دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي لسلطات العمومية إلى الانكباب بشكل عاجل على مسألة الأسواق الأسبوعية في العالم القروي، عبر إعادة تأهيلها وتحديث بنياتها على مستوى التنظيم والتسيير لتكون رافعة للتنمية.جاء ذلك في رأي نشره المجلس، ضمن الجريدة الرسمية عدد 6984 الصادر الأسبوع الجاري، حث فيه الفاعلين المعنيين بتدبير الأسواق الأسبوعية في الوسط القروي (جماعات ومجالس إقليمية ومجالس الجهات ومصالح لاممركزة وقطاعات وزارية وسلطات محلية) على إعادة تنظيم هذه المرافق العمومية مع الحرص على احترام القواعد المرتبطة بالجانب المعماري وتوزيع فضاءات السوق.
ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الأسواق الأسبوعية تحتاج إلى إبراز مؤهلاتها وإمكاناتها لتندمج في السياسات العمومية الوطنية والترابية وتعزيز التدبير التشاركي والمنسق، من خلال ترشيد المداخيل وخلق الثروة لفائدة الساكنة المحلية.واستحضر الرأي انعكاسات جائحة فيروس كورونا في المغرب، ودعا إلى أخذها بعين الاعتبار بما يمكن من جعل السوق الأسبوعي مرفقا عموميا محليا يوفر للمرتفقين الشروط اللازمة لضمان السلامة والصحة حتى خلال فترات الأزمة.وتشير معطيات المجلس أن عدد الأسواق الأسبوعية في الوسط القروي يبلغ حوالي 889 سوقا، منها 822 تقام بشكل منتظم و67 لا تقام في الوقت الراهن، وذلك على امتداد حوالي 1282 جماعة قروية منتشرة في مختلف جهات المملكة.
ويلاحظ أن هناك غيابا لدراسات أكاديمية وقطاعية محينة حول الأسواق، حيث تعود آخر دراسة قامت بها المديرية العامة للجماعات الترابية حول الأسواق إلى سنة 2013، وآخر بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط حول الموضوع يعود إلى سنتي 2010 و2011.
ووفق تحليل المجلس ذاته، يعتبر السوق مكانا للعيش يلتقي فيه سكان منطقة ما بشكل منتظم، حيث يتبضعون أو يبيعون السلع ويتبادلون المعلومات ويمارسون أشكالا من المفاوضات، وتجري كل هذه الجوانب من الحياة الاجتماعية في جو ذي طابع احتفالي.والسوق بمثابة “بارومتر” للحياة القروية وملتقى أساسي تنتظم حوله حياة الساكنة القروية، ويضم فاعلين متدخلين مختلفين من الجماعات والسلطات المحلية ومصالح الدرك الملكي، إضافة إلى التجار ومهنيي السوق، ثم الزبناء.
ويشكل السوق منصة مالية مهمة في الاقتصاد المحلي والجهوي، حيث يقوم بوظائف اقتصادية وتجارية أساسية؛ فهو يولد رقم معاملات مهما يساهم في ميزانية الجماعات، من خلال كراء السوق أو التحصيل المباشر للرسوم من لدن الجماعة.
وتشير تقديرات الدراسة التي أنجزتها وزارة الداخلية سنة 2013 إلى أن المداخيل السنوية للأسواق الأسبوعية حوالي 313 مليون درهم تتكون بنسبة 95 في المائة من مداخيل الإيجار، والتي تبلغ في المتوسط 400 ألف درهم لكل سوق.
ولا تتجاوز مداخيل حوالي 70 في المائة من الأسواق سقف 200 ألف درهم في السنة، وتتراوح وجيبات الإيجار بين ألفي درهم و7 ملايين درهم حسب نوع السوق. في المقابل، لا يمكن قياس حجم التدفقات المالية للسوق، أي الكتلة النقدية التي يتم تداولها يوم السوق ولا التحكم في مقاديرها.وتحقق الأسواق الأسبوعية، بمتوسط عدد زوار يبلغ حوالي ثلاثة آلاف زائر لكل سوق، أي ما يعادل 2,6 ملايين زائر في الأسبوع على المستوى الوطني، مداخيل مالية مهمة تختلف باختلاف تخصص وصبغة السوق وحجمه وموقعه.
إمكانيات غير مستغلة
على الرغم من المساهمة القوية للأسواق في تنشيط الاقتصاد المحلي والجهوي، فإن الإمكانيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تتيحها تظل غير مستغلة بالقدر الكافي؛ فهي لا تستفيد من رؤية وطنية يتقاسمها مجموع الفاعلين ويتم تنزيلها على المستوى الجهوي.
وبوصفها مرفقا عموميا محليا وأهميتها في تنظيم الحياة بالعالم القروي، أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الأسواق الأسبوعية جديرة بأن تكون في صلب السياسات العمومية الخاصة بالعالم القروي وأن تشكل عاملا في عملية إعداد التراب الوطني
وتؤكد معطيات المجلس أن الطريقة المعتمدة في تدبير الأسواق الأسبوع لا تضمن أداء اقتصاديا قويا؛ فحوالي 40 في المائة من الأسواق مدبر بشكل مباشر، وهو النمط الذي أظهر محدوديته من حيث تحسين البنيات التحتية أو الأداء الاقتصادية.ويتجلى من الأرقام التي أوردها المجلس أن حوالي 52 في المائة من الأسواق المدبرة بشكل مباشر غير مرتبطة بشبكة الماء والتطهير، ولا تتوفر 48 في المائة منها على الإنارة، كما أن حوالي 36 في المائة من هذه الأسواق غير محاطة بسور.
أما التدبير بالإيجار من خلال الإعلان عن طلب عروض، فإن هذا النمط من التدبير يظل غير مهيكل بالقدر الكافي، حيث تسجل أغلب الأسواق المدبرة بالإيجار ضعفا من حيث التجهيزات؛ وذلك في كون ثلث الأسواق غير مرتبطة بالماء والتطهير، و45 في المائة لا تتوفر على الإنارة.ولتجاوز مشاكل تدبير الأسواق، دعا خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى تبني آلية شركة التنمية المحلية للتعاون بين الجماعات من أجل تدبير الأسواق الأسبوعية، شريطة مراعاة القرب وطبيعة الأنشطة وحجمها مع التحمل المشترك للتكاليف.
قد يهمك ايضا:
تعرف علي رأي المجلس الاقتصادي في زراعة “الكيف” لأغراض طبية
العثماني يستقبل رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في السنغال
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر