دمشق - سانا
تتواصل في قلعة دمشق فعاليات الملتقى الأول للرسامين المتخصصين برسوم الأطفال في سورية تحت شعار "وطني محبتي" حيث يعكف ثلاثة عشر رساما على التعبير عن رؤاهم التشكيلية الخاصة والتي تجمع الكثير من جماليات عالم الطفولة ضمن تكوينات بسيطة ورهافة في اللون وقدرة على محاكاة ذهنية الأطفال عبر رسالة بصرية مميزة.
الفنانة التشكيلية لجينة الأصيل قالت في حديث لوكالة سانا: الملتقى بادرة جيدة بالنسبة لسورية وخطوة متميزة حيث يوفر فرصة للتلاقي مع فنانين مختلفي الأعمار والتجربة ما يتيح مجالا للحوار بينهم.. الكبير يرى الأصغر ويستفيد من ذهنيته الجديدة وحداثته والفنان الأصغر يستفيد من خبرة الأكبر وهذا مهم جدا على المستوى التشكيلي وفيه متعة كبيرة.
وأضافت الأصيل: ينبغي التعامل مع الأطفال بصدقية كبيرة ووضوح فالطفل صادق وبريء وممتلئ بالثقافة على عكس ما يظن الكبار لذلك يتطلب التعاطي الفني مع الأطفال عفوية وحبا فالطفل بحاجة إلى أن يشعر أن هناك من يهتم به بشكل دائم وعبر هذا الملتقى أشعر أننا نتشارك في البناء بروح من التفاؤل والأمل بالمستقبل ولاسيما أن الطفل متحرر بطبيعته ونحن الكبار من نحاول أسر تلك الطاقة الخلاقة لديه.
بدورها أوضحت الفنانة شذى حوراني العاملة في مجلة شامة أن الملتقى يأتي بمثابة تبادل ثقافي وبصري وحوار بين الفنانين المشاركين الذين يختلفون بتقنياتهم ورؤاهم التشكيلية وأفكارهم لافتة إلى أن هذا التلاقي بوجود الأطفال يقدم لها على الأقل إلهاما كبيرا ببراءتهم ونقائهم فالأطفال بحسب رأيها هم من يعلمون الكبار وليس العكس.
وعن لوحاتها التي ستقدمها في نهاية الملتقى بينت حوراني أنها تعكف على رسم ثلاثة أعمال مستوحاة من عنوان الملتقى "وطني محبتي" من خلال التعبير عن وطن الطفل بما يشمله من اللون والسعادة والفرح والأمان وذلك عبر مشاهد طفولية بامتياز.
الفنان أحمد حاج أحمد يجسد أفكاره عبر لوحة "أطفال الياسمين" وفيها تشكل أوراق الياسمين ببياضها جناحا للأطفال ودلالة على صفائهم وكونهم براعم الأمل بالنسبة لنا جميعا ورغم القتامة في استخدامه للون إلا أنها لا تحوي سوادا بل تميل إلى اللون الأخضر فهي بحسب تعبيره إما ظل أو الشيء المستور المنتظر.
ويعتبر أحمد أن رسامي الأطفال دائما في الظل ولا يسلط الضوء عليهم كثيرا وخاصة أنهم مرتبطون بين المادة الأدبية من جهة والطفل من جهة أخرى ولذلك لا يتاح لهم دائما الاشتغال على هواهم بل هم دائماً تابعين لشيء آخر لكنه يرى أن الهام في ملتقى رسامي الأطفال أنه يحفز الذاكرة الطفولية ويجعل الفنانين على صلة ببعضهم متمنياً أن يتواصل هذا الملتقى في السنوات القادمة.
في حديقة القلعة تحلق عدد كبير من الأطفال من مرحلة التعليم الأساسي الحلقة الأولى بمن في ذلك الأطفال من مراكز الإقامة المؤقتة وأبناء الشهداء ودور الأيتام حول بعض المراسم الصغيرة والطاولات ليعبروا عن مكنوناتهم باللون والتكوينات البسيطة فهذا الطفل يرسم علماً وذاك يلون شمساً والآخر يسأل الآنسة المشرفة عن كيفية رسم غيمة وطفل يلون مرجاً.
الطفلة مريم قاسو 7 سنوات قالت بلغتها البسيطة: رسمت ثلاث بطات على مرج بألوان العلم السوري وسأرسم الآن شمساً كبيرة وألونها ليفرح الجميع أما الطفل محمد قاسم فما زالت الريشة تخونه في إيصال فكرته لكنه رغم ذلك مصر على التلوين والرسم واهتدى أخيراً ليرسم قلباً غطى سطح الورقة البيضاء أمامه ولكنه بلون أخضر.
طلاب المعهد التقاني للفنون التطبيقية كان لهم حضورهم وتفاعلهم الإيجابي مع الأطفال فكانوا يرسمون لهم ويتركونهم يلونون أو يساعدونهم في مزج الألوان وتوجيههم إلى النقاط الأجمل في ما يفكرون برسمه والطريقة الأمثل لتحقيق ذلك.
وعن هذا الملتقى قال قحطان طلاع مدير منشورات الطفل في حديث لوكالة سانا: تأتي أهمية هذا الملتقى كونه الأول من نوعه في سورية والوطن العربي حيث يجمع فناني سورية المتخصصين في رسوم الأطفال ويوفر البيئة المناسبة والمريحة للرسم والإبداع في وضع استثنائي يمر به بلدنا إضافة إلى تنمية مواهب الأطفال وذلك من خلال المشاركة في ورشات رسم ونشاطات أخرى خلال أيام الملتقى.
وأضاف طلاع أن فعاليات الملتقى ستستمر يومياً بين العاشرة صباحاً والواحدة والنصف ظهراً وترافق ورشات الرسم مشاركة من طلاب المعهد التقاني للفنون التطبيقية الذين سيوثقون ما يتم ضمن الملتقى بالصوت والصورة حيث انه سيعرض في النهاية لوحات الرسامين المشاركين إلى جانب ما أنجزه الأطفال في قاعة العرش بقلعة دمشق مترافقة مع فيلم تسجيلي عن فعاليات الملتقى.
وأوضح مدير منشورات الطفل أن المشاركين في الملتقى إلى جانب لوحاتهم الصغيرة سيقومون برسم لوحة جدارية كبيرة تعبر عن حبهم لوطنهم وستكون مستقاة من معلم هام من معالم سورية كما سيتم نشر كتيب مرفق بمجلة أسامة يتضمن بعض اللوحات من نتاج الملتقى إضافة إلى صور الأطفال والرسامين ضمن ورشات الرسم بما يحقق جاذبية للأطفال للمشاركة في الملتقيات القادمة لافتاً إلى أن عدد الأطفال المشاركين كل يوم يفوق خمسة وعشرين طفلا وطفلة.
وقال طلاع: في ختام الملتقى ستقوم الهيئة العامة السورية للكتاب بتقديم بعض الهدايا للأطفال المشاركين إضافة إلى منشورات الهيئة الخاصة بالأطفال.
وتنظم الملتقى الذي يستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري الهيئة العامة السورية للكتاب منشورات الطفل بالتعاون مع المعهد التقاني للفنون التطبيقية ولن تقتصر فعاليات الملتقى على ورشات الرسم فحسب بل ستتم أيضاً دعوة بعض الفرق الموسيقية لتقديم العروض الموسيقية للأطفال.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر