واشنطن ـ يوسف مكي
تعتبر دقة الحكم على المسافة، من أكبر التحديات التي تواجه الروبوتات الحديثة، ويدّعي علماء بريطانيون أنهم حقّقوا اكتشافًا وتقدمًا مذهلًا بفضل مثال غير محتمل "فرس النبي يرتدي بعض النظارات الحمراء المشكوك فيها بشكل عصري"، وحاليًا، أنظمة "الرؤية" للروبوت، تلك التي تستخدمها الطائرات بدون طيار للتنقّل حول الأشياء، تميل إلى تقليد الرؤية المجسمة البشرية "الإستريو"، فكل عين ترى رؤية مختلفة هامشيًا، والدماغ يدمج الرؤيتين لخلق صورة واحدة، في حين تستخدم الصور المتفاوتة لحساب مدى بُعد الأشياء.
ويعمل هذا النظام بشكل جيّد لدى البشر، إلا أن الأنظمة الاصطناعية التي تقوم على أساس نفس المفهوم تتطلب قوة حاسوبية كبيرة، مما يبطئ ويرهق الروبوتات، ولذلك بحث الباحثون في جامعة نيوكاسل عن أمثلة أخرى للرؤية المجسمة في المملكة الحيوانية وركزوا على فرس النبي، لأنها الحشرة الوحيدة المعروفة بامتلاكها، ولتحقيق نظام رؤية الحشرة، قام الفريق بتصميم نظارات حمراء ثلاثية الأبعاد مصممة خصيصًا وقاموا بلصقها مؤقتًا بشمع العسل، وأظهروا للحشرات صورًا متحرّكة لفريسة، فضلا عن أنماط معقدة منقطة والتي تُستخدم أيضا للتحقيق في رؤية الإنسان ثلاثية الأبعاد.
ووجدت التجارب أنه نظرًا لأن فرس النبي يهاجم فقط الفريسة المتحرّكة، فإن عملياتها العصبية لا تهتم بمقارنة تفاصيل الصور الثابتة في كل عين، وبدلا من ذلك، يحكمون على المسافة عن طريق البحث ببساطة عن الأماكن التي تتغير فيها الصورة، وهم يفعلون ذلك أفضل من البشر، ولقد نشرت الدراسة في مجلة "Current Biology"، وخلصت إلى أن نظام رؤية فرس النبي هو "قوي جدا" وأبسط من الذي يستخدمه البشر، وهذا يعني إمكانية توفر قالب أفضل بكثير إلى الروبوتات.
وقال الدكتور غيث الطراونة، الذي عمل في البحث، إنّ "العديد من الروبوتات، تستخدم الرؤية المجسمة "الإستيريو" لمساعدتهم على التنقل، ولكن هذا عادة ما يعتمد على "إستيريو" الإنسان المعقدة، وحيث أنّ أدمغة الحشرات صغيرة جدًا، فإن شكل رؤيتها لا يمكن أن يتطلب الكثير من المعالجة الحاسوبية، أي يمكن العثور على تطبيقات مفيدة في الروبوتات ذات الطاقة المنخفضة."
وتكرس نسبة كبيرة من البحوث الروبوتية الحالية نحو تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، حيث البساطة وخفة أنظمة التشغيل أعلى من القيمة العادية، ففي كانون الأول / ديسمبر 2016، نجح الأمازون في تجربتها نظام تسليم الطرود لطائرة بدون طيار ذاتية القيادة لمدة 30 دقيقة بشكل كامل في كامبريدج شاير للمرة الأولى، وهو نموذج يعتقد أنه سيؤدي إلى الزيادة الكبيرة في عدد الروبوتات في السماء، واقترح علماء نيوكاسل أن علماء الروبوتيات الذين يعملون على أنظمة الرؤية قد طرحوا حتى الآن سؤالا خاطئا، فيقول الدكتور فيفيك نيتياناندا، عالم البيئة السلوكي: "هذا شكل جديد تماما من الرؤية ثلاثية الأبعاد لأنه يقوم على التغيير مع مرور الوقت بدلا من الصور الثابتة، ففي فرس النبي ربما كان من المقرر أن يجيب على السؤال" هل هناك فريسة على المسافة الصحيحة بالنسبة لي للامساك بها؟"، وبينما يفترض على نطاق واسع أن الروبوتات ستلعب دورا مركزيا على نحو متزايد في الحياة اليومية، فإن المحاولات المبكرة لاستبدال البشر الذين يؤدون مهام أكثر تعقيدا كانت لها نتائج متباينة، وفي الشهر الماضي، أقيل مساعد أول سيبراني في متجر في بريطانيا في غضون أسبوع من بدء العمل لأنه كان مربكا إلى العملاء.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر