صرّح الفنان التشكيلي عابد العربي، أن الفن التشكيلي يعتبر كباقي الفنون الراقية التي تعتمد على الإلهام والحس الفني الذي يكتمل بالموهبة المميزة، ليبرز على اللوحة عواطف ومشاعر مطلقة على أرض الواقع.
وذكر العربي في حديث خاص لـ"المغرب اليوم"، أن بدايته مع الفن التشكيلي ظهرت في الإبتدائي، عندما وجد نفسه داخل الحصة الدراسية يرسم وغير منتبه للأساتذة وكان يعاقب في كل مرة على هذا الفعل"
وأضاف الفنان أن "عالم الفن التشكيلي انجذبت إليه بشكل واسع، ففيه أخلق عالمي الخاص الذي يعود إلى حقب زمنية تاريخية قديمة عشتها، مؤكدًا حبه للحكايات الشعبية والأساطير متأثرًا بحكايات جدته التي كانت ترويها له.
وتابع عابد "لطالما راودتني هذه الفكرة وأردت تطبيقها بواسطة اللون والريشة وأشاركها مع الغير، فأنا اعتبر الفن التشكيلي لغة تشاركية وعالمية تجمع بين الشعوب، مهما اختلفت ثقافتهم ولغتهم وتقاليدهم وأعرافهم، إلا أن الفن التشكيلي يبقى القاسم المشترك الذي يجمعهم."
وأشار الفنان التشكيلي إلى أن "المدارس الفنية لم تبقى كما في السابق، لافتًا إلى أن الرؤية الفنية في العمل الفني هي المسيطرة على أعمال الفنانين.
ويرى العربي أنه يميل أكثر إلى الواقعية السحرية في الفن، كما تأثر به كابريك كارسيا ماركيز، في رواياتە وإميل إلى عالم دوستوفيسكي الرائع.
ولفت إلى من يصفه بأنه فنان سريالي، قائلًا " أقول كما قال ماركيز: هناك أماكن في الأمازون تمطر فيها السماء عندما نتكلم بصوت عال يا ترى ما علاقة الكلام بالمطر؟"
وواصل الفنان حديثه "هذا المشهد سريالي، ولكنه مشهد واقعي. إذًا فالمشاهد التي نراها في مجتمعنا مشاهد سريالية لا يتصورها عقل الإنسان ولكنها في نفس الوقت واقعية تحدث أمام أعيننا، هذه هي الواقعية السحرية التي أعمل بها، وتعتمد على الرؤية الفنية أكثر مما تعتمد على المدارس."
وأكد عابد أن "الأحلام كثيرة إلا أن تحقيقها يبقى صعبًا بعض الشيء لاسيما في هذا الوقت الذي نعيشه"، مضيفًا أنه متعلق جدًا بأحلامه التي سعى ومازال يسعى لتحقيقها لتعلو على السطح.
وأوضح أنه لابد من أن يكون إنسانًا ذو نظرة تفاؤلية للواقع ونظرة فنية للمحيط الذي يعيش فيه لرؤية المظاهر مهما اختلفت ومهما كانت قاسية لتطبيقها على لوحاته أمام المتلقي، وهو ما يجعله متملق جدًا بها.
وشارك عابد في العديد من المعارض الجماعية والفردية سواء داخل المغرب أوخارجه، ومن أكثر التجارب التي ترسخت في ذهنه مشاركته في معرض تشكيلي جمع مجموعة من الفنانين العرب من مصر وتونس فلسطين وكردستان العراق.
وعلق الفنان قائلًا "لقيت لوحاتي إعجابًا كبيرًا من طرف زوار المعرض وحتى المنظمين وهذا اعتبره وسام فخر على صدري اعتز به دائمًا."
وأردف العربي أن "كل أعمالي تخاطب جميع الفئات المجتمعية وكل الأعمار، لا تقتصر فقط على نخبة معينة، فالفن التشكيلي يجب أن يخاطب كل الأفراد، ويجب أن يكون جزءًا أساسيًا من ثقافة المجتمع حتى تصبح لدينا ثقافة الفن التشكيلي.
واستطرد قائلًا "اللوحة الفنية التي يجب أن نراها على جدران المستشفيات والمقاهي والأماكن العامة، ألا تقتصر فقط على عرضها في المعارض الفردية والجماعية ثم تخزينها فيما بعد ليطويها النسيان.
ويعتمد الفنان المغربي في أعماله على فكرة مزج الألوان ومحاولة استخدامها بشكل ممزوج حتى تعطي لمسة طبيعية تخاطب كل الفئات ليجدوا ضالتهم فيها، لاسيما أنها تبرز الثقافة الشعبية المغربية التي تعودنا عليها منذ طفولتنا، كرسمه للمرأة البربرية بلباسها التقليدي والوشم على وجهها مع نقوش الحناء.
كما ركز في لوحاته على التقاليد والأعراف المغربية كالعرس والعمارية وعربة الكوتشي والعربة المجرورة، إضافة إلى المساجد والمعالم التاريخية التي تمتاز بها لاسيما مدينة مراكش وفاس وغيرها من الصور التقليدية التي تعبر عن الثقافة الشعبية المغربية.
واختتم الفنان عابد حديثه قائلًا أن " الفن التشكيلي يبقى راقيًا ومميزًا مهما اختلف الزمان والمكان، وهو الجسر الذي يجعلني أعبر من عالم المجموعة إلى عالم الفرد، وهو ما يجعلني أتخطى كل المعاناة والعراقيل والمصادفات السلبية التي أعيشها ويعيشها غيري في الحياة اليومية.
وتابع "أعبر عن ذلك بواسطة فرشتي وألواني التي اعتبرها ونيسي في كل وقت، عندما انزوي في فضائي الخاص لينطلق إلهامي الذي يجعلني في غاية الاندماج مع اللوحة إلى أن أنهيها وأعبر فيها عن فكرتي، التي أرغب في توصيلها إلى المتلقي."
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر