الرباط - كمال العلمي
بات الجفاف يتربص بالعشرات من الهكتارات الزراعية بسهل تادلا بسبب التراجع الحاد في مخزون المياه في السدود بشكل خاص، وتأخر تساقط الأمطار، ما زاد من محنة العشرات من المزارعين وانعكس بالسلب على مردوديتهم.في هذا الصدد، قال جواد الجابري، مزارع بدائرة بني موسى الغربية، في تصريح ، إن قلة حصص مياه السقي أنهكت زراعات بالمنطقة وقلصت من مردودية أخرى، مشيرا إلى أن هذا العام يبقى الأسوأ في حياة المزارعين منذ الثمانينات من القرن الماضي.
وأضاف الجابري أن هناك مساحات من زراعات الشمندر السكري هلكت، رغم الجهود التي بذلها المزارعون للحفاظ على الأقل على نسبة منها، متوقعا أن تكون هناك خسارة غير مسبوقة هذا العام، خاصة على مستوى سلسلتي القمح والشمندر.وكانت بيانات وزارة التجهيز والمياه قد أظهرت في يناير الماضي أنّ مخزون المياه في السدود لم يتجاوز 34.1%، مقابل 44.4% في الفترة نفسها من العام الماضي، وكشف وزير الفلاحة محمد الصديقي أنّ التساقطات تراجعت بنسبة 61% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وقال المزارع أحمد الرميشي: “الكل حرص على سقي مزروعاته بكل ما أوتي من إمكانات، بما في ذلك اللجوء إلى اقتناء معدات وتجهيزات جديدة لضخ مياه الآبار من أعماق الأرض، لكن مشيئة الله كانت أكبر من إرادة المزارعين، ما تسبب في اتلاف مساحات مزروعة”.ويعلق الرميشي آماله على ما تبقى من المساحات المزروعة بالقمح والشمندر، التي لم تتأثر بالعطش بالشكل الذي لحق مناطق أخرى من السهل، لافتا إلى أنه حتى الآن لا تزال مصالح الفلاحة، بتنسيق مع فئة عريضة من المزارعين، تعمل جاهدة من أجل إنجاح الموسم الفلاحي.
وأضاف أن “المزارعين الصغار وقلة قليلة من المتوسطين هم من تأثروا بالاضطراب الحاصل في السقي من مياه السد، فيما ظل فلاحو الضيعات الكبرى، الذين لهم من الإمكانيات ما يسمح لهم باقتناء مضخات جديدة وقوية، يجاهدون لتجاوز الأزمة”.وتصل تكلفة المعدات الجديدة الخاصة بتقوية ضخ المياه من الآبار التي يتجاوز عمقها 150 مترا ما بين 5000 و7000 درهم، ما يزيد، تبعا للمصدر ذاته، من معاناة معظم المزارعين الذين تضررت جيوبهم من آثار الجفاف بسبب فقدانهم لعدد من رؤوس المواشي، باعتبارها مصدرا لتمويل الزراعة.
وعاينت هسبريس بجماعة أولاد ناصر بإقليم الفقيه بن صالح ضيعات من زراعة الشمندر السكري آيلة إلى الهلاك بسبب قلة السقي، كما لاحظت مساحات أخرى مزروعة تحولت إلى مراعي بعدما يبس محصولها في وقت لم يجد الفلاح حلا سوى التضرع إلى الله.وربط مزارعون، في تصريحات لهسبريس، تضرر مزروعاتهم بتأخر حصص السقي، مشددين على أهمية الأخذ برأي الفلاح مستقبلا والاستشارة معه فيما يخص أوقات السقي بدل الاستمرار في اتخاذ قرارات انفرادية، ما يتسبب في هكذا نتائج، حيث ضاع المنتوج وضاعت معه كميات مهمة من الماء في زمن الجفاف.
وتساءل المتضررون من تداعيات الجفاف عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة مشكلة الإجهاد المائي في ظل عدم استقرار تساقط الأمطار بهذه المناطق، التي يرتقب أن تعاني من نقص في الماء الشروب أيضا مستقبلا، ملتمسين من الدولة التدخل لتخفيف العبء عنهم وتعويضهم عن تكاليف مزروعاتهم التي هلكت.
يُذكر أن المغرب كان قد وضع مخططا للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي يمتد من 2020 إلى 2027، بتكلفة تصل إلى 12 مليار دولار، سيشمل إنجاز مشاريع لاستغلال المياه الجوفية في القرى، وتزويد سكان المناطق المتضررة بشاحنات صهريجية، والعمل على إنجاز العديد من سدود تخزين المياه مستقبلا.ويرتقب أيضا أن يتم التركيز على السلاسل الزراعية التي يمكن أن تحقق الأمن الغذائي ولا تستهلك المياه بشكل مفرط.
قد يهمك ايضًا:
برلماني مغربي يدعو إلى استباق أزمة العطش خلال الصيف في ظل “الجفاف”
الجفاف يخفض توقعات النمو الاقتصادي في المغرب إلى 1.7 بالمائة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر