الرباط - المغرب اليوم
مع ارتفاع الطلب على الماء وتزايد المخاوف من ندرته في بعض مناطق المغرب، لجأت المملكة إلى اعتماد تقنية تحلية مياه البحر، لأجل تأمين الاحتياجات من مياه الشرب والري.ومن أبرز المشاريع التي أطلقها المغرب في إطار التصدي لشبح العطش والحفاظ على الفرشة المائية، مشروع محطة تحلية مياه البحر في ضواحي مدينة أغادير (جنوب المغرب)، والتي تصنف من ضمن أكبر المشاريع في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط.وتبلغ سعة المحطة التي ينتظر أن يبدأ العمل بها قريبا، 275 ألف متر مكعب في اليوم خلال المرحلة الأولى، في أفق أن تبلغ هذه الطاقة 400 ألف متر مكعب من المياه المحلاة في اليوم الواحد على المدى البعيد.وفي انتظار الإعلان عن الموعد الرسمي لتدشين المحطة الجديدة، انتشر مؤخرا مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يوثق لحظة احتفال مهندسين وعمال مغاربة، بنجاح مرحلة التجارب المتعلقة بهذا المشروع الضخم.وينسجم هذا المشروع الذي تبلغ كلفته الإجمالية 4.41 مليار درهم مغربي (حوالي 493 مليون دولار أميركي)، مع أهداف مخطط المغرب لتنويع مصادر التزود بالماء وضمان الأمن المائي، في إطار البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027.
وتستهدف المحطة الجديدة تزويد أكثر من 6 ملايين و600 ألف نسمة بالماء الشروب في أغادير الكبرى (جنوب المغرب)، بسعة تناهز 150 ألف متر مكعب.وكان المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، عبد الرحيم الحافيظي، قد أكد أن هذا المشروع يعتبر الأول من نوعه الذي يجمع بين إنتاج الماء الصالح للشرب ومياه السقي.وأبرز الحافيظي، في تصريح للصحافة، بمناسبة إطلاق العاهل المغربي الملك محمد السادس لأشغال إنجاز شبكة السقي انطلاقا من محطة تحلية المياه، أن هذا المشروع سيمكن من إنعاش الاقتصاد الفلاحي و كل الأنشطة المرتبطة بالري.كما ستساهم المحطة الجديدة التي تبلغ مساحتها 20 هكتارا، في تعزيز النشاط الفلاحي بالمناطق الزراعية التابعة لمحافظة أغادير خاصة سهل اشتوكة عبر تزويده بمياه الري، لتغطية الخصاص الناتج عن العجز المسجل في منسوب المياه الجوفية والذي يقدر بـ90 مليون متر مكعب سنويا.
تعتبر منطقة "اشتوكا آيت بها" التابعة لإقليم سوس ماسة، والمدرجة ضمن المناطق التي سيشملها برنامج التزود بمياه السقي انطلاقا من المحطة الجديدة، من أهم المناطق الزراعية في المغرب، حيث تنتج لوحدها 65 في المائة من الصادرات المغربية من الخضر والبواكر، على مساحة تصل 15 ألف هكتار، وهو ما استوجب البحث عن موارد مائية جديدة للحفاظ على القطاع الزراعي بالمنطقة.يقول سعيد سليماني أحد منتجي ومصدري الخضر والفواكه بإقليم سوس ماسة، إن منطقة اشتوكة التي تمثل مصدر تموين مهم للسوق الداخلي والأوروبي والإفريقي بالفواكه والخضر، باتت مهددة باستنزاف فرشتها المائية، وتعاني من صعوبات في توفير مياه الري.وفي حديث يعزي سليماني أسباب نقص المياه، لعدم انتظام التساقطات المطرية وتوالي سنوات الجفاف، إضافة إلى الإشكالات المرتبطة بالتغيرات المناخية.
ويضيف سليماني أن "هذه المحطة الجديدة الخاص بتحلية المياه، ستساهم في تخفيف الضغط على مصادر المياه التقليدية، كما ستنعكس بشكل إيجابي على مردود عدد من الزراعات في المنطقة، وستمكن المزارعين من تلبية الطلبات المتزايدة للأسواق الداخلية والخارجية من الخضر والفواكه".ويستطرد المزارع المغربي قائلا: " كنا في ما مضى نضخ الماء على عمق 100 متر فقط للحصول على مياه السقي، بينما نضطر اليوم لحفر آبار يفوق عمقها 200 متر، وهو ما يبرز وبالملموس حجم الخطر المحدق بالمنطقة الزراعية على المدى المتوسط والبعيد".يشير سليماني إلى أن "عدد من المزارعين رفضوا فكرة أداء مبلغ من المال مقابل الحصول على المياه البحر المحلاة، غير أن نجاح مشاريع مماثلة في مناطق مشابهة شجعتهم على دعم هذا المشروع الضخم".
وأطلق المغرب في يناير 2020، برنامجا وطنيا للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، يتوخى من خلاله دعم وتنويع مصادر الماء وتنمية العرض المائي، لاسيما عبر بناء السدود وإعادة استعمال المياه العادمة في السقي، إلى جانب استكشاف المياه الجوفية وإنجاز محطات لتحلية مياه البحر.ويضم المغرب حاليا أربع محطات لتحلية مياه البحر موزعة على مدن العيون وبوجدور وطانطان ومركز أخنفير، ستنضاف إليها المحطة الجديدة لأغادير والحسيمة، فيما برمج إنجاز محطات تحلية أخرى في مدن الدار البيضاء وآسفي والداخلة.يؤكد فؤاد العمراوي الأستاذ في كلية العلوم بالدار البيضاء والخبير في الماء، أن محطة أغادير لتحلية المياه، والأكبر على صعيد المملكة تعتبر واحدة من ضمن محطات أخرى قد انطلق العمل بها سابقا، بهدف ضمان التزويد بالماء على المدى البعيد ومواجهة خطر العطش والحد من استنزاف المياه الجوفية.يعتبر العمراوي أن تزايد الكثافة السكانية بمدينة أغادير خلال السنوات الأخيرة كان من أبرز إنعكاساته ارتفاع الطلب على الماء الصالح للشرب، وهو ما دفع إلى إطلاق مشروع تحلية مياه البحر، بغية توفير كميات إضافية من المياه تساهم في تلبية احتياجات الساكنة وتغطية الطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية.
ويضيف المتحدث، إلى أن هذه المحطة ستساهم أيضا في تزويد المزراعين في المنطقة بمياه الري، خاصة وأن جزء كبيرا من تلك المناطق المستهدفة- سهل اشتوكة- يعتمد على الزراعات المغطاة، والتي تتطلب توفير مصدر مهم للري.ويلفت الخبير في الماء إلى أن المغرب وبفضل اعتماده على التكنولوجيات الحديثة والطاقات المتجددة إلى جانب الخبرة التي راكمها في مجال تحلية مياه البحر خلال السنوات الماضية، استطاع تخفيض كلفة إنتاج المتر المكعب من المياه المحلاة، من 50 درهم إلى 10 دراهم للمتر المكعب الواحد (من حوالي 5 دولارات إلى دولار واحد).
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
المغرب يتعزز بمحطة ثانية لتحلية مياه البحر بغلاف مالي قدره 370 مليون درهم
أسباب تسرب مادة خطيرة إلى مياه البحر بمحطة حرارية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر