الرباط -المغرب اليوم
عرفت السياسة الفلاحية في المغرب إصلاحات عدة خلال السنوات الأخيرة، تمثلت في التسيير الذاتي للفلاح الذي ساهم بشكل كبير في الثورة الزراعية، وإعادة هيكلة القطاع من طرف وزارة الفلاحة من خلال تبني برامج فلاحية كبرى مثل “مخطط المغرب الأخضر”، و”صندوق التنمية الفلاحية”.الإصلاحات التي عرفها القطاع الفلاحي خلال السنوات الأخيرة، حقق بها المغرب نتائج جيدة في جميع الفروع الفلاحية، خاصة المتعلقة بسلاسل الإنتاج، مما ساهم في زيادة الإنتاج الفلاحي النباتي والحيواني، وفق المعلومات التي وفرتها مصالح وزارة الفلاحة على مستوى جهة درعة تافيلالت يساهم القطاع الفلاحي بنسبة مهمة من الناتج الداخلي الخام بالمغرب، بفضل السياسة الجديدة الزراعية المعتمدة من طرف الدولة من خلال القطاع الحكومي المعني، وهو ما أدى إلى ارتفاع الناتج الداخلي الخام الفلاحي في عام 2019 ليبلغ 128 مليار درهم على الأقل.
قطاع صامد (دائرة ورزازات نموذجا)
ظل القطاع الفلاحي بدائرة المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات الوحيد الذي استمر في النشاط وفي تحقيق الأرقام الإيجابية رغم الصعوبات والمشاكل البيروقراطية والتهميش الذي يعيشه العاملون فيه، خاصة في ما يتعلق بتسلم الوثائق الخاصة بالأرض، بالإضافة إلى تداعيات فيروس كورونا.وحسب المعطيات الذي استقتها هسبريس من مسؤولين على القطاع والفلاحين، فإن القطاع الزراعي بنفوذ المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات، يعتبر القطاع الوحيد الذي ظل مستمرا في تحقيق نتائج إيجابية رغم المعيقات سالفة الذكر، خاصة أن القطاع الفلاحي أصبح رقما أساسيا في الاقتصاد الوطني المغربي. المعطيات نفسها تشير إلى أن الفلاح بدوره يعد رقما مهما في النتائج المحققة في القطاع الفلاحي، سواء الفلاح الصغير أو المتوسط أو الكبير، مضيفة أن النجاح الذي حققه المغرب في المجال الفلاحي لا يمكن أن يتبناه شخص واحد أو جهة رسمية واحدة معينة، بل هو ثمرة مجهود جماعي من الفلاح إلى الدولة.
بالأرقام
يشكل مخطط المغرب الأخضر الدعامة الأساسية لبرنامج التنمية الفلاحية بمنطقة المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لورزازات، حيث بلغ مجموع المشاريع المبرمجة بالمنطقة 38 مشروعا، بمبلغ إجمالي يقدر بـ 2194 مليون درهم، منها مشروعان يهمان الدعامة الأولى وتتعلق بسلسلتي اللحوم الحمراء والورد العطري باستثمار يبلغ 23.8 مليون درهم، وقد بلغت نسبة الإنجاز 67 في المائة.وأوردت المعلومات التي وفرها المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات لجريدة هسبريس الإلكترونية أنه “نظرا لخصوصية الفلاحة بمناطق الواحات والمناطق الجبلية المعروفة بهشاشتها، فقد تم التركيز على برامج الدعامة الثانية التي تخص الزراعة التضامنية وسلاسل المنتوجات المجالية التي تميز منطقة تدخل المكتب”.
ولغ عدد المشاريع المنجزة أو التي هي في طور الإنجاز 36 مشروعا، لفائدة 66500 مستفيد، باستثمار بلغ 2170.3 مليون درهم. وبلغت نسبة إنجاز هذه المشاريع حوالي 85 في المائة.وبخصوص التدخلات والعمليات المعتمدة، فقد همت جميع مستويات سلاسل الإنتاج انطلاقا من الاستصلاحات الهيدرو-فلاحية لتعبئة المياه وتدبيرها، وتكثيف وتوسيع المساحات المغروسة، وانتهاء بعملية التثمين عبر بناء وتجهيز وحدات التثمين ودعم ومواكبة المنتجين. وكشف المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات أنه إلى غاية آخر سنة 2020، همت المشاريع المنجزة في إطار الدعامة الثانية، استصلاح 493 كلم من شبكة الري، وحفر 12 ثقبا مائيا، وحماية الأراضي الفلاحية على طول 20 كلم، وبناء سدين باطنيين، وتوزيع مليون و99419 فسيلة نخيل، وتنقية 438300 عش نخيل.
كما تم توزيع مليون و274500 من أغراس اللوز، وصيانة أزيد من 306400 شجرة قائمة، وتوزيع مليون و458 ألفا من أغراس الزيتون، ومليون و36800 من أغراس التفاح، وصيانة أزيد من 670400 شجرة قائمة، وتوزيع 187500 من أغراس التين.
وبخصوص تثمين الإنتاج، تشير الأرقام ذاتها إلى بناء وتجهيز 15 وحدة لتثمين التمور بسعة تخزين إجمالي تقدر بـ 2740 طنا بواحات زاكورة والمعيدر وتودغى وفم زكيد وأوحميدي، وبناء دار الورد وتجهيز 14 وحدة لتقطير الورد بحوض دادس، وتجهيز دار الزعفران بتالوين، بالإضافة إلى بناء وتجهيز وحدتين لتخزين التفاح بأمسمرير وتلمي، وتجهيز وتأهيل ثلاث وحدات لتثمين الزيتون بكل من سكورة وتنغير، وتجهيز 12 وحدة لتثمين اللوز، وترميز زعفران تالوين، والورد العطري وماء الورد قلعة مكونة، و5 أصناف من التمور.وفي إطار البرامج الأفقية لمخطط المغرب الأخضر، وعلى مستوى دائرة المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لورزازات، تم تجهيز بالري الموضعي ما بين فترة 2008 و2020 ما يناهز 27770 هكتارا لصالح 5520 مستفيدا، 80 في المائة منهم من الفلاحين الصغار، بتكلفة إجمالية تقدر بـ 4.3 مليارات درهم، ساهم فيها صندوق التنمية الفلاحية بـ1.3 مليار درهم، وشمل هذا التجهيز كل سلاسل الإنتاج الفلاحية بالمنطقة.
البيروقراطية
على الرغم من النتائج المحققة في القطاع الفلاحي على المستوى الوطني، إلا أن “غالبية الفلاحين بالمنطقة يعانون عراقيل عديدة، خاصة ما يتعلق بتسلم وثائق الأرض قصد تجهيزها بالري الموضعي وتحويلها من أراض قاحلة إلى جنة مغروسة”، يقول داود بنعلي، فلاح بإقليم زاكورة.وأضاف إن “السلطات المحلية بإقليم زاكورة ترفض تسليم شواهد الاستغلال لفائدة أصحاب الأرض بحجة أن تلك الأراضي لم يسبق حرثها أو غرس أشجار فيها”، مشيرا إلى أن “هناك المئات من المواطنين في حاجة إلى تجهيز أراضيهم ولا يتنازعون مع أحد والكل يعلم أنهم أصحاب الأرض، ومع ذلك ترفض السلطة المحلية تسليمهم الوثائق المطلوبة”، وفق تعبيره. وتابع بنعلي، في تصريح لهسبريس، بأن “المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي توصل بمراسلة من عامل إقليم زاكورة بخصوص رفض طلبات تجهيز أراضي فلاحية لفائدة أصحاب الشواهد القديمة”، مشيرا إلى أن “الفلاحة تطلب شهادة استغلال جديدة لكن السلطة ترفض تجديدها رغم توفر جميع الناس على الشواهد القديمة”.
وقال فلاح آخر من إقليم تنغير: “نعم هناك مشاكل في ما يتعلق بتسلم الوثائق الإدارية قصد تجهيز الأراضي الفلاحية”، موضحا أن “البيروقراطية تساهم في قتل طموح الفلاح وحب العمل فيه”، داعيا الدولة أن “تسهل الإجراءات القانونية أمام الفلاح من أجل حرث أرضه والمساهمة في الاقتصاد المحلي ولو بالقليل”، على حد تعبيره.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه بالإضافة إلى مشاكل البيروقراطية، “هناك مشاكل أخرى تتعلق بالتأخر الحاصل في قبول الملفات الخاصة بالتجهيز لدى بعض الإدارات الفلاحية”، مشيرا إلى أن النتائج الإيجابية المحققة من طرف وزارة الفلاحة تصطدم بواقع آخر بسبب المشاكل سالفة الذكر.وطالب المصرح لهسبريس كلا من وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة، بـ”عقد لقاء مشترك من أجل تدارس مشاكل الفلاح الصغير الذي يعاني من ويلات الفقر والهشاشة ولا يجد سوى الفلاحة لكسب قوت يومه، لكن الإجراءات الإدارية المعقدة تزيده إحباطا في الحياة”، وفق تعبيره.
قد يهمك ايضا:
أخنوش يؤكد أنّ إنتاج القطاع الزراعي تحسن بنسبة 43%
بوتين يؤكد أن عائدات قطاع الزراعة في روسيا تتجاوز عائدات بيع الأسلحة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر