دمشق - سانا
إحدى مثقفات أواخر عهد التنوير وهي بنت فكر النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومفكرة النصف الأول من القرن العشرين.. أديبة وشاعرة ومناضلة... معلمة الجيل ومناضلة اجتماعية ضد الظلم والاستعمار ..قال فيها فارس الخوري ..يا أهيل العبقرية ..سجلوا هذي الشهادة .... إن ماري العجمية هي مي وزيادة إنها ماري عجمي التي قدمتها سلسلة أعلام خالدون الشهرية التي يستضيفها ثقافي أبو رمانة.
الباحث زهير ناجي قال في الندوة التي شارك فيها أيضا الكاتب عيسى فتوح إن فكر عجمي لم يدرس حتى الآن دراسة عميقة باعتباره فكرا تنويريا متعدد الجوانب ويحتاج إلى أكثر من قراءة سريعة ولا سيما فكرها الوطني النضالي لأنها عاشت في فترة مفصلية من تاريخ بلاد الشام هي النصف الاول من القرن العشرين.
وبين ناجي أن دفاع ماري عجمي عن اللغة العربية هو جزء من فكرها الوطني إضافة إلى فكرها الأدبي لافتا إلى أن المعركة كانت ولا تزال مع الامبرياليين والمعادين للأمة العربية وهي معركة تهديم اللغة العربية التي تشكل سور الدفاع الاساسي عن الأمة العربية مضيفا.. إذا كان الاعداء لم يستطيعوا الانتصار فلأن لغة هذه الأمة هي لغة القرآن وموحدة العرب.
أما عن فكرها الاجتماعي فقد تطرق الباحث الى دفاع العجمي عن المضطهدين وحديثها عن الفلاحين والعمال وعن الاصلاح الاجتماعي ودفاعها عن المرأة والدعوة إلى تحريرها وإلى اعطائها حقوقها واحترامها اضافة الى حديثها عن تطوير الاقتصاد الوطني ودعوتها الى تشجيع الصناعة الوطنية وإلى لبس ما ننسج وأكل ما نزرع ومقاومتها للصناعة الاجنبية التي بدأت تغزو البلاد انذاك وتدمر اقتصادها وتفقرها وتستعبدها ودعوتها الى نبذ التعصب الديني والاخاء بين الناس ناهيك عن فكرها السياسي الوطني المعروف الذي يحتاج الى دراسة عميقة.
وقال ناجي.. هناك الكثير من الادباء والكتاب الذين كتبوا عنها ومنهم الاديبة كوليت خوري التي دونت في مقدمة احد كتبها عبارات جميلة بينت فيها أن "ماري عجمي اسم تلألأ في فترة من تاريخ بلادي ثم غاب وطواه النسيان والاهمال وتخطاه ضياع الجيل الجديد".
من جانبه الكاتب عيسى فتوح تحدث عن عجمي من زاوية أنه عرفها وجالسها في مطلع ستينيات القرن الماضي بعدما تخرج من الجامعة وعمل في حقل التدريس في حلب حيث زارها في منزلها بدمشق وقدم على إثر هذه الزيارة محاضرة عنها في كل من المركز الثقافي العربي بحلب والنادي الكاثوليكي مصطحبا معه في تلك الزيارة أحد عشر مجلدا من مجلة العروس التي كانت تصدرها.
واستعرض فتوح في مداخلته بعضا من الجوانب النضالية للعجمي مبينا أنها استمرت في تحرير المجلة بقلمها الجريء حتى سنة 1925 حيث توقفت نهائيا بسبب مناهضتها الصارخة للاحتلال الفرنسي وأضاف أن الفرنسيين حاولوا شراء ضميرها بالمال فباؤوا بالخيبة والخذلان إذ رفضت رفضا نهائيا أن تتعاون معهم أو أن تجعل من مجلتها بوقا لهم كما رفضت من قبل الاذعان والاستسلام للأتراك.
وعن موقفها من الاستعمار التركي أوضح فتوح أن كفاح عجمي ارتبط بالدرجة الاولى بشهداء السادس من آيار فزارت السجون غير مرة ووصفت أحوالها وأحوال من فيها من السجناء السياسيين ورأت بأم عينها الأوضاع السيئة التي كانوا يعانون منها وألوان العذاب والاضطهاد التي تحملوها بصبر الجبال مبينا أنها وصفت جمال باشا بأنه شر طاغية ابتليت بها البلاد غير خائفة من عقابه ولا متهيبة مشانقه وجواسيسه فقد كان الشهداء بنظرها اولئك الذين قتلوا حبا بالاستقلال.
وهكذا استمرت تقارع الاستبداد وتندد بالمستبدين وتتخذ من قلمها سلاحا فعالا تحارب به بلا هوادة غير عائبة بالنتائج التي تترتب عليها وكانت قد اوقفت مجلتها العروس أكثر من مرة وتعرضت لغرامات باهظة في سبيل إعادة اصدارها ومنيت بالاخفاق المادي لكنها لم تخفق معنويا وفكريا إذ استطاعت أن تحرك الأذهان الغافلة وتوقظ الضمائر النائمة.
يذكر أن الأديبة ماري عجمي من مواليد عام 1888 وحاصلة على شهادتي المدرستين الروسية والايرلندية سنة 1902 عملت في التدريس والتمريض ثم في الصحافة بين مصر وسورية ومنذ ذلك الوقت كانت تكتب الشعر وتتقن أعمال الترجمة وفي عام 1910 أنشأت مجلة العروس التي ذاع صيتها وهي صاحبة عنوان الكتاب الشهري التاسع والأربعين لعام 2012 الصادر عن الهيئة السورية للكتاب دار البعث .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر