الرباط - وكالات
تنظم يوم السبت 7 شتنبر القادم ابتداء من الخامسة عشية بالمركب الثقافي سيدي بليوط بالدار البيضاء ندوة وطنية حول موضوع " الصحراء المغربية في السينما " بمشاركة المخرج هشام الركراكي والناقد ادريس القري والباحثين السينمائيين الدكتور يوسف آيت همو والدكتور بوشتى فرق زايد ، وذلك ضمن برنامج الدورة الخامسة للجامعة الصيفية للسينما والسمعي البصري ، المنظمة بمدينتي الدار البيضاء والمحمدية من 4 الى 7 شتنبر 2013 من طرف الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب ،بشراكة مع المركز السينمائي المغربي ووزارتي الاتصال والشباب والرياضة ومجلس جهة الدار البيضاء الكبرى ومجلسي الجماعتين الحضريتين للبيضاء والمحمدية . وفيما يلي أرضية الندوة التي أعدها الأستاذ والباحث يوسف آيت همو بتعاون مع الناقد والصحافي السينمائي أحمد سيجلماسي :
مما لا شك فيه أن للمخيال السينمائي خاصة وللثقافة البصرية عامة قدرة خارقة على حفظ الموروث الثقافي الأصيل للأمم والشعوب ، وعلى الدفاع عن القضايا الكبرى والجوهرية لمجتمع من المجتمعات .
وتعتبر الصورة السينمائية اليوم من أهم ركائز التحولات الثقافية التي عاشتها وتعيشها البشرية منذ أكثر من قرن من الزمان ، فهي وسيط أساسي لاثبات الوجود ونشر الوعي.
وفي هذا الإطار العام ينبغي طرح إشكالية علاقة الصحراء المغربية ، كفضاء وكقضية وطنية كبرى ، بالسينما المغربية أو الأجنبية، الشيء الذي يفضي بنا الى ابداء ثلاث ملاحظات أساسية هي كالتالي :
أولا: من المؤسف الوقوف على التعامل المحتشم جدا للإبداع السينمائي المغربي مع القضية الأم لكل المغاربة. فاحصائيا نجد أن عدد الأفلام الروائية والتسجيلية ، الطويلة والقصيرة ، التي اتخدت من الصحراء ، كفضاء وكقضية وطنية ، مصدرا للاستلهام ، جد قليل للغاية . فرغم ايمان المبدع السينمائي المغربي بكل قضايا الوطن العظمى نلاحظ شبه غياب فيما يتعلق بتبني قضية الصحراء المغربية فنيا وجماليا في سينمانا ، على غرار مجالات الأدب و الأغنية والمسرح وغيرها التي تميزت بانتاج كمي وكيفي لنصوص وأعمال فنية تبرز أهمية وقدسية الصحراء بالنسبة لكل المغاربة .
ثانيا : من المؤسف القول أن جل الأفلام القليلة التي استلهمت تيمة الصحراء المغربية لم تكن ابداعيا في مستوى تطلعات المغاربة لا من حيث عمق مضامينها ولا من حيث جودتها التقنية ولا من حيث طرق معالجتها الفنية. فباستثناء الفيلم القصير " طرفاية " أو " مسيرة شاعر " للمبدع الراحل أحمد البوعناني سنة 1967 والفيلم الطويل " طرفاية " أو " باب لبحر " لداوود أولاد السيد سنة 2004 وغيرهما ، تبقى جل الأفلام المغربية الأخرى قريبة من الروبورتاج التلفزيوني ومن الفيلم التقريري ، وبعيدة كل البعد عن الابداع الراقي صوتا وصورة وحكيا وتركيبا .
ثالثا : نلاحظ أن العدد الوفير من الأفلام الأجنبية الكولونيالية وما بعد الكولونيالية ، التي ركزت اهتمامها على الصحراء ، كفضاء سينمائي قابل للمغامرات والاكتشاف والتحدي والعنف والوحدة ومطبوع بالروحانية والعجائبية ، لم يخرج عن اطار الأفلام المنمطة والمقولبة ، الطافحة بالعديد من الكليشيهات حول الصحراء وسكانها ، والبعيدة كل البعد عن البحث في الخصوصيات الثقافية الصحراوية وفي الجماليات الخصبة والعميقة التي تميز المغاربة القاطنين بالأقاليم الجنوبية للمملكة .
وفي هذا الإطار ، لا يمكن ، كذلك ، تجاهل الأفلام التي ينتجها أعداء الوحدة الوطنية بإسبانيا وأمريكا وغيرهما ، والتي تتطلب منا كمبدعين ونقاد وباحثين ومسؤولين حكوميين وفاعلين جمعويين دراسة مضامينها وتفكيك رموزها حتى يتسنى الرد على أكاذيبها وتظليلاتها.
وبناء على ما سبق أصبح من الضروري ، وليس من باب الترف الفكري ، الاهتمام الجدي واللامشروط بالصحراء المغربية كفضاء وكقضية وطنية وكمجال لخلق وتطوير صناعة سينمائية بأقاليمنا الجنوبية الغنية بطبيعتها الخلابة وبثقافاتها المتنوعة وبساكنتها النشيطة والأصيلة . فبالموازاة مع التحدي السياسي والديبلوماسي القائم منذ عقود ، يجب العمل على وضع أسس متينة للتحدي السينمائي والفني والابداعي لمواجهة الخصوم بنفس سلاحهم .
ان اشكالية " الصحراء المغربية في السينما " يمكن مقاربتها من المداخل التالية :
- رصد أهم الأفلام المغربية والأجنبية التي تناولت موضوع الصحراء المغربية.
- البحث عن الأسباب والمعيقات التي تحول دون توفر كم فيلموغرافي مشرف حول تيمة الصحراء.
-التفكير في أنجع السبل لخلق وتطوير صناعة سينمائية ونشر وترسيخ ثقافة سينمائية جادة بأقاليمنا الجنوبية (مهرجانات، بلاطوهات تصوير، معاهد تكوين، أندية سينمائية...).
- الشروع في ترجمة الموروث الثقافي الحساني والطقوس الصحراوية إلى لغة السينما لتوثيقها صوتا وصورة ، نقلا لها من المستوى الشفاهي وحفظا لها من التلف والاندثار .
- التفكير في الدور الذي ينبغي على المركز السينمائي المغربي الاضطلاع به من أجل وضع وتطوير برامج سينمائية خاصة بالأقاليم الجنوبية بغية استنباث الاهتمام الجدي بالسينما وثقافتها كقاطرة للتنمية عبر مشاريع مدروسة يقوم بتنفيدها فاعلون وسينمائيون محليون بمساعدة الجهات المختصة مركزيا وجهويا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر