الباحث ميكائيل بيرون يُكرّس حياته للدفاع عن تاريخ المغرب
آخر تحديث GMT 11:11:23
المغرب اليوم -
عطل فني يجبر طائرة روسية على الهبوط اضطراريًا في مطار شرم الشيخ الدولي هيئة الطيران المدني تعلن إعادة تأهيل كاملة لمطاري حلب ودمشق لاستقبال الرحلات من كافة أنحاء العالم رهينة اسرائيلية توجه رسالة لـ نتننياهو وتُحذر من أن بقاءها على قيد الحياة مرتبط بانسحاب جيش الإحتلال الديوان الملكي السعودي يُعلن وفاة الأميرة منى الصلح والدة الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود الإدارة الجديدة في سوريا تفرض شروطاً جديدة على دخول اللبنانيين إلى أراضيها الجيش الأميركي يبدأ بتجهيز معسكر جدي في محافظة حلب شمال سوريا الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير حي بالكامل شمال قطاع غزة الجيش الروسي يعترض ثمانية صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا وبسيطر على قرية جديدة في مقاطعة لوجانسك ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 45,717 منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 مستشار النمسا يعلن تنحيه عن منصبه وترشيح وزير الخارجية لخلافته
أخر الأخبار

متجاهلًا جنسيته الفرنسية وجذوره الاسكتلندية وتربيته الإنكليزية

الباحث "ميكائيل بيرون" يُكرّس حياته للدفاع عن تاريخ المغرب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الباحث

الباحث الفرنسي ميكائيل بيرون
العيون ـ هشام المدراوي

قليلٌ هم الأكاديميون والباحثون الأوربيون الذين اختاروا أنّ يتواصلوا بشكل مباشر مع الساكنة المحلية على اختلاف الألسن اللغوية التي يتحدثون بها، مفضلين في كثير من الحالات الاستعانة بترجمان يلعب دور الوسيط لاكتشاف ما جاد به تاريخ الجهات المغربية على اختلافه.
لكن "ميكائيل بيرون" كان من القلة القليلة التي اختارت أنّ تنفتح على  مجموعة من الألسن اللغوية المحلية التي يتميز بها المغرب: من "عربية"، و"أمازيغية"، و"حسانية"، مدركًا أنّ استيعاب تاريخ الآخر لن يتأت إلا من خلال ضبط كلي للأدوات اللغوية التي يتم تداولها محليًا.
فمن هناك كانت انطلاقة هذا الباحث الفرنسي، حتى صار متقنًا لما تيسر من اللهجات المحلية تحدثًا وفهمًا، راصدًا جزءً كبيرًا وهامًا من تاريخ المقاومة المغربية على مدار ثلاثة عقود من البحث المضني، الذي شمل مجموعة من الأبحاث والدراسات التي أنجزها في هذا الإطار.
ولم تمنعه جنسيته الفرنسية، ولا جذوره الاسكتلندية، ولا تربيته الإنكليزية، من سبر أغوار مقومات التاريخ المغربي وكشف الكثير من خباياه؛ فقد كانت حياته مليئة بالأحداث التي سوف تتضافر لتهيئ له مسارًا آخرًا، غير ذلك الذي كان سيجعل منه مجرد مدرس للغة الإنكليزية في فرنسا، يعكف على تربية النشء ويهيئهم لمواجهة إرهاصات المستقبل، فسرعان ما نشأت بينه وبين المغرب علاقة حب وطيدة، تطورت لتقلب مجرى حياته رأسًا على عقب ويطير بعدها بصفة نهائية إلى هذا البلد الذي كان ولا يزال يعتبر نفسه واحدًا من  أبنائه الأبرار الذين توجد على عاتقهم أمانة رفع اللبس عن جوانب مهمة من تاريخه وتطهيره من زيف الكتابات الاستعمارية، والتي ما جاءت إلا خدمة لمصالحها، مغيبة بذلك جوانب مهمة من الحقيقة التي رسم معالمها المقاومون المغاربة بدمائهم ودفعوا أرواحهم ثمنًا لها.
لقد نشأ "ميكائيل بيرون" المزداد نشأة إنكليزية على يد والدته الاسكتلندية. وفي حدود السابعة من عمره انتقل معها إلى مدينة "لوزان" السويسرية وهناك درس جنبًا إلى جنب مع ملك "تايلندا" الذي كان آنذاك لا يزال وليا للعهد وكان "ميكائيل" الأكبر سنًا من بين المتمدرسين في الفصل؛ إذ تجاوز عمره حينها 18 عامًا، وكانا يجلسان معًا على نفس الطاولة، لتنشأ بينهما صداقة وطيدة، حتى أنه كان قد وعده في إحدى المرات بأنه بمجرد تواليه العرش سيكون أول من سيحظى بشرف استقباله في البلاط الملكي.
لكن مقام "ميكائيل" في سويسرا لم يستمر سوى لأشهر بعد أنّ حطّ الرحال في إنكلترا بمعيّة والدته وجدته، والتي سوف يستقر فيها إلى حدود بلوغه سن الثامنة عشر من عمره، إيذانًا بفترة جديدة في حياته، ستكون لها العديد من الانعكاسات على مساره المهني؛ حيث سوف يعود أدراجه إلى فرنسا وبالضبط إلى مدينة "بوردو" ليستكمل دراسة اللغة الانكليزية بها  وسوف يتوج ذلك، بحصوله على شهادة التأهيل التي ستخول له الاشتغال كأستاذ للغة الإنكليزية في المؤسسات الفرنسية.
لكنه، سيقرر الاستقرار بصفة نهائية في المغرب، الذي اعتاد زيارته منذ نهاية الحقبة الاستعمارية، الأمر الذي تولدت معه علاقة حب كبير  بينه وبين هذا البلد، وهكذا اشتغل في البداية كمدرس للغة الإنكليزية في الرباط وهناك سوف يقترن بشابة فرنسية تعرف عليها في إحدى خرجاته العلمية والتي سوف يرزق منها لاحقًا بفتاتين يستقران حاليًا في مدينة تمارة بالمحاذاة من العاصمة الإدارية الرباط.
وخلال تلك الفترة كان نشيطًا وكثير الحركة واستطاع أن يجعل لنفسه هدفًا خلال مقامه بالمغرب بعد أن اقتنع بضرورة الانفتاح على المجتمع المغربي من خلال دراسة تاريخه وعاداته وتقاليده، خاصةً الجوانب المتعلقة بالفترة الاستعمارية على اعتبار أنّ هذه الأخيرة تفتقر لدارسات موضوعية، مادامت غالبية الأبحاث المنجزة في هذا الصدد، لا ترتكز على شهادات الساكنة المحلية بقدر ما تكتفي فقط بشهادات الجنود الفرنسيين اللذين حلّوا بالمغرب إبان تلك الفترة في إطار مهام عسكرية ولوجيستكية مختلفة، والتي تمّ تحريف مجموعة من الحقائق خلالها لدواعي استعمارية.
فلم يكن لديه من خيار لسبر أغوار تلك الفترة من أحداث ووقائع سوى الانفتاح على اللهجات المحلية التي كانت الوسيلة الوحيدة التي يتخاطب بها السكان، لأنه كان على إدراك تامّ من خلال التجربة العلمية التي راكمها خلال مختلف تنقلاته بأن الاستعانة بخدمات ترجمان لن تأت بفائدة ترجى لأن أيّة معلومة قد يحصل عليها سوف تكون مقننة ورهينة بمصالح الترجمان نفسه الذي سوف يحول في غالب الحالات بينه وبين الإضافات التي يمكن أنّ يحصل عليها من شهادات المصدر الذي يتمثل في السكان المحليين الذين عاشوا أو سمعوا من آباءهم  وأصدقائهم وأبناء عمومتهم عن مجموعة من الأحداث والوقائع ذات الصلة بالفترة المدروسة.
ورغم وجود كثير من العوامل المعيقة في رفع اللبس عن تاريخ الفترة، إلا أنّ ذلك لم يحل دون بلوغه لهدفه المنشود حيث استطاع  في ظرف زمني قياسي من ضبط تام للأمازيغية تحدثًا وفهمًا، حتى صار عموم الناس في الأطلس المتوسط يلقبونه بـ"الأمازيغي القح" وهو لقب نادرًا ما تطلقه الساكنة المحلية على منهم من غير بني جلدتهم، إلا أن معاشرتهم له، وإدراكهم التام لحسن أخلاقه وسمو الهدف الذي تكبد من أجله عناء قطع الآلاف من الكيلومترات للوصول إلى المغرب دفعت بهم إلى تقديم يد العون وتدليل جميع الصعاب التي قد تعترض طريقه من أجل بلوغ كل ما يحتاج إليه من معلومات وشهادات ووثائق اختزنوها في أماكن محفوظة منذ العديد من السنين، إرتأو في نهاية المطاف إلى أنّ أفضل وسيلة للحفاظ عليها ستكون من خلال تسليمها إلى شخص يتولى التعريف بمحتوياتها حتى يتمكن الباحثون والأكاديميون الآخرون من استخلاص الحقائق منها، وذلك كله سعيًا منهم للتأكيد على ضرورة إعادة النظر في الأطروحة الاستعمارية التي تفتقد حسب رأيهم إلى كثير من المصداقية في مناولة الحدث التاريخي الذي يتطلب دقة التحري والالتزام بالموضوعية وأصول حرفة التأريخ.
وكان العام 1993 إيذانا بانتقال "ميكائيل" من مرحلة الجمع إلى التأليف، بعد سنوات طويلة من التنقيب المضني التي قادته إلى مجموعة من المناطق المختلفة، جامعًا من خلالها ما جادت به الذاكرة المحلية من رواية شفوية ستكون الأساس لكثير من الإصدارات التي ركز في إخراجها على مجموعة من الشهادات والأشعار المحلية التي تؤرخ للحقبة الاستعمارية، بالإضافة إلى إنجازه لدراسة مقارنة بالاعتماد على الرواية الشفوية، اعتمد فيها على إجراء مقارنة شهادات العسكر الفرنسيين خلال الحقبة الاستعمارية بشهادات الساكنة المحلية وهو العمل الذي استغرق منه وقتًا طويلاً، والهدف من هذا العمل هو تصحيح المغالطات التي ضمتها شهادات بعض الجنود الفرنسيين حول الحقبة.
ورغم تخصصه في تدريس اللغة الإنكليزية، إلا أنّ ذلك، لم يمنعه من الانفتاح على العلوم الإنسانية من تاريخ وجغرافيا، حيث تمكن من الحصول على الدكتوراه في الجغرافيا في وقت لاحق، ورغم حصوله على التقاعد منذ 15 عامًا، إلا أنه لا زال يتمتع بكامل عافيته، ويدرس بمجموعة من الجامعات سواء بداخل المغرب أو خارجه كجامعة الأخوين التي يدرس فيها التاريخ والثقافة الأمازيغية باللغة الإنكليزية، ويعطي دروسًا في الثقافة واللغة الأمازيغية لمجموعة من الأميركيين الذين سمعوا عن مستواه العالي في الأمازيغية بعد احتكاكه بالميدان لما يزيد عن ثلاثة عقود ما حدا بهم إلى الاستعانة بخدماته، ورغم أنه بلغ من العمر عتيًا "79 سنة"، إلا أنّ ذلك لم يمنعه من مواصلة مساره العلمي، متنقلاً بين مختلف المدن المغربية والعواصم العالمية؛ ليقاسم تجربته العلمية مع مجموعة من الباحثين والطلبة في إطار مجموعة من الندوات والأنشطة العلمية التي تقام بين الفينة والأخرى.
وهو لا زال يحمل مجموعة من الأفكار التي يقول إنّ بقي له من العمر ولو شيء قليل فلن يتوان في تحقيقها، خاة وأنه يرى بأنّ المغرب، يملك كثيرًا من المقومات والمؤهلات رغم حملة الاستنزاف التي تعرض لها خلال المرحلة الاستعمارية، وما أعقبها من محاولات يائسة للنيل من وحدة ترابه، من طرف أنظمة إقليمية ترى في المغرب خطرًا على مصالحها في المنطقة.

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الباحث ميكائيل بيرون يُكرّس حياته للدفاع عن تاريخ المغرب الباحث ميكائيل بيرون يُكرّس حياته للدفاع عن تاريخ المغرب



اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 06:52 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
المغرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 11:58 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
المغرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:04 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
المغرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 03:11 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

روما يضرب موعداً مع الميلان في ربع النهائي

GMT 19:51 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

الإطاحة بخليجيين وعاهرات داخل "فيلا" مُعدّة للدعارة في مراكش

GMT 03:53 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

نجلاء بدر تُنهي تصوير 75% من مسلسل "أبوجبل"

GMT 05:39 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

الحبيب المالكي ينقلُ رسالة الملك لرئيس مدغشقر الجديد

GMT 05:34 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

وجهات رومانسية لقضاء شهر عسل يبقى في الذاكرة

GMT 19:09 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

أياكس ينتزع فوزًا صعبًا من أوتريخت في الدوري الهولندي

GMT 11:00 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

إيدي هاو يُقلّل من أهمية التقارير التي تحدثت عن ويلسون

GMT 09:56 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

نصيري يؤكّد صعوبة تحويل الأندية إلى شركات

GMT 02:29 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

هاشم يدعم قضية تطوير المنظومة التعليمة في مصر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib