بنظرة ثاقبة وهامة عظيمة يقف على يد صاحبه، في انتظار تدريبات "الملواح" استعدادا لمرحلة الصيد التي يتميز بها نظرا لسرعته الفائقة في المناورة مع الفرائس، فانفراده بصفات جسمانية مميزة عن باقي الأنواع جعله من أقوى وأشهر الصقور في مصر والعالم العربي، ليصبح صقر "شاهين" من أعلى فصائل الصقور خاصة والطيور الجارحة عامة في العالم. وبجانب نجاح هذا النوع من الصقور في منافسة الفصائل الأخرى، فقد نجح في جذب الكثير من مربي الصقور المصريين بهدف رعايته وترويضه.
التميز
محمد ممدوح رئيس نادي الجوارح المصري المتخصص في رعاية الطيور الجارحة تحدث لـ"العين الإخبارية" عن قصته مع صقر الشاهين وطبيعة التعامل معه، قائلا: "بدأت قصتي مع الصقور بتربية الحيوانات، وتطورت الهواية إلى الاعتناء بالطيور الجارحة لعشقي للصحراء والتخييم، وهنا اتجهت إلى الصقارة".
وسرعان ما تحول اهتمام ممدوح من رعاية صقور العقبان إلى صقور الشاهين، لإعجابه بسرعته وصفاته الجسمانية التي تساعده في عملية الصيد، واصفا هذا النوع بـ"الأعلى في الصقارة".
وعلى مسافات بعيدة يحلق الشاهين بأجنحته الطويلة ذات ريش قليل، لينقض على فرائسه بسهولة بالغة، ما يزيد من أهميته في عملية الصيد ويقلل من عمليات الصيد الجائرة المهددة للحياة البرية والبيئة.
وبين 19 نوعا، يوجد في مصر نوعان من الشاهين، الأول "الجبلي" والثاني "البحري"، ويأتي الشاهين البحري إلى مصر غالبا خلال موسم هجرة الطيور الجارحة التي تبدأ من شهر أكتوبر/تشرين الأول إلى شهر فبراير/شباط من كل عام.
ونظرا لضعف مناعته فمتوسط عمره يقل عن متوسط سن النوع الجبلي الذي قد يصل إلى 16 سنة، بحسب شرح ممدوح الذي أشار إلى وجود عشين على طول الخطوط الساحلية في مصر لنوع الشاهين البحري.
المواصفات القياسية للصقر تعرف من حجمه وكثافة ولون الريش، وهما المعياران الأساسيان المحددان لسعره، ويتراوح سعر الشاهين بين من 6 آلاف إلى 61 ألف دولار للصقر الواحد.
أبو ليلة
قوة وذكاء الشاهين تسمح له بالتأقلم السريع مع الصقارة، لذا يطلق العرب عليه اسم "أبو ليلة"، لاستجابته السريعة في التعامل مع الصقار في غضون ليلة واحدة. وباحترافية شديدة يستطيع ممدوح أن يشعر الصقر بالاطمئنان أثناء وقوفه على يده، بعد أن خلق لغة مشتركة بينهما في غضون أيام قليلة من ترويضه.
ويسرد رئيس نادي الجوارح مراحل ترويض الصقر قائلا: "الصقر طائر شكاك بطبعه، ما يدفعنا لتغطية رأسه بالبرقع ودفن جسمه في الرمال في بعض الأحيان"، واصفا هذه المراحل بـ"فترة معاناة الصقار مع الطير"، حتى يطمئن للصقار ويبدأ في الأكل من راحة كفه، ثم تبدأ تدريبات الملواح والانقضاض على الفريسة واصطيادها.
البيئة والتراث
منذ ما يقرب من 8 سنوات أصبحت الصقارة تخصص محمد ممدوح، الذي أسس مع عشرات الصقارة المصريين، نادي الجوارح عام 2012 والعضو في الاتحاد الدولي للصقارة "IAF" ليصبح الجهة الوحيدة المسؤولة عن رعاية الصقور والمسؤول عن هذا الملف دوليا.
البيئة والهواية عنصران أساسان أكد ممدوح عليهما في أهداف تأسيس النادي والعمل بمجال الصقارة، ويقول: "نستهدف بعملنا نشر توعية الحفاظ على هواية الصيد باستخدام الصقور وحماية البيئة بالرعاية الصحية لهم، خاصة أن هناك خللا بيئيا حدث بانتشار الفئران وقلة عدد الطيور الجارحة ما يؤثر بشكل مباشر على حياتنا، إضافة إلى أن وسائل الصيد بالصقر أفضل من الصيد بالخرطوش والبنادق".
وينجح الصقر في اصطياد ما بين فريسة إلى 3 فرائس يوميا، بينما تقع ما بين فريسة إلى 4 فرائس عند استخدام البندقية في المرة الواحدة.
وكان الصقر عند الفراعنة رمزا مهما، برسمه على جدران المعابد والمقابر، وتجسيده في روح الإله حورس الذي دُشن له معبد في إدفو بأسوان جنوب مصر، ومن هذا المنطلق يحرص ممدوح على الحفاظ على التراث المصري القديم وهواة الصقارة معا.
من هواية إلى هوية
وعلى نهج أجداده سار الصقار الصغير، رافعا شعار "من هواية إلى هوية" في الصقارة، ويتمنى ممدوح ورفاقه من الصقارة المصريين سن قوانين تقنن أوضاع الصقارة، لأن المجال يواجه تحديات كبيرة على رأسها غياب الوعي لدى التجار والصيادين بأهمية تراث الصقارة واستخدام الصقور في الصيد، منعا لتعرض فرائسها للانقراض نتيجة الصيد الجائر بالبنادق.
وطالب بتأسيس جهة رسمية في مصر لإرساء مبادئ وأخلاقيات الصقارة وتجاوز أي أخطاء ترتكب بحق الصقور والحياة البرية، مستبعدا أن يتخلى في يوم من الأيام عن الصقارة ورعايته لصقر الشاهين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر