كأنه موقف أميركي جديد ومختلف لكن في الواقع هو إستمرار في دعم العدوان الصهيوني على غزة المستمر منذ 219 يوما، وفيما توغلت قوات الجيش الإسرائيلي في أجزاء من شمال غزة، كان الاحتلال قد أعلن السيطرة عليها قبل أشهر لكن المقاومين أعادوا تنظيم صفوفهم فيها، وزير الخارجية الأميركي يشدد على أن الهجوم الذي تعارضه واشنطن على رفح، لن يقضي على حماس.
حذر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم الأحد، من أن هجوما إسرائيليا واسعا على رفح سيزرع “الفوضى” ولن يؤدي إلى قضاء إسرائيل على حركة حماس، مقرا بأن عدد المدنيين الذين استشهدوا في الحرب أكثر من عدد القتلى في صفوف فصائل المقاومة الفلسطينية.
وأكد بلينكن، في مقابلة مع محطة “إن بي سي” التلفزيونية الأميركية، أن الخطة الإسرائيلية الحالية في رفح “قد تلحق أضرارا هائلة في صفوف المدنيين من دون حل المشكلة”. وتابع قائلا: “سيبقى آلاف العناصر المسلحين من حماس” حتى مع حصول هجوم في رفح.
وقال إن هجوما إسرائيليا في رفح قد تنجم عنه “الفوضى” مع احتمال عودة حماس في نهاية المطاف. وتابع “رأينا حماس تعود إلى مناطق سطرة عليها إسرائيل في الشمال حتى في خانيونس” المدينة الجنوبية القريبة من رفح. وأضاف بلينكن “ناقشنا معهم طريقة أفضل بكثير للتوصل إلى نتيجة دائمة”.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن تعتبر أن عدد الضحايا المدنيين في قطاع غزة أكبر من عدد قتلى حماس، أجاب بلينكن “نعم”، في تصريح لمحطة “سي بي إس” التلفزيونية الأميركية، في ظل معارضة الرئيس جو بايدن للهجوم في رفح.
وكرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن معارضته لشن هجوم عسكري واسع على رفح، وقال لشبكة “سي بي إس” إن إسرائيل “هي من سيتحمل مسؤولية التمرد الدائم” دون خروج من غزة وخطة حكم ما بعد الحرب.
وأكد أن إسرائيل ليست لديها “خطة ذات مصداقية” لحماية نحو 1.4 مليون مدني فلسطيني في رفح، محذرا من أن أي هجوم إسرائيلي قد يفضي إلى “تمرد” إذا لم ينجح في القضاء على جميع مقاتلي حماس في المدينة الواقعة جنوبي القطاع.
بلينكن في ميناء أسدود، في الأول من أيار/ مايو الجاري (Getty Images)
وقال بلينكن في حديث لشبكة “إن بي سي” إن “إسرائيل تسير في مسار يحتمل أن يفضي إلى تمرد إذا استمر وجود العديد من مقاتلي حماس المسلحين أو إذا تركت فراغا من الفوضى من المحتمل أن تملأه حماس”. وأضاف أن مقاتلي حماس يعاودون بالفعل أدراجهم إلى مناطق شمال غزة التي قالت إسرائيل إنها قضت على المسلحين بها.
وعمق الاجتياح المزمع لرفح التوتر في العلاقات بين إسرائيل والإدارة الأميركية، وقال بلينكن “إذا شنت (إسرائيل) هذه العملية العسكرية الكبرى في رفح، فهناك أنظمة (أسلحة) معينة لن ندعمها أو نوفرها من أجل هذه العملية”. وأضاف أنه يجب على إسرائيل “أن تكون لديها خطة واضحة وذات مصداقية لحماية المدنيين، وهو ما لم نره”.
وأشار بلينكن إلى إن إسرائيل لم تضع أيضا خطة ما بعد الحرب للأمن والحكم وإعادة إعمار غزة، مضيفا لشبكة “سي بي إس” أن الولايات المتحدة تعمل مع حكومات عربية وغيرها على مثل هذه الخطة. وقال “لدينا نفس أهداف إسرائيل… نريد أن نتأكد من أن حماس لن تتمكن من حكم غزة مرة أخرى”.
وحذرت الولايات المتحدة علنا من أنها قد تعمد إلى تعليق تسليم بعض أنواع الأسلحة إلى إسرائيل، ولا سيما القذائف المدفعية، في حال شنت إسرائيل هجوما واسعا على المدينة المكتظة بالسكان والنازحين في أقصى جنوب قطاع غزة.
وبثت شبكتا “إن بي سي” و”سي بي إس نيوز”، مقابلات مع بلينكن ركزت على قرار الرئيس جو بايدن بتعليق شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب مخاوف من وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين في رفح، وتقرير لوزارة الخارجية الأميركية يفيد بأن استخدام إسرائيل للأسلحة التي زودتها بها الولايات المتحدة ربما يكون قد انتهك القانون الدولي.
ولم يتوصل التقرير، الذي لا علاقة له بشحنة القنابل، لوقوع انتهاكات محددة تبرر حجب المساعدات العسكرية الأميركية في ظل عدم قدرة المحققين على التوصل إلى “أدلة قاطعة” بشأن غارات أو هجمات محددة، وأشار إلى أن فوضى الحرب حالت دون التحقق بانتهاكات في وقائع بعينها.
وقال بلينكن إن استخدام حماس للبنية التحتية المدنية والأنفاق “يجعل من الصعب للغاية تحديد ما حدث في وقائع بعينها، وخصوصا في خضم الحرب”، مدافعا عن التقرير الذي انتقده بعض المشرعين من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن ومنظمات لحقوق الإنسان.
فلسطينيون نزحوا إلى مخيم مؤقت في منطقة دير البلح (أ.ب.)
ودافع بلينكن عن قرار وقف تسليم 3500 قنبلة، يتراوح وزنها بين 500 رطل (نحو 227 كيلوغراما) وألفي رطل (907 كيلوغرامات)، موضحا أن هذه الشحنة كانت حزمة الأسلحة الأمريكية الوحيدة التي تم حجبها.
وتوغلت قوات الاحتلال في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، اليوم، وخاضت اشتباكات عنيفة مع حركة حماس وفصائل المقاومة في أجزاء من شمال القطاع المدمر، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن إنه سيطر عليها عملياتيا قبل أشهر، لكن المقاومين أعادوا تنظيم صفوفهم فيها.
وأعاد جيش الاحتلال الإسرائيلي إرسال دبابات للتوغل في حي الزيتون بشرق مدينة غزة وكذلك في حي الصبرة حيث ذكر سكان أن قصفا عنيفا أدى لتدمير عدد من المنازل بعضها بنايات سكنية متعددة الطوابق. وكان جيش الاحتلال قد أعلن قبل شهور سيطرته على معظم تلك المناطق.
كما دفع جيش الاحتلال بدباباته وآلياته العسكرية إلى شرق جباليا، شمالي قطاع غزة، بعد قصف جوي وبري مكثف استهدف المنطقة وأدى إلى استشهاد العشرات. وقال الجيش الإسرائيلي في ساعة متأخرة من مساء يوم السبت إن القوات التي تنفذ عمليات في جباليا بدعوى منع حركة حماس من إعادة بناء قدراتها العسكرية هناك.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، “رصدنا في الأسابيع الماضية محاولات من حماس لإعادة تأهيل قدراتها العسكرية في جباليا. ننفذ عملياتنا هناك لإجهاض تلك المحاولات”، فيما كشفت تقارير إسرائيلية أن رئيس الأركان، هرتسي هليفي، حذّر من قدرة المقاومة الفلسطينية على إعادة بناء قدراتها في ظل غياب خطة سياسية للاحتلال في غزة.
وترى واشنطن أن غياب سلطة فاعلة في غزة أدى إلى انهيار النظام العام وسمح لفصائل المقاومة بإعادة تشكيل نفسها حتى في المناطق الأكثر تضررا. ولم تقدم إسرائيل بعد خطة مفصلة لحكم ما بعد الحرب في غزة، مكتفية بالقول إنها ستحتفظ بسيطرة أمنية مفتوحة على القطاع الساحلي الفلسطيني الذي يسكنه حوالي 2.4 مليون فلسطيني.
وتعهد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في خطاب ألقاه في يوم “ذكرى قتلى الحروب الإسرائيلية” بـ”مواصلة القتال حتى النصر”، علما بأنه يرفض خطط ما بعد الحرب التي اقترحتها واشنطن بشأن قيام السلطة الفلسطينية، بحكم غزة بدعم من الدول العربية والإسلامية.
وتعتمد هذه الخطط على التقدم نحو إنشاء دولة فلسطينية، وهو ما تعارضه حكومة نتنياهو؛ واعتبر المعلق السياسي في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، بن كاسبيت، أنه “لا يمكن الإطاحة بنظام حماس دون إعداد بديل لذلك النظام”، معبّرًا عن الإحباط المتزايد الذي يشعر به العديد من الإسرائيليين بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على الحرب.
وأضاف: “الأشخاص الوحيدون الذين يستطيعون حكم غزة بعد الحرب هم سكان غزة، مع الكثير من الدعم والمساعدة من الخارج”.
وعلى خلفية الهجوم على رفح، ذكرت قناة “القاهرة الإخبارية” التلفزيونية المقربة من المخابرات العامة المصرية، أن مصر رفضت التنسيق مع إسرائيل بشأن إيصال المساعدات عبر المعبر بسبب “التصعيد الإسرائيلي غير المقبول”.
وقال مسؤول مصري رفيع المستوى لـ”أسوشيتد برس”، إن القاهرة قدمت احتجاجات إلى إسرائيل والولايات المتحدة والحكومات الأوروبية، قائلة إن الهجوم يعرض معاهدة السلام التي استمرت عقودا مع إسرائيل لـ”خطر كبير”.
قد يٌهمك ايضـــــاً :
نتنياهو لبلينكن يؤكد رفض طلب «حماس» وقف الحرب وعملية رفح ستمضي قدماً
مقتل 3 من عناصر القسام في اشتباكات مع الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر