سيئول - يونهاب
أصدرت السفارة المغربية في سيئول بيانا صحفيا اليوم الجمعة بمناسبة الذكرى السبعين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال عن فرنسا والتي تصادف يوم 11 يناير . فيما يلي ما جاء في البيان بلسان السفير المغربي محمد شريبي.
يحتفل الشعب المغربي يوم السبت 11 يناير الحالي بالذكرى السبعين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال عن فرنسا التي شكلت صفحة منيرة في تاريخ الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة الملك الراحل محمد الخامس جد العاهل الحالي محمد السادس. وبهذه المناسبة الخالدة، يسرني كممثل لصاحب الجلالة بجمهورية كوريا أن أشاطر احتفال الشعب المغربي بهذه الذكرى العظيمة مع شعب وحكومة جمهورية كوريا الصديقة.
يخلد الشعب المغربي يوم 11 يناير من كل سنة ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال التي تشكل محطة متميزة في مسلسل الكفاح الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد من أجل الحرية والاستقلال.
ففي يوم 11 يناير سنة 1944، أقدم نخبة من المغاربة الوطنين ورموز حركة التحرير، يمثلون مختلف تيارات الرأي العام المغربي، على توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال وتقديمها لبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه وسلمت نسخة منها للمقيم العام الفرنسي ولممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا بالرباط، كما أرسلت نسخة منها إلى ممثل الاتحاد السوفيتي.
وقد طالبت هذه الوثيقة بإحداث تغييرات جذرية على السياسات المتبعة آنذاك بالمغرب كإلغاء نظام الحماية وجعل الإشراف على العلاقات الخارجية للدولة برئاسة هيئة مغربية وكذا الاعتراف الدولي باستقلال المغرب. وعلى المستوى الداخلي، حددت الوثيقة مجمل الإصلاحات التي كان الوطنيون يرغبون في تبنيها من طرف سلطات الحماية بإشراف ورعاية من جلالة الملك.
وقد أدى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال إلى إرباك حسابات الإقامة العامة الفرنسية التي كانت آنذاك منشغلة بتطور الأحداث على جبهات الحرب العالمية الثانية. وكرد على تقديم هذه العريضة، عمدت إلى تشديد الخناق على رواد حركة التحرير المغاربة باعتماد أسلوب القمع والاعتقال والنفي والمحاكمات الصورية و حتى الإعدام والقتل.
كما خلف تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال صدى عميقا في مختلف جهات المملكة إذ تلتها صياغة عرائض التأييد وخرجت جماهير غفيرة إلى الشوارع في مظاهرات تأييد حاشدة، أشهرها مظاهرة 29 يناير 1944 في الرباط وسلا وفاس وأزرو وغيرها من المدن والبلدات المغربية، ادت لسقوط عدد من الشهداء برصاص قوات الاحتلال.
وفي ظل اقتران رد السلطات الفرنسية على المطالب العادلة للشعب المغربي بلغة العنف والقمع والتقتيل، واجه الملك الراحل محمد الخامس مسنودا بقوى المقاومة ورموز الحركة الوطنية، مخططات الحماية بكل جرأة ورباطة جأش وواصل حمل مشعل التحرير من خلال زيارته التاريخية لمدينة طنجة في 9 أبريل 1947 تأكيدا على وحدة المغرب، وكذلك من خلال زيارته لفرنسا سنة 1950.
وأمام الترابط الوثيق بين العرش والشعب فشلت كل مؤامرات سلطات الاستعمار في الهيمنة وفرض مخططاتها الرامية إلى النيل من السيادة الوطنية مما دفعها، في 20 غشت 1953، إلى الإقدام على نفي رمز الأمة رفقة أسرته الشريفة خارج أرض الوطن معتقدة أنها بذلك ستحكم قبضتها على المغرب.
لكن وبفضل العزيمة والإصرار والمقاومة الشعبية، تحقق أمل الأمة المغربية قاطبة في عودة بطل التحرير ورمز المقاومة جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه من منفاه، حاملا معه لواء الحرية والاستقلال ومعلنا عن الانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر من أجل بناء مغرب قوي، حر و مستقل.
ولم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية إلا بداية لملحمة بناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال. وفي هذا المضمار، كان انطلاق جيش التحرير بالجنوب سنة 1956 لاستكمال الاستقلال في باقي الأجزاء المحتلة من التراب الوطني الذي قسمت أجزاءه إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الإسبانية بشماله وجنوبه، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي.
ولقد كان خطاب جلالته التاريخي بمحاميد الغزلان في 25 فبراير 1958 بحضور وفود وممثلي قبائل الصحراء المغربية موقفا حاسما لتأكيد إصرار المغرب على استعادة حقوقه الثابتة في صحرائه السليبة. وهكذا، تحقق بفضل حنكة وحكمة جلالته طيب الله ثراه وبالتحام مع شعبه الوفي استرجاع إقليم طرفاية سنة 1958 والذي جسد محطة بارزة على درب النضال الوطني من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية.
وسيرا على هذا النهج، خاض الملك الموحد جلالة المغفور له الحسن الثاني رضوان الله عليه معركة استكمال الوحدة الترابية ، فتم في عهده استرجاع منطقة سيدي إيفني سنة 1969 واسترجاع الأقاليم الجنوبية سنة 1975 بفضل المسيرة الخضراء المظفرة.
واستكمالا لمسيرات الملاحم الكبرى يواصل المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس مسيرة الجهاد الأكبر وتثبيت وصيانة الوحدة الترابية، وتحصين الانتقال الديمقراطي والإسراع به قدما إلى الأمام، وترسيخ مبادئ المواطنة الملتزمة، وتحقيق نهضة شاملة، وتعزيز مكانة المغرب كقطب جهوي وفاعل دولي ، وإذكاء إشعاعه الحضاري كبلد متشبث بالسلم والقيم الإنسانية المثلى و ملتزم بنصرة القضايا العادلة وبناء دولة الحق والقانون والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر