الرباط - المغرب اليوم
قبل أيام تحدث مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عن الوضعية المالية للدولة، مؤكدا أنها تشهد تحسنا تدريجيا وفق المؤشرات الماكرو اقتصادية.ويأتي حديث المسؤول الحكومي في ظل تأثر الاقتصاد الوطني سنة 2022 بالأزمة الروسية الأوكرانية، التي رفعت بشكل كبير من تكاليف استيراد الحبوب، وخصوصا الفاتورة الطاقية التي من المتوقع أن تتجاوز 140 مليار درهم.
في المقابل، أكد الباحث في الاقتصاد محمد جدري أن المغرب استفاد من هذه الأزمة، إذ أن مداخيل الفوسفاط ستتجاوز 144 مليار درهم، كما أن ارتفاع أسعار المحروقات شكل دخلا ضريبيا لخزينة المملكة بمقدار 36.5 مليارات درهم.
ومن جهة أخرى أشار جدري، في تصريح ، إلى أن “العديد من القطاعات عرفت انتعاشة حقيقية خلال السنة الحالية، إذ واصلت تحويلات مغاربة العالم تحطيم أرقامها القياسية، ومن المتوقع أن تتجاوز حاجز 100 مليار درهم، كما أن قطاع السيارات سيصل إلى ما فوق 100 مليار، ناهيك عن مداخيل السياحة التي عادت إلى مستويات ما قبل الجائحة بمداخيل تفوق 80 مليار درهم”.
كل هذه العوامل، يقول الباحث، “مكنت الحكومة من خفض عجز الميزانية من 5,7% إلى 5,3%، لكن تبقى النقطة السوداء سنة 2022 هي عدم قدرتها على التحكم في نسبة التضخم، التي سوف تنهي السنة بمعدل 6% أو 7%، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، خصوصا ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، رغم المجهودات التي قامت بها من خلال اعتمادات إضافية في صندوق المقاصة ودعم للكهرباء ومنح دعم مباشر لمهنيي النقل”.
وضعية مطمئنة
من جهته أكد رشيد ساري، المحلل الاقتصادي، أن “الوضعية المالية والاقتصادية بالمغرب رغم ما يعيشه العالم اليوم من أزمات وارتفاع في معدلات التضخم بسبب الأزمة الأوكرانية الروسية تظل مطمئنة إلى حد بعيد، إذ حققت نسبة العجز انخفاضا ملحوظا بالمقارنة مع السنة الفارطة بـ – 0.6٪، إضافة إلى أن احتياطي العملة الصعبة شهد تحسنا كبيرا بسبب تحويلات مغاربة العالم التي ستصل إلى 110 مليارات درهم نهاية هذه السنة، بينما التوقع السابق كان في حدود 79 مليار درهم؛ مع استعادة القطاع السياحي انتعاشة فاقت 70٪ دون إغفال عائدات الصناعة، والفوسفاط والمنتجات الفلاحية”.
وتابع المتحدث ذاته: “الوضع لا يدعو للقلق لأن هناك حكامة في تقنين نوعية الواردات والاقتصار على المواد الطاقية التي ارتفعت فاتورتها بشكل كبير، وربما هناك احتمالات ليبقى الوضع على ما هو عليه في انتظار انفراج الوضع على المستوى الأوكراني الروسي”.
وأضاف ساري أن “هناك أملا في أن نعيش موسما فلاحيا متميزا ربما سيكون له الوقع والأثر الإيجابي على معدلات النمو، والتضخم، وكذلك على عجز الميزانية، لأن ما نعيشه اليوم من ارتفاع الواردات ليس فقط بسبب المواد الطاقية، ولكن بسبب استيراد الحبوب”.
خط صندوق النقد
باشر المغرب منذ عدة أشهر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل خط تمويل ائتماني جديد، مثل الخط التمويلي الذي تم استخدامه إبان الجائحة. هذا الخط، يقول جدري، “يبقى الغرض الأساسي منه دعم احتياطات المملكة من العملة الصعبة، خصوصا في ظل ظرفية اقتصادية عالمية تتسم باللايقين وبداية الركود الاقتصادي. ومن جهة أخرى فإن نسبة الفائدة التي يقدمها صندوق النقد الدولي تبقى جد تنافسية مقارنة مع نظيراتها من المؤسسات المالية الدولية”.
وتابع المتحدث: “ما هو أكيد أن الصندوق سيفرض شروطا أساسية من قبيل مواصلة تحرير الدرهم في الوقت المناسب، وإصلاح صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد…”.
وبالنسبة لساري فإن استعمال الخط الائتماني من العملة الصعبة من أجل تمويل ورش الحماية الاجتماعية الذي يتطلب ميزانية سنوية قد تصل إلى 51 مليار درهم غير كاف، مبرزا أن الورش يتطلب البحث عن موارد أخرى، خاصة في ما يتعلق بالتفكير في الرفع من التمويلات المبتكرة، وترشيد النفقات بشكل كبير.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر