كشفت المندوبية السامية للتخطيط، في تقريرها حول “الفقر والهشاشة” الذي نشرته سنة 2017، أن جهة درعة تافيلالت سجلت أعلى نسبة في الفقر والهشاشة أي معدل 15 في المائة، مشيرة إلى أن الجهة سالفة الذكر تعيش الفقر والهشاشة أكثر من أي جهة أخرى على الصعيد الوطني.وعلى الرغم من مرور أربع سنوات على تقرير المندوبية السامية للتخطيط الذي رصد نسبة الفقر والهشاشة على مستوى جهة درعة تافيلالت، فإن ساكنة الجهة لم تسجل أي تراجع في معدل الفقر؛ بل لا تزال معدلات البطالة والفقر مرتفعة، لا سيما في صفوف الشباب.
البطالة والفقر والهشاشة ثلاثي مرعب في جهة درعة تافيلالت، وسجلت الجهة أرقاما قياسية على هذه المستويات خلال العشر سنوات الأخيرة، وارتفعت معدلاتها بشكل مقلق خلال فترة الحجر الصحي الذي فرضته جائحة فيروس “كورونا”، وفق تعبير عدد من الفاعلين المدنيين الذين حاورتهم جريدة هسبريس في هذا الموضوع.بالإضافة إلى الفقر والهشاشة والبطالة التي تعاني منها جهة درعة تافيلالت، فإن أكبر مساحة على الجهة تعاني أيضا من غياب شبكة الصرف الصحي، فيضطر أغلب السكان إلى الاستعانة بـ”المطمورات” التخلص من المياه العادمة؛ ما يهدد هذه الجهة بكارثة بيئية وصحية خطيرة.
إحصائيات عن الجهة
بلغ عدد الجماعات الترابية بجهة درعة تافيلالت 125 جماعة ترابية، منها 16 حضرية و109 قروية؛ فيما بلغ عدد سكان هذه الجهة، حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، مليونا و653 ألف نسمة، 577 ألف نسمة يسكنون في الوسط الحضري.ويبلغ مجموع الجماعات الترابية بإقليم الرشيدية 29 جماعة ترابية؛ منها 22 قروية و7 حضرية. ويبلغ مجموع الجماعات بإقليم ورزازات 17 جماعة؛ منها 15 قروية وجماعتان حضريتان. ويتكون إقليم ميدلت من 29 جماعة؛ منها 27 قروية وجماعتان حضريتان. أما إقليم زاكورة، فيحتوي 25 جماعة؛ منها 23 قروية وجماعتان حضريتان. ويضم إقليم تنغير 25 جماعة؛ منها 22 قروية و3 حضرية.
بيئة غير سليمة
سجل عدد من الفاعلين المدنيين بأقاليم جهة درعة تافيلالت أن هذه الجهة مقبلة على كارثة بيئية إن لم تتحرك الدولة لتدارك الأمر، موضحين أن الجهة يمكن القول إنها توجد الآن فوق برك الصرف الصحي الذي تخلفه “المطمورات” بسبب غياب شبكة المياه العادمة في أغلب المناطق.
وتعليقا على الموضوع، قال حسن بنعدي، فاعل جمعوي بإقليم زاكورة، إن أكثر من نصف الجماعات الترابية تفتقر إلى شبكة الصرف الصحي والساكنة تستعمل “المطمورات” من أجل التخلص من المياه العادمة، موضحا أن آلاف “المطمورات” أصبحت تشكل خطرا على الفرشة المائية وعلى البيئة بشكل عام، وفق تعبيره.
وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن إقليم زاكورة مثله مثل باقي الأقاليم بالجهة، فقط الجماعات الحضرية هي التي تم تجهيزها بشبكة الصرف الصحي، وبعض الجماعات القروية المحسوبة على ورؤوس الأصابع، مشددا على أن المطمورات تعتبر قنبلة موقوتة تهدد الإقليم والجهة بشكل عام ببيئة غير سليمة، وفق تعبيره.
من جهته، كشف أحمد بنطالب، فاعل جمعوي بإقليم الرشيدية، أن مشكل غياب شبكة الصرف الصحي يمكن تعميمه على جميع الأقاليم بالجهة دون استثناء، مؤكدا إلى أن هذا المشكل يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من طرف الجهات المختصة ودراسته من كل الجوانب لإنقاذ الجهة من كارثة بيئية محتملة، وفق تعبيره.
وأضاف بنطالب، في تصريح لهسبريس، أن الـ577 ألف نسمة الذين يعيشون في الوسط الحضري هم من يتوفرون على شبكة الصرف الصحي، بالإضافة إلى بعض سكان الجماعات القروية الذين لا يتجاوزون 100 ألف نسمة، لافتا إلى أن حوالي مليون نسمة الذين يعيشون في الوسط القروي بدون شبكة الصرف الصحي؛ ما يعني أنهم يستعينون بوسائل بدائية أو بـ”المطمورات” للتخلص من المياه العادمة.
فرشة مائية “ملوثة”
المطمورات المستعملة للتخلص من المياه العادمة من طرف الساكنة القروية تعد سببا في تلوث الفرشة المائية بجهة درعة تافيلالت، زيادة على الحرارة المفرطة التي تميز الجهة عن باقي الجهات خلال فصل الصيف، حسب إفادة حمو أبندلالة من سكان إقليم ورزازات.وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “الفرشة المائية اليوم أصبحت ملوثة بشكل مقلق، على الرغم من أن المسؤولين والجهات المسؤولة لا تصرح بذلك خوفا من الغضب الشعبي”.
“هل تعلم السلطات المختصة أن التلوث البيئي والمائي هو قنبلة موقوتة وستكون لها تأثيرات خطيرة على الصحة العامة في المستقبل؟”، سؤال طرحته أمينة صلاح من ساكنة ميدلت، التي أوضحت أن جواب هذا السؤال لن تستطيع السلطات بكل أقاليم الجهة الإجابة عنه حتى “يفوت الفوت”، وفق تعبيرها.وأضافت أمنية في تصريح لهسبربيس: “لا يختلف اثنان في أن الفرشة المائية مهددة بسبب المشاكل البيئية وبسبب غياب شبكة التطهير السائل في أكثر من جماعة ترابية”، مشيرة إلى أن “هذا الموضوع كان يجب أن يناقش في البرلمان والمجلس الحكومي من أجل تدارسه وإيجاد حلول ناجعة لحماية أرواح المواطنين؛ لكن في المغرب الرياح دائما تجري إلى ما لا تشتهي السفن”، وفق تعبيرها.
المعالجة هو الحل
في وقت يعيش فيه الجنوب الشرقي للمغرب مشاكل ندرة المياه الصالحة للشرب، خاصة مع بداية كل فصل الصيف، ما زالت القطاعات الوزارية المكلفة بالماء والبيئة غير واعية بهذه المشاكل التي يزيدها مشكل تلوث الفرشة المائية بسبب الصرف الصحي التقليدي تعقيدا.وفي هذا الإطار، قال إبراهيم بنسعيد، فاعل حقوقي بتنغير، إن “الجهة تعاني صراحة كل سنة من مشاكل ندرة الماء الصالح للشرب”، موضحا “أن هناك مجموعة من الحلول كان يمكن أن تخفف من مشاكل ندرة الماء خاصة المتعلقة بالري الفلاحي”، لافتا إلى أن “الجهة تتوفر على آلاف أو ملايين من المطمورات التقليدية الخاصة بالصرف الصحي؛ ما يعني أن كل تلك المياه تضيع وتسبب في تلوث الفرشة المائية التي هي في الأصل ضعيفة جدا”، وفق تعبيره.وأضاف بنسعيد، في تصريح لهسبريس: “يجب على الدولة إحداث شبكة للتطهير السائل بجميع مناطق الجهة سواء الحضرية منها أو القروية، والقيام بمعالجة هذه المياه التي يمكن استغلالها في الري الفلاحي مقابل مبالغ مالية”، موضحا أنه بهذه الخطوة يمكن توفير المياه الفلاحية والحفاظ على الماء الصالح للشرب وتفادي حدوث مشاكل في هذا الصدد مستقبلا، بتعبيره.
رأي مسؤول
مسؤول بجهة درعة تافيلالت رحب بتقديم وجهة نظره لجريدة هسبريس الإلكترونية في الموضوع، شريطة عدم ذكر اسمه، حيث أكد أن مشكل انعدام شبكة الصرف الصحي بأزيد من 70 في المائة من الجماعات الترابية هو مشكل خطير، وستكون لها تأثيرات سلبية على المدى المتوسط مستقبلا.وأوضح المسؤول ذاته أن هذا الموضوع يجب على نواب الأمة بالبرلمان ممثلي جهة درعة تافيلالت إثارته في المؤسسة التشريعية من خلال أسئلة شفهية وكتابية، كاشفا أن السلطات بهذه الجهة قامت بدورها في هذا الإطار وأعدت دراسة حول الوضع المقلق وأرسلته إلى الجهات المختصة التي بيدها ميزانيات ذلك، وفق تعبيره واختتم المتحدث ذاته تصريحه بالقول: “الجهات المسؤولة بأقاليم الجهة قامت بدورها، كما قامت بالدور الذي كان على البرلمانيين القيام به”، مضيفا: “تحقيق هذا المطلب لن يتحقق إلا بتضافر الجهود بين الإدارة الترابية والجماعات الترابية والمنتخبين البرلمانيين والجماعيين والجهويين وفعاليات المجتمع المدني”، بتعبيره.
قد يهمك ايضا :
سوق الشغل في جهة الشرق في المغرب يؤكد فقدان 55 ألف منصب شغل سنة 2020
تقرير يرصد حجم زيادة الأسعار عند الاستهلاك في المغرب
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر