مدريد - وكالات
انطلقت قصة عشق أليكس فيرجسون مع كرة القدم الأوروبية عندما كان مراهقا بين 135 ألف متفرج تكدسوا على ملعب هامبدن بارك في إسكتلندا، لمتابعة نهائي المسابقة القارية عندما سحق ريال مدريد الإسباني آينتراخت فرانكفورت الألماني 7-3 عام 1960.
تركت مشاهدة الأسطورتين الفريدو دي ستيفانو والمجري فيرينك بوشكاش يمزقان شباك فرانكفورت أثراً عميقاً لدى الإسكتلندي الشاب الذي قال إن المباراة: “جسدت جميع أحلام كرة القدم الأوروبية”. أصبح فيرجسون أسيرا للبطولات الأوروبية منذاك الوقت، ثم جاء فوز سلتيك الإسكتلندي عام 1967، ومانشستر يونايتد الانجليزي عام 1968 على ملعب ويمبلي في لندن.
يتذكر فيرجسون المولود في الحادي والثلاثين من ديسمبر 1941 في جلاسكو: “عندما أحرز سلتيك اللقب عام 1967 كنت مع منتخب إسكتلندا في جولة في هونج كونج، لكن على رغم ميلي إلى رينجرز (كان يلعب مع الأخير آنذاك)، إلا أن الكل كان مع سلتيك في تلك الليلة”. ويتابع “فيرجي”: “كان الإنجاز كبيراً للمدرب جوك ستين لأنه بنى فريقا من لاعبين يبعدون 20 ميلا عن النادي، وكلهم لاعبون إسكتلنديون من جلاسكو، ثم أحرزوا بطولة أوروبا”.
في العام التالي، اتحدت بريطانيا وراء مانشستر يونايتد ومدربه السير مات بازبي الذي أعاد بناء الفريق الأحمر بعد كارثة تحطم طائرة ميونيخ قبل نحو عقد من الزمن. يقول فيرجسون، أنجح مدرب في تاريخ الكرة الانجليزية بإحرازه 37 لقبا بينها لقب الدوري المحلي 13 مرة والكأس 5 مرات وكأس الرابطة أربع مرات ودوري أبطال أوروبا مرتين (1999 و2008): “أتذكر انه خاب أملي في تلك المباراة، لأن دنيس لو لم يلعب، كان في المستشفى يخضع لجراحة في ركبته، أعتقد أن الكل في البلاد، وخصوصا في اسكتلندا، نظرا لجذور السير مات، كان يشجع الفريق، وأنا كنت من بينهم”.
يتابع المدرب الخبير الذي أعلن اعتزاله التدريب أمس: “لقد كان الأمر رائعا، لأن السير فقد معظم لاعبيه عام 1958، أن يعيد بناء الفريق ويحرز اللقب الأوروبي بعد 10 أعوام كان أمرا لا يصدق، بالإضافة إلى ذلك، كان معظمهم لاعبين محليين، أعتقد أن لاعبين اثنين فقط استقدما إلى الفريق، كان الإنجاز رائعا”.
نجاحات ليفربول في سبعينات القرن الماضي رفعت من شعور فيرجسون للدراما الفريدة التي تقدمها الليالي الأوروبية. عندما كان مدربا لسانت ميرين عام 1977، وقف بين المشجعين الذين تجمهروا في أنفيلد لمشاهدة ربع النهائي بين ليفربول وسانت إيتيان الفرنسي، عندما قلب فريق كيني دالجليش تأخره في الذهاب إلى فوز 3-1 إيابا. أقر فيرجسون انه ثمل من تلك التجربة: “لم أترك الملعب بعد المباراة، كنت أحلق”.
عندما أشرف فيرجسون على أبردين، حصل أخيراً على تجربته الأوروبية الأولى بعد فوز الفريق بالدوري الإسكتلندي عام 1980. اكتسب خبرة كبيرة من المواجهة الأولى مع ليفربول الذي أحرز اللقب لاحقا، إذ خسر 1-صفر ذهابا في بيتودري قبل أن يتعرض لخسارة ساحقة 4-صفر إيابا في أنفيلد. علق فيرجسون على المواجهة لاحقا: “حقاً، لقد أبادونا”.
مع ذلك، كان فيرجسون سريع التعلم، وخلال ثلاثة أعوام كان أبردين يتغلب على ريال مدريد في نهائي مسابقة كأس الكؤوس الأوروبية. ومع الحظر الذي تعرضت له الكرة الانجليزية إثر كارثة ملعب هيسل عام 1985، جاءت غزوة فيرجسون الأولى في أوروبا عام 1991 مع مانشستر يونايتد، وانتهت بنجاح بإحرازه لقب كأس الكؤوس على حساب برشلونة الإسباني 2-1.
مذذاك الوقت، أحرز “السير” لقب دوري الأبطال مرتين عامي 1999 و2008، الأولى عندما صعق بايرن ميونيخ الألماني 2-1 بعدما كان متأخرا 1-صفر لغاية الثواني الأخيرة من اللقاء، والثانية بركلات الترجيح على مواطنه تشيلسي في موسكو. فيرجسون يعتقد أن يونايتد كان ينبغي أن يفوز بألقاب أكثر من انتصارات أعوام 1968 و1999 و2008: “التوقعات من وجهة نظري كانت دوما مرتفعة في أوروبا، لأنك تغار من الفرق الكبرى، ريال مدريد وميلان وبايرن ميونيخ وليفربول وأياكس، نريد أن نتساوى مع تلك الأندية، يجب أن نكون إلى جانبهم”.
كانت مسيرة السير فيرجوسون مع “الشياطين الحمر” أكثر من رائعة منذ أن استلم تدريب الفريق في السادس من نوفمبر 1986 إذ نجح في قيادته إلى لقب الدوري المحلي 13 مرة، آخرها الموسم الحالي، وذلك بعد أن أصبح مانشستر الموسم قبل الماضي أكثر الفرق فوزاً بالدوري الانجليزي (19 مرة). استلم “السير” الفريق في وضع مهترئ، إذ لم يتوج بلقب الدوري في فترة 20 عاماً، وكان يحتل المركز التاسع عشر من أصل 22 آنذاك: “احتاج للوقت لبناء الفريق، وانتظرت إدارته حتى عام 1990 ليحرز لقب الكأس وتكر سبحة المجد، لطالما ردد صاحب اللكنة الإسكتلندية القاسية: “كنت محظوظاً جداً لحصولي على بعض أفضل اللاعبين في هذه اللعبة، عندما أتذكر هؤلاء أقول لنفسي (كم أنا محظوظ)، نه أمر مذهل، إذا نظرت إلى لائحة اللاعبين الذين كانوا موجودين عندما وصلت “براين روبسون، نورمان وايتسايد، ثم براين ماكلير، مارك هيوز، بول اينس، روي كين، أريك كانتونا...يا الهي، يا لها من مجموعة”. وواصل: “كانوا لاعبين رائعين، ومن الصعب التفكير باني كنت أسيطر على كل هؤلاء اللاعبين لفترة طويلة، إن الحقبة الحالية من اللاعبين تتمايز بشخصيات وثقافات مختلفة، كانت فعلاً فترة رائعة بالنسبة لي، انه أمر لا تفكر بإمكانية حصوله، إنها قصة خرافية نوعا ما أن أصمد طيلة هذه الفترة، التدريب تغير كثيراً مع الوقت، الأمور تتغير مع تقدم الأعوام، طريقة التدريب الحالية تختلف عما كانت عليه قبل 7 أو 8 أعوام، لقد تغيرت”.
فكر فيرجسون بالاعتزال عام 2001، لكنه عاد عن قراره، وعزز سمعته كمكتشف للمواهب، وعرف بقدرته على التعامل مع خطة الخصم واتخاذ قرارات جريئة، لكن يبدو أن اعتزال 2013 سيكون ثابتا لرجل أبدى دوما تخوفه من التوقف عن العمل خشية من المصير المحتوم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر