بيروت - وكالات
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ندوة في بيروت ناقش خلالها، نتائج استطلاع المؤشر العربي للعام 2012/2013، بحضور جمع من الباحثين والسياسيين.
وقد بدأت الندوة أعمالها يوم الاثنين 24/6/2013 بكلمة أوجز فيها الدكتور وجيه كوثراني، مدير المركز العربي - فرع بيروت، نشاطات المركز التي قال إنّها تقوم على توجّهين نظري وتطبيقي؛ يتكاملان على المسار المعرفي سواء من جهة استيعاب المفاهيم والمناهج أو من جهة استخراج المعلومات وتوثيقها عمليًا، معتبرًا المؤشر العربي من بين الدراسات المعرفية التي يعمل المركز العربي على تعميمها إلى جانب نشاطاته الأخرى.
ثمّ بدأ الدكتور محمد المصري المشرف على المؤشّر العربي شرح مواصفاته والآليات التي يعتمدها في استطلاع الرأي العام للوقوف على توجهاته بشأن القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بما فيها اتجاهات الرأي العام نحو الديمقراطية والمساواة والمشاركة وقيم المواطنة والصراع العربي - الإسرائيلي. فالمؤشر هو استطلاع سنوي لقياس الرأي العام، واستطلاع التوجّهات من خلال العيّنات الممثّلة للمجتمعات في البلدان العربية.
وذكر أنّ المركز العربي نفّذ الاستطلاع الأول من المؤشّر العربي في عام 2011/2012 معتمدًا على عينة مكونة من 16,173 مستجيبًا في 12 بلدًا عربيًا. وجرى الإعداد لمؤشّر العام 2012/2013 من خلال عقد ورشات عمل ضمّت مجموعة من الأكاديميين العرب وخبراء استطلاع الرأي والمسوحات الاجتماعية. وبعد أن جرت مراجعة استمارة الاستطلاع وإقرارها، بدأ العمل على عيّنات جرى اختيارها من 14 بلدًا عربيًا تُمثّل مجتمعاتها نسبة 89 في المئة من التعداد السكاني الإجمالي للمنطقة العربية.
وأوضح الدكتور المصري أنّ الاستطلاع نُفّذ ميدانيًا من خلال إجراء مقابلات وجاهية مع 20,350 مستجيبًا من ضمن عيّنات ممثّلة لمجتمعات البلدان التي شملها الاستطلاع خلال الفترة الممتدة من تموز/ يوليو 2012 إلى آذار/ مارس 2013 معتمدًا على فرق بحثية مؤهّلة ومدرّبة تابعة لمراكز ومؤسّسات استطلاع في تلك البلدان تحت إشراف فريق المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
وشرح العقبات والمشكلات التي واجهت الفريق البحثي خلال مرحلة تنفيذ الاستطلاع، وأوضح الآليات التي اعتمدها في اختيار العيّنات، فأشار إلى أنّ الفريق اعتمد العيّنة الطبقية العنقوديّة المتعدّدة المراحل والمستويات حتى تكون منتظمة وموزونة ومتناسبة مع الحجم (الريف والمدن والتقسيمات الإدارية والمحافظات والأقاليم). بعدها جرى احتساب نتائج الرأي العام لمجموع المنطقة العربية انطلاقًا من احتساب معدّل الرأي العام في كل دولة من دون تمييز في الحجم والمساحة أو عدد السكّان حتى لا تطغى وجهة نظر على أخرى. موضحًا أنّ مستوى الثقة بالاستطلاع تصل إلى 97 في المئة، وهامش الخطأ لا يتعدّى 3 في المئة.
بعد توضيح الآليات انتقل إلى شرح النتائج التي توصّل إليها المؤشر العربي من خلال استمارة الأسئلة التي ضمّت سبعة أقسام، وتضمّنت محاور شملت الأوضاع العامة في بلدان المستجيبين، والثقة بالمؤسسات (الحكومات، المجالس النيابية، أجهزة القضاء والأمن العام ومؤسسة الجيش)، والديمقراطية (تعريفها، وظائفها، والتأييد لها)، والمشاركة السياسية (من خلال قياس مشاركة المواطنين في نشاطات مدنية وسياسية، إضافة إلى الانتساب إلى المنظمات المدنية والطوعية والأحزاب)، ودور الدين في الحياة العامة والسياسة، ومصادر تهديد الأمن القومي العربي، والقضية الفلسطينية، والصراع العربي - الإسرائيلي، وتقييم الثورات العربية وتوقعات مآلاتها.
بعد الانتهاء من عرض تقرير المؤشّر العربي، دار نقاش معمّق تضمن مجموعة من التساؤلات والإيضاحات، بالإضافة إلى وجهات نظر ذات علاقة بما عكسته نتائج المؤشر، وقد تركزت مجموعة من التساؤلات على الأساليب التي يستخدمها المركز العربي في ضبط العمل الميداني والتدقيق في صدقية النتائج والمؤشرات.
وركز بعض الحضور على ضرورة أن يتضمن التقرير النتائج التحليلية للمؤشر وليس الاكتفاء بالتحليل الوصفي؛ أي أن يجري تحليل النتائج على أسس المتغيرات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية. كما تساءل آخرون عن عدم شمول الاستطلاع للبلدان العربية كافة والاقتصار على 14 بلدًا عربيًا. وتعرّضت المناقشات إلى أهمية استطلاع الرأي واستخدامها كأدوات بحثية في تحليل اتجاهات الرأي العام في كل بلد أو على المستوى العربي، وذهب النقاش إلى أبعد من ذلك فتناول بعض المفاهيم المرتبطة بالاستطلاعات بصفة خاصة وتوظيفها في العلوم الاجتماعية والإنسانية بصفة عامة. وفي هذا السياق، أكد البعض على ضرورة استخدام أدوات بحثية مساندة لتحليل المؤشرات الكمية في الاستطلاع. واقترح بعض الحضور أيضًا اعتماد المؤشر بعض الموضوعات لتصبح أسئلة ذات أهمية للتعرّف على الرأي العام تجاهها. وقد ثمّن الحضور هذا الجهد البحثي الكبير الذي قام المركز العربي بأخذه على عاتقه، وأهمية استفادة الباحثين والأكاديميين منه.
وتناول الدكتور محمد المصري في سياق نقاشه للملاحظات والتساؤلات التي أبداها الحضور، موضحًا أنّ هدف المركز العربي هو تنفيذ هذا الاستطلاع في البلدان العربية كافة التي تتوافر فيها أطر سكانية تسمح بسحب عينات ممثلة لمجتمعاتها، وتوافر مؤسسات بحثية ذات قدرات تقنية رفيعة تستطيع تنفيذ العمل الميداني. ومع ذلك، فإنّ ظروف النزاعات وعدم استتباب الأمن في بعض الدول العربية تحول دون تنفيذه فيها. كما أوضح أنّ إستراتيجية نشر نتائج المؤشر العربي تمر بمراحل متتالية؛ تبدأ بنشر النتائج الرئيسة من خلال التحليل الوصفي، يليها التحليل المعمّق القائم على تحليل علاقات الترابط بين المؤشرات المختلفة، إضافة إلى إتاحة البيانات للباحثين والمهتمين من أجل استخدامها في أوراقهم البحثية والأكاديمية.
وفي ختام الندوة أوضح الدكتور محمد المصري العقبات والمشكلات والتحديات التي تواجه كل استطلاع؛ ابتداءً من صوغ أسئلة محايدة غير توجيهية وانتهاءً بضبط عملية البحث الميداني؛ وهي من الأمور التي يحرص المركز العربي على انتهاجها تماشيًا مع معاييره العلمية الرصينة. وقد أوضح أنّ هناك لجنة علمية تشرف على تطوير استمارة المؤشر، كما أنّ جميع إجراءات المؤشر هي إجراءات محكّمة من قبل مختصين في مجال الإحصاءات والاستطلاعات. وشرح في النهاية الأسباب التي دعت إلى تساوي العيّنات بين جميع البلدان العربية من دون تمييز في المساحة والكثافة السكّانية؛ وذلك بهدف عدم التأثير في النتائج العامة حين يقوم المؤشر العربي بتجميع النسب لاستخراج الموقف.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر