واشنطن - المغرب اليوم
يوجد مثل إيطالي جميل يقول “إنه يصنع ثقباً في الماء”، للدلالة على شئ لا يوجد أمل في النجاح بعمله أبداً، لكن الباحثين في جامعة كوينز في بلفاست نجحوا في هذا الأمر المستحيل، وصنعوا ماء مليئاً بالثقوب مثل المصفاة، بعد ذلك، إذا قال أحدهم هذا المثال أمامك ثانية، سوف تضحك، وتقول إنه لم يعد صالحاً في هذا العصر.
التمكن من تصنيع فئة من السوائل التي تتميز بوجود الثقوب المستديمة فيها على المستوى الجزيئي، كان نجاحاً غير مسبوق، ولا تزال خصائص هذه المادة الجديدة مجهولة وغامضة لنا بشكل كبير، لكن الخاصية التي نعرفها الآن، هو قدرتها على الإمساك بذرات الكربون في ثقوبها، مثل المصفاة، أو غربال لفصل الغازات عن بعضها، هذا يبدو شيئاً لم نحلم حتى بالتفكير فيه !
المواد المسامية، هي سر كل شئ في عالم الهندسة، بسبب مساحة سطحها الأكبر، ووزنها الأخف، كما إن قدراتها على الغربلة تستخدم لتصنيع بطاريات عالية الأداء، مع مكثفات فائقة، باللإضافة إلى بناء مواد خارقة خفيفة، أو تصفية ثاني أكسيد الكربون قبل أن يغادر مداخن المصانع.
عندما نتناول موضوع تصفية الكربون بالذات، فإننا نجد أن العلماء أبدعوا الكثير من الابتكارات اعتماداً على مواد متوافرة بسهولة، مثل الصلصال والقهوة، لعمل هذا الأمر، لكن، بالرغم من كون هذه المواد فعالة وغير مكلفة، إلا إن مصافي الكربون المعتمدة على مواد صلبة لا يمكن وضعها بشكل مناسب على المصانع الموجودة، لكن بعد اختراع الباحثين المتمثلين في ستيوارت جيمس وفريقه لأول فئة من السوائل المثقبة بشكل مستديم على المستوى الجزيئي، فإننا يمكن أن نوظف هذا لتصفية الكربون بشكل عظيم وغير تقليدي تماماً، وتصفية الغازات الأخرى كذلك بفضل هذه الثقوب.
ولكي يقوم الباحثون بهذا الأمر، فقد قاموا ببساطة بتصميم هيكل مثقب من جزيئات سائل ووضعوه في سائل آخر مذيب، كان يفترض أن يذوبا في بعضهما وينتهي الأمر، لكن المذيب الذي اختاروه كانت جزيئاته كبيرة جداً على الدخول في هذا القفص المثقب، وبالتالي، تركت هذه الفجوات الضيقة جداً للغاز الخارجي كي يملأها، وبهذا، كان تركيز أقفاص الغاز الفارغة أكبر بـ500 مرة عن مما كانت عليه في محاليل مشابهة.
وقد اختار العلماء لهذه التجربة، سائل الإيثير 15-كراون-5 كمذيب، وتم تصميم هيكل القفص المثقب ليناسب القبض على ذرات غاز ثاني أكسيد الكربون، والميثان، والنيتروجين، والزينون، وقد قال العلماء بعد الاختبارات التي أجروها أن السائل المثقب الخاص بهم كان قادراً على تخزين كمية من غاز الميثان، تقدر بثماني أضعاف سائل الإيثير-كراون التي لا تحتوي على الهيكل المثقوب أو المسامي، وهذا الرقم مرتفع بنسبة ملحوظة عن السائل، كما إنه يفتح أبواب الاحتمالات لتفريغ هذه المواد وثقبها للتنقية من الكربون، فمثلاً، يمكنك أن تضع السوائل المثقوبة في أنابيب المياه كي تقبض على الغازات الملوثة، لكن، ليس في إمكانك بالطبع أن تضع المصافي الصلبة، وهذا لن يكون التطبيق الوحيد، بل يمكننا غربلة الغازات وفصلها عن بعضها كذلك، ويقوم جيمس وفريقه الآن بدراسة هذا السائل الجديد واكتشاف خصائصه، لإيجاد استخدامات عملية مثيرة أخرى.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر