كان سلمان احمد وحيدا حين توج بطلا للعالم في مسابقة "ماسلمانيا" الدولية في كمال الاجسام، وخلافا لمنافسيه الذين تفوق عليهم، لم يكن لديه مدرب ولا جهة داعمة ولا قدرة على الحصول على الغذاء المطلوب لهذه الرياضة.
والآن، يشعر هذا الرياضي البالغ من العمر 25 عاما انه قد يكون على مفترق طرق، وانه قد يضطر للاختيار بين ترك كمال الاجسام، او ترك بلده الذي يكاد يخلو من المؤسسات الداعمة لهذه الرياضة في ظل طغيان لعبة الكريكيت على المشهد الرياضي.
ويقول سلمان احمد لمراسل وكالة فرانس برس في القاعة الرياضية التي انشأها في أحد الاحياء الشعبية في لاهور "ليس هناك مستقبل للاعبي كمال الاجسام في هذا البلد".
فحين نال بطولة العالم في مسابقة "ماسلمانيا" التي يتبارى فيها لاعبو كمال الاجسام الطبيعي، تلقى تهنئة من القنصلية الاميركية في بلده، وتلقى دعوة من الهند، وهي الجار اللدود لباكستان، للمشاركة في انشطة رياضية..اما في بلده، فلم يلتفت اليه احد.
ويقول "لاعبو الكريكيت فقط هم من ينالون الاهتمام، اما باقي الرياضيين فيعانون من نقص الاهتمام والدعم المادي..لم يتكبد اي مسؤول ان يرسل لي تهنئة".
في المقابل، يتلقى سلمان عروضا سخية من دول اجنبية ليشارك باسمها في بطولات العالم، ومنها دول اوروبية والولايات المتحدة.
ويقول "هذا يعني انه علي ان اغادر بلدي، وأني لن اكون قادرا على ان الوح بعلم باكستان حين افوز".
- العضلات في زمن الـ"سيلفي" -
في نادي "بودي شايب" الذي تغطي المرايا جدرانه، يتحلق عدد من الرياضيين حول سلمان وهو يرفع اوزانا هائلة من الاثقال يعاونه في رفعها حسن بوت البالغ 21 عاما.
ومع ان عدد ممارسي كمال الاجسام ما زال محدودا في باكستان، الا ان سلمان يؤكد ان اللعبة تلاقي انتشارا مستجدا في هذا البلد مع شيوع عادة التقاط الصور الشخصية (سلفي) ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد بات عدد متزايد من الشبان يرغب في نشر صور تظهر عضلاتهم المفتولة.
ويقول سلمان ان عددا ممن يرتادون صالته الرياضية لا يأتون ولا يتكبدون دفع خمسة دولارات شهريا سوى لالتقاط صور في صالة التمرين ونشرها عبر الانترنت، علما انهم لا يتمرنون بتاتا.
- الرياضة لدخول الجامعة -
دخل سلمان عالم كمال الاجسام لسبب لا علاقة له بالرياضة ابدا، فقد اراد من خلال ذلك ان يدخل الجامعة اذ ان الرياضيين يستفيدون من امكانية التعليم المجاني. وهو حاول اول الامر الحصول على منحة كلاعب كريكيت، لكن الطلب رفض فتحول الى كمال الاجسام التي لم يكن فيها منافسة تذكر.
وتابع سلمان دروسه الجامعية، ونال اجازة في ادارة الموارد البشرية من جامعة البنجاب، ولم يكن راتبه الاول البالغ 160 دولارا يكفي مصاريف تمارين كمال الاجسام ومتطلباتها.
ولما لم تكن عائلته قادرة على المساعدة، ولم يكن احد من الممولين الاجانب مستعدا للاستثمار في باكستان حيث الاضطرابات المستمرة والحرب بين الحكومة والتمرد الاسلامي المتشدد، افتتح ناديا رياضيا بالكاد تكفي عائداته لدفع ايجار مبناه.
- الى المنافسات العالمية -
بعدما شارك سلمان في منافسات محلية ايام دراسته الجامعية، انتقل الى المنافسات الدولية اعتبارا من العام 2014.
وبعد اشهر من التمرين القاسي، تمكن العام الماضي من التفوق على 600 لاعب كمال اجسام من كل انحاء العالم، بعزيمة صلبة دون اي مساندة من احد.
ويقول "كان للاعبين الكوريين والاميركيين والاوروبيين فرق ومدراء ومدربون وملحقون اعلاميون اما انا فكنت وحدي..وقد فزت عليهم جميعا".
وتروي والدته ساجدة ياسين انها بكت ثلاثة ايام بعدما عرفت انه فاز بالمسابقة الدولية.
وازاء ما يرويه سلمان عن اهمال رسمي بحقه وحق اللعبة، تؤكد الهيئات الحكومية المعنية بالرياضة ان ما يجري مع هذا سلمان لا يعدو كونه سوء فهم.
ويقول عثمان انور رئيس مكتب الرياضة في اقليم البنجاب "لو كنا نعلم انه ذاهب للمسابقة، لكنا ساعدناه وقدمنا له التدريب والخبرات والتقنية والمساعدات اللوجستية".
وقام المكتب الرياضي في البنجاب فعلا بالاتصال بسلمان مبديا استعداده للقائه وسط تحضيراته للمشاركة في المباريات الدولية المقبلة، في ما يشكل بارقة امل لهذا البطل المنسي في باكستان.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر