أصدر “مرصد العمل الحكومي” ورقة تنفيذية بخصوص التضخم وارتفاع الأسعار في المغرب، قدم من خلالها تشخيصه للوضعية الاقتصادية الوطنية، وجردا للإجراءات الحكومية، مع توصيات وخطة إجرائية لمواجهة الأزمة.
الوضعية الاقتصادية الوطنية
أشار المرصد في تقريره إلى تأثر الاقتصاد المغربي بشكل مباشر بالأزمات العالمية التي كانت لها انعكاسات قاسية على أدائه وعلى ارتفاع نسبة التضخم والأسعار، وذلك بالنظر إلى الاعتماد الكبير على الاستيراد لتلبية حاجيات البلد من المواد الغذائية الأساسية، والتبعية الطاقية للخارج.
وأوضح التقرير أن فاتورة مشتريات المغرب من الغذاء من الخارج ارتفعت بنسبة 44.9 في المائة سنة 2022 لتصل إلى 86.72 مليار درهم، مقابل 59.86 في المائة سنة 2021، مدفوعة بارتفاع واردات القمح والحبوب بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار على المستوى الدولي؛ كما ارتفعت الفاتورة الطاقية لتصل إلى 153.5 مليار درهم، بزيادة قدرها 102 في المائة بالمقارنة مع سنة 2022.
كما سجل المرصد ذاته تأثر الاقتصاد المغربي بتوالي سنوات الجفاف وانعكاساتها على إنتاج المحاصيل، إذ لم يتجاوز الإنتاج الوطني من الحبوب سنة 2022 34 مليون طن، بانخفاض قدره 67 في المائة؛ مع تأثير ذلك على نمو الناتج الداخلي الخام، وتبعاته الاقتصادية والاجتماعية القوية على مختلف المستويات. هذا بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة للركود الاقتصادي لمنطقة اليورو، التي تعتبر دولها الشريك الاقتصادي الأول للمملكة، وهو ما أثر بشكل مباشر على نمو الطلب الخارجي للمغرب، واستفحال عجز الميزان التجاري الذي ارتفع بنسبة 56 في المائة سنة 2022؛ إلى جانب النمو الذي لم يتجاوز سنة 2022 نسبة 1.5 في المائة.
الإجراءات الحكومية
أكدت الهيئة ذاتها أن حكومة عزيز أخنوش عملت على القيام بمجموعة من التدخلات والإجراءات للحد من تأثير التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين، والحفاظ على استقرار أسعار مجموعة من المواد الأساسية، وفق ثلاثة مستويات؛ أولها تقديم الدعم، والثاني ذو طبيعة نقدية، أما الثالث فذو طبيعة ضريبية.
وبخصوص المستوى الأول المتعلق بالدعم فقد عمدت الحكومة إلى الزيادة في مخصصات صندوق المقاصة من 16 مليار درهم إلى 32 مليار درهم سنة 2022، وذلك قصد الحفاظ على أسعار القمح والسكر وغاز البوتان في مستوياتها العادية، ودعم المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ب 5 ملايير درهم للحفاظ على الأسعار وضمان استمرار أداء مهامه، في ظل ارتفاع تكلفة المواد الأولية التي يستعملها من 20 مليار درهم إلى 40 مليار درهم.
وشمل الأمر كذلك تقديم دعم مباشر لمهنيي النقل بقيمة 4 مليارات و236 مليون درهم على 9 دفعات، قصد الحفاظ على أسعار النقل في المغرب في أثمانها العادية، ومحاولة تجنيب الاقتصاد الوطني الكلفة المرتفعة للنقل في ظل الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الطاقة عالميا.
أما بخصوص المستوى الثاني المتعلق بالسياسة النقدية فشمل، وفق المصدر ذاته، الرفع من سعر الفائدة المركزي بنقطة كاملة على مرحلتين لينتقل من 1.5 في المائة إلى 2.5 في المائة، في أفق التحكم في المعروض المالي داخل السوق الوطنية، والتخفيف من وطأة التضخم؛ علاوة على شراء 15 مليار درهم من سندات الخزينة من السوق الثانوية.
وبخصوص المستوى الثالث من الإجراءات الحكومية المتعلقة بالتدخل الضريبي فهمت وقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على مجموعة من المواد، من قبيل القمح اللين ومشتقاته والبذور الزيتية والزيوت الخام، بالإضافة إلى الأبقار الأليفة؛ مع تعليق الضريبة على القيمة المضافة على ورادات الأبقار.
توصيات
أوصى مرصد العمل الحكومي بالعمل على تعزيز آليات مراقبة وتتبع حركية الأسواق الوطنية وتطور أسعار المواد الغذائية الأساسية، من خلال إعادة توجيه الموارد البشرية للقطاعات المعنية نحو تعزيز التركيبة البشرية المكلفة بالمراقبة الميدانية، والإيقاف المؤقت لاستخلاص عدد من الضرائب المتعلقة ببيع المواد الغذائية الأساسية موضوع أزمة غلاء الأسعار، وفي مقدمتها الضريبة على القيمة المضافة، خلال فترة الأزمة الحالية.
كما دعت الهيئة ذاتها إلى إيقاف العمل بالنظام الحالي لأسواق الجملة وتجنيب المستهلكين أداء الهوامش الربحية الريعية، وفرض قواعد مؤقتة تلغي المكوس والإتاوات الحالية، والتفعيل الآني لأدوار مؤسسة مراقبة المنافسة، وتطبيق القانون في ما يتعلق بالاحتكار الممارس من طرف شركات المحروقات، والتسريع بإخراج المراسيم التطبيقية لقانون مجلس المنافسة.
وأوصت الجهة ذاتها أيضا بوضع نظام تسويق للمواد الغذائية بمسارات واضحة، عبر خلق مؤسسة وطنية للتسويق تمكن المنتجين والمستهلكين من التوفر على معروض يستجيب للطلب الحقيقي، دون الدخول في سلسلة المضاربات والهوامش الربحية الريعية، والإصلاح الشامل للنظام القانوني لأسواق الجملة الذي يعود إلى سنة 1962، بمعايير حديثة وودفاتر تحملات واضحة.
ودعا المرصد كذلك إلى تسريع الانتقال الطاقي نحو الطاقات المتجددة، واستغلال الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب، التي تضعه بين 5 أول دول في العالم من حيث الإنتاج الطاقي انطلاقا من الطاقات المتجددة، بما يمكن من تخفيف التبعية الطاقية ويخفف من الفاتورة الطاقية.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر