لندن ـ المغرب اليوم
أكّد العلماء أنّ الاحترار العالمي سيسبّب ارتفاعًا في معدلات الوفيات في الدول الدافئة بنسبة تصل إلى 12.7 في المائة بحلول عام 2090 إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، حذر الباحثون من أننا قد نرى قريبا زيادة في معدلات الوفيات خلال الطقس الحار.
وقارن الباحثون الوفيات الناجمة عن الحرارة والبرودة عبر 451 موقعا في العالم، ووجدوا أن المناطق الأكثر دفئا من الكوكب ستتأثر بشكل خاص، وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أنه إذا لم يتخذ أي إجراء بحلول عام 2090، فإن معدلات الوفيات في جنوب شرق آسيا ستزيد بنسبة 12.7 في المائة، في حين سترتفع المعدلات في جنوب أوروبا بنسبة 6.4 في المائة، وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تظل معدلات الوفيات في البلدان الأكثر برودة كما هي أو حتى ستنخفض، مع انخفاض الوفيات المرتبطة بالبرد.
ودرس باحثون من كلية لندن للصحة العامة والطب الاستوائي الآثار الصحية المحتملة المرتبطة بتغير المناخ على درجة الحرارة، ويشير تحليلهم إلى أن المناطق الأكثر برودة مثل شمال أوروبا من غير المرجح أن تشهد أي تغيير في معدلات الوفيات، ولكن المناطق الأكثر دفئا يمكن أن تشهد زيادات كارثية، وقال الدكتور أنطونيو غاسباريني، المؤلف الرئيسي للدراسة إنّه "لقد أصبح تغير المناخ الآن معترفا به على نطاق واسع باعتباره أكبر تهديد عالمي للقرن الحادي والعشرين، وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة أظهرت ارتفاعا محتملا في الوفيات المرتبطة بالحرارة، إلا أن القليل كان معروفا عن مدى موازنة هذه الزيادة عن طريق خفض الوفيات المرتبطة بالبرد."
وتميل تلك الآثار إلى الاختلاف عبر المناطق، اعتمادا على المناخ المحلي وخصائص أخرى، مما يجعل المقارنات العالمية صعبة للغاية، وأضاف "توضح هذه الدراسة الأثر السلبي لتغير المناخ، الذي قد يكون أكثر تأثيرا بين المناطق الأكثر دفئا والأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، وفي بعض الحالات يؤثر بشكل غير متناسب على المناطق الأكثر فقرًا في العالم".
ويشير الباحثون إلى أن هذه الوفيات يمكن تجنبها إلى حد كبير إذا تم تنفيذ استراتيجيات التخفيف للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وأضاف الدكتور غاسباريني أنّ "الخبر السار هو أنه إذا اتخذنا إجراءات للحد من الاحترار العالمي، على سبيل المثال من خلال الامتثال للحدود التي حددها اتفاق باريس، فإن هذا التأثير سيكون أقل بكثير"، وفي الدراسة، استخدم الباحثون بيانات حقيقية من 85 مليون حالة وفاة في الفترة من 1984 إلى 2015، مع الأخذ بعين الاعتبار المناخات المختلفة والاقتصاد الاجتماعي والديموغرافيات، وقد أتاح ذلك تقدير مدى تغير معدلات الوفيات المرتبطة بالحرارة في إطار سيناريوهات بديلة لتغير المناخ.
وفي ظل أسوأ السيناريوهات التي تفترض أن انبعاثات الغازات الدفيئة ستستمر في الارتفاع طوال القرن الحادي والعشرين، يشير النموذج إلى أنه يمكن أن تكون هناك زيادات كبيرة للغاية في معدل الوفيات في المناطق الأكثر دفئا في العالم، ولكن في المناطق الأكثر برودة، فإن الاحترار الأقل كثافة سيؤدي إلى انخفاض الكبير في الوفيات المرتبطة بالبرد قد لا يعني أي تغيير أو حتى انخفاض طفيف في الوفيات المرتبطة بالحرارة، وفي ظل أفضل السيناريوهات التي تفترض حدوث ذروة مبكرة لانبعاثات الغازات الدفيئة التي تنخفض بعد ذلك، فإن التغيرات المحتملة في معدلات الوفيات ستكون ضئيلة، وهذا ما يسلط الضوء على فوائد تنفيذ سياسات التخفيف، وفقا للباحثين.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة، السير أندي هاينز، "توضح هذه الورقة البحثية كيف تتزايد معدلات الوفيات المرتبطة بالحرارة في غياب إجراءات حاسمة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والملوثات المناخية قصيرة الأجل مثل الميثان والكربون الأسود، ويمكن أن يؤدي هذا الإجراء أيضا إلى فوائد صحية كبيرة على المدى القريب من خلال خفض الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء، من الضروري أن نتخذ الإجراءات للبناء على إنجازات معاهدة باريس لأن الالتزامات التي تم التعهد بها هناك غير كافية لمنع الاحترار فوق درجتين مئويتين مقارنة بدرجات الحرارة قبل عصر الصناعة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر