه ، كما تطرق المتحدثون إلى افكار وقيم الشاعر حسن توفيق، مشيرين إلى الحس العروبي والقومي الذي كان يمتاز به، وتفاعله مع قضايا الامة العربية لا سيما القضية الفلسطينية. وقد تناوب على تقديم المداخلات العديد من اصدقاء الراحل، حيث حرصوا على التحدث في الأمسية، مثنين على اقامتها من قبل سوق كتارا الثقافي كتكريم للفقيد.
يشار إلى أن الشاعر الراحل حسن توفيق ولد في 31 أغسطس عام 1943 في القاهرة، وتخرج في كلية الحقوق لجامعة القاهرة في عام 1965 وحصل شهادة البكالوريوس، وفي عام 1978 حصل على شهادة الماجستير. نال جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عن ديوان "انتظار الآتي" مصر سنة 1990، كما نال جائزة أفضل قصيدة عن مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري.
وكانت آخر الأعمال الإبداعية للفقيد الراحل، ديوانه الشعري المعنون "حلم يتفتح في صخر"، والذي أصدرته إدارة البحوث والدراسات الثقافية بوزارة الثقافة والفنون والتراث، وضم الديوان مجموعة كبيرة من القصائد المتميزة متعددة الأغراض، وصدر له سعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث، والذي قال في تقديمه: إن القصيدة العربية العمودية احتفظت بمكانتها على مر العصور، وفي بداية القرن العشرين أخذت أشكالا متعددة بهدف التجديد، لكنها ظلت محتفظة بمكانتها في النفس العربية، ولم يتبق من الأشكال التي استحدثت وقتذاك سوى قصيدة التفعيلة التي كان حفاظها على موسيقاها وتحررها من القافية من أهم أسباب استمرارها، مشيرا إلى أن الشاعر حسن توفيق مزج في ديوانه بين القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، "تاركا لهاجسه الشعري اختيار الشكل الذي تظهر به القصيدة دون تكلف، ولعل هذا يجعل القصيدة معبرة تعبيرا أكثر دقة عما يجول في نفس الشاعر" ، من الجدير بالذكر أن المقهى الثقافي يقيم في كل يوم خميس فعالية في سوق كتارا الثقافي الذي تم افتتاحه مؤخرا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر