تواصل الصادرات المغربية إلى البرازيل تحطيم الأرقام القياسية منذ عام 2016، إذ بلغت في عام 2021 مستوى قياسيا يقدر بنحو 2 مليار دولار، مما يعكس التقارب مع الرباط، وهو ما كان محل إشادة من أعلى سلطة سياسية في البلاد، التي تعد القوة الأولى في أمريكا اللاتينية.
وبحسب بيانات لوزارة الاقتصاد البرازيلية، فقد صدرت المملكة منتجات بلغ مجموع قيمتها أزيد من 1.9 مليار دولار إلى أكبر قوة اقتصادية في أمريكا اللاتينية، ما يمثل رقما قياسيا في السلسلة التاريخية التي انطلقت في عام 1997، عندما لم تتجاوز الصادرات المغربية إلى البرازيل 50 مليون دولار.
وسجل إجمالي الصادرات المغربية إلى البرازيل في عام 2021 زيادة بنسبة 70.29 في المائة مقارنة بعام 2020 (1.1 مليار دولار) و98.29 في المائة مقارنة بعام 2019 (أكثر من 967 مليون دولار).
وبحسب القطاعات، هيمنت “الأسمدة” على الصادرات المغربية نحو البرازيل (حوالي 1.6 مليار دولار)، تليها “المواد الكيماوية غير العضوية والمركبات العضوية وغير العضوية من المعادن الثمينة” (170.5 مليون دولار)، ثم “الملح والكبريت والجص والإسمنت” (42.1 مليون دولار) ، ثم “الأسماك والقشريات والرخويات واللافقريات المائية الأخرى” (42 مليون دولار)، و”الآلات والمعدات والمواد الكهربائية وأجزائها” (20 مليون دولار)، و”الملابس وملحقاتها” (19.7 ملايين دولار). كما تضم الصادرات “الطائرات والآليات الفضائية وأجزاؤها” (2.5 ملايين دولار) و”السيارات والجرارات والدراجات والمركبات البرية الأخرى وأجزاؤها وملحقاتها” (2.2 مليون دولار).
وبهذا الإنجاز التجاري الجديد، أصبحت المملكة، أول مصدر عربي نحو البرازيل بعد المملكة العربية السعودية، وتتموقع في نفس مستوى كولومبيا، المجاورة للبرازيل، والتي تعد رابع أقوى اقتصاد في أمريكا الجنوبية، بل وتحقق أداء أفضل من قوى اقتصادية كأستراليا وإندونيسيا وماليزيا، أو حتى جنوب إفريقيا، وهي عضو، مثل البرازيل، في منظمة “البريكس”.
وتعكس هذه الزيادة الهائلة في المبادلات التجارية مع البرازيل، التي صدرت للمغرب منتجات تقدر بأكثر من 565.4 ملايين دولار في عام 2021، العلاقات الممتازة بين بلدين مؤثرين في منطقتيهما، والتي تشمل العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وكان جاير بولسونارو، الرئيس البرازيلي، قد أكد في متم عام 2020 أن “المغرب شريك استراتيجي للبرازيل”، مشيدا بـ “التقارب السياسي المهم” بين البلدين.
وعزا ماركوس فينيسيوس دي فريتاس، الخبير البرازيلي في المجال الجيوسياسي والعلاقات الدولية، تكثيف العلاقات التجارية بين البرازيل والمغرب، بحجم تبادل قدره 2.48 مليار دولار في عام 2021، إلى الطابع الاستراتيجي الذي تمثله المملكة بالنسبة لبرازيليا، التي ترى في المغرب “دولة استراتيجية تعد نافذة إلى عدة أسواق عربية وإسلامية ولكن قبل كل شيء نافذة إلى إفريقيا، وهي منطقة في طور النمو وستنمو بشكل أكبر في المستقبل القريب من الناحية الاقتصادية والديموغرافية”.
وتظهر الأرقام الخاصة بالتدفقات التجارية بين البلدين خلال عام 2021 فائضا تجاريا لصالح المغرب يقدر بـ 1.35 مليار دولار، بزيادة بنسبة 193.85 في المئة مقارنة بعام 2020 (ما يقرب من 460.3 ملايين دولار) و171.68 في المئة مقارنة بعام 2019 (حوالي 498 مليون دولار).
وتجدر الإشارة إلى أنه في إطار مبادلاتها التجارية العالمية، أنهت البرازيل عام 2021 بتسجيل فائض في الميزان تجاري قدره 61 مليار دولار، بزيادة نسبتها 21 في المئة مقارنة بعام 2020.
وسجلت صادرات المملكة إلى البرازيل نموا مطردا منذ عام 2016 -شهدت البرازيل ركودا اقتصاديا بين عامي 2014 و2016- عندما انخفضت إلى أقل من مليار دولار في عام 2015، قبل أن تستأنف بقوة أكبر في عام 2017 (878 مليون دولار) ، لتصل إلى 930 مليونا في 2018.
وعلاوة على بعدها الاقتصادي، تؤكد البيانات الخاصة بالمبادلات الاقتصادية بين المغرب والبرازيل الديناميكيات الجيدة التي شهدتها علاقات التعاون بين البلدين.
ويعتقد دي فريتاس، باحث بارز في مركز السياسيات من أجل الجنوب الجديد، أن “هذه الأرقام تمثل أخبارا ممتازة. ويبقى الآن مواصلة هذا الزخم والارتقاء بالعلاقات بين الرباط وبرازيليا إلى مستوى استراتيجي ومثمر بشكل أكبر”.
هذه الآفاق التي أثارها الخبير البرازيلي، هي نفسها الآفاق التي أكد عليها أخيرا كارلوس ألبرتو فرانكو فرانسا، وزير العلاقات الخارجية البرازيلي، الذي أشار إلى “الفرص الهائلة لتنويع وتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين. ويمكن أن يكون التعاون بين البرازيل والمغرب أكثر تكاملا “.
وأضاف كارلوس فرانسا أن المغرب “يحتل موقعا مركزيا في شمال إفريقيا كجسر نحو الدول والقارات الأخرى”، مؤكدا أن “المغرب والبرازيل يمكنهما أيضا التنسيق بشكل أكبر داخل الأمم المتحدة والمحافل الدولية. فالبرازيل انتخبت أخيرا كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي (للفترة 2022-2023) ويمكننا تنسيق المواقف على أساس قيمنا المشتركة”.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر