أعلنت دراسة جديدة أن راكبي الدراجات من كبار السن، الذين يمارسون تمرينًا قويًا طوال حياتهم ، يقومون بخداع عملية الشيخوخة عن طريق التنقل بدرجاتهم وتنشيط وظائف الجسم مع القليل من النشاط، يمكن التغلب على الوصول للشيخوخة المبكرة. وقارن العلماء في جامعة برمنغهام بين 125 من راكبي الدراجات الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و 79 مع 75 من غير الرياضيين الذين لا يمارسون نفس الرياضة، ومجموعة أخرى تتراوح أعمارهم بين 20 و 36 عاما.
وقام جميع راكبي الدراجات بالقيادة 300 كلم في الشهر وتم متابعتهم لمدة 25 عامًا، وأظهرت النتائج أنهم يتمتعون بقوة عضلية هائلة مع نشاط وظائف الرئة وزيادة مستويات اللياقة البدنية ، وانتظام ضغط الدم ، والأكثر غرابة هي ان الأنظمة المناعية أصبحت أفضل بكثير من المجموعة الأصغر سنًا. ويمكن أن يمتد هذا إلى الوظيفة المعرفية، فقد كشفت دراسة سويدية صدرت هذا الأسبوع ، والتي ضمت بيانات 200 امرأة من منتصف العمر حتى التسعينات ، أن النشاط البدني قلل من خطر الإصابة بالخرف بنسبة 90٪.
وباتريك كانجلي، هو عضو متحمّس في نادي Bike Beans Cycle Club ، في اشتيد بانجلترا، يتمتع بصحة جيدة بالرغم تقدمه في السن، والذي وفقًا للخبراء في علم الوراثة والتغذية، هناك خطوات معينة يمكن للجميع اتخاذها للوصول لصحة جيدة. وبعد أن كان باتريك لاعب كرة سلة و من المتزلجين المحترفين في وقت سابق، انتقل إلى ركوب الدراجات أثناء تقاعده في عام 2000 - وفي الوقت نفسه أكمل شهادة الماجستير والدكتوراه في الهندسة الحيوية "للمتعة".
وقل باتريك: "لقد بدأت ركوب الدراجات لأنني كافحت مع متطلبات القوة في الرياضات الأخرى التي استمتعت بها" ، كما يشرح: "لم ابدأ في تلك الرياضة لأسباب صحية ، رغم أني أدركت في السنوات الخمس إلى العشر الأخيرة أن هناك فوائد صحية". وأشار إلى انه عندما خرج بدراجته في العام الماضي ، كسرت عظمة الترقوة وبعد شهر واحد كان في حاجة إلى جراحة طارئة في الجمجمة بسبب السقوط الذي تسبب في نزيف بطيء في جمجمته ، وقد تعافى في غضون ثلاثة أيام - الأمر الذي أثار دهشة الجراح. ويضيف: "انني أصاب بالزكام مرة واحدة في السنة تقريبا، ويختفي في غضون أسبوع".
وزوجته ، جان ، 73 عاما ، هي أيضا تمارس رياضة ركوب الدراجات مع زوجها. ولكن بالنسبة لأولئك الذين لا تجتذبهم الدراجات ، قامت هيئات الإدارة الوطنية للكرة الطائرة ورفع الأثقال والتوجيه والبوتشيا بتكييف رياضتهم خصيصًا لكبار السن. وسيتمكن المتقاعدون في منازل التقاعد المختارة من تجربة هذه المبادرة التي تديرها شركة"Oomph! Wellness" ، وهي شركة تصمم برامج نشاط في دور المسنين وجمعيات الإسكان ومراكز الرعاية النهارية. ولكن كيف يمكن للناس العاديين الوصول إلى الشيخوخة؟ هذا ما يطرحه الخبراء في صحيفة التلغراف البريطانية.
وأوضح الخبراء أن الاعتقاد في الماضي بأن إذا كنت تعاني من بعض الخلل الجيني، فإنك ستواجه مصيرا محددًا، وقد دحض ذلك علم الوراثة (immigenetics) - الذي يدرس كيف يمكن للعوامل البيئية أن تغير الجينات الوراثية. ويشرح البروفيسور للاريا بيلانتونو، من قسم الأورام والأيض في جامعة شيفيلد: "الجينات أقل تأثيرا على الشيخوخة من ممارسة الرياضة والتغذية".
وتلعب المكونات الوراثية دورا صغيرا جدا مقارنة بعوامل نمط الحياة مثل السمنة ، وأنماط الحياة غير المستقرة ، والإجهاد والضغوط. ويمكن لبعض الجينات ان تعطيك ميزة ، لكن يمكنك تعديل جيناتك وإعطاء نفسك نفس المزايا إذا كنت تمارس الرياضة. ترتبط بعض الأمراض بعملية الشيخوخة التي تدمر بها الخلايا القديمة لمنع توليد النسخ التالفة. مع تقدمنا في السن ، يصبح نظام المناعة لدينا أقل فعالية في إزالة الخلايا المصابة بالشيخوخة والتي تتراكم.
وهذا التراكم يحفز الجهاز المناعي لتوليد الالتهاب المفرط الذي يؤدي بدوره إلى إعاقة تجدد الأنسجة السليمة وتسريع عملية الشيخوخة. ويقول البروفيسور بيلانتونو: "إذا لم يتم التعامل مع الخلايا الميتة والسينية بأسلوب فعال ، فلن يتم إصلاح الضرر ، وتصبح الخلايا أقل جودة في القيام ببأعمالها". "ولكن يمكنك التأثير على بعض هذه الأنظمة ويعتمد ذلك عند البدء ببمارسة الرياضة.
ولهذا السبب مارس راكبو الدراجات في الدراسة هذه الرياضة كل سنوات حياتهم ما عزز انظمتهم المناعية "على الرغم من أنه ليس من المفهوم تمامًا كيف يمكن للتمارين أن تقلل من الشيخوخة على المستوى الجيني، فإن أحد المؤشرات الرئيسية توضح أنها تقلل من الالتهاب الخلوي ، وهو علامة للشيخوخة. ومن المحبذ أن يتم تسليم دواء جديد يحاكي تأثيرات التمرين المضاد للتقدم في السن. يقول البروفيسور بيلانتونو: "لن نتوقف عن التقدم في السن ولن تجعلنا الادوية شبابًا إلى الأبد ، لكنها ستحافظ على نشاط الأنسجة في نظام عمل كافٍ لتقليل فرص الإصابة بالأمراض المرتبطة بتقدم العمر".
وفقا لمكتب الإحصاءات الوطنية ، سيعيش حوالي واحد من كل ثمانية بريطانيين (8.45 مليون) إلى مئة سنة وسيقضون ثلث حياتهم في سن الشيخوخة. ومع ذلك ، يصبح الناس أكثر تقاعدا مع تقدمهم في العمر ، مع قيام أقل من خمسة في المائة من الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة بقضاء الساعات الموصى بها لمدة ساعتين ونصف من التمارين المنتظمة التي توصي بها هيئة الخدمات الصحية الوطنية كل أسبوع.
وأوضحت أخصائي العلاج الطبيعي كاري ماتينسون، رئيس قسم العلاج في مستشفى سانت جون وسانت إليزابيث في لندن:"معظم الناس يريدون أن يكونوا قادرين على الاستمرار في فعل ما يستمتعون به وأن يكونوا نشطين في سن الشيخوخة. ولكن من أجل القيام بذلك فإن قوة العضلات مهمة لأن عند التقدم في السن يفقد الناس كتلة العضلات، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض القوة ومشاكل الهشاشة وزيادة خطر السقوط. من المهم الحفاظ على تدريب المقاومة - سواء من خلال تمارين مقاومة الجسم أو في الصالات الرياضية ".
ويمكن أن يحسّن تأثير تمارين المقاومة من صحة العظام بين كبار السن. "تتفاعل العظام مع بيئتها" ، تشرح ماثينسون ، التي تنصح بأن أي شخص لديه مشاكل صحية سابقة يجب أن يبدأ تلك التمارين. وتوصي ببرنامج تمرين يتضمن تدريب المقاومة للحفاظ على القوة والتمارين الرياضية لصحة القلب والأوعية الدموية والتوازن والمرونة ، مثل اليوغا.
ولا ينبغي أن تكون الأوجاع والآلام حافزًا أوتوماتيكيًا لممارسة التمارين في كبار السن ، كما هو الحال مع المشورة المهنية والعلاج الطبيعي يمكن علاج العديد من الإصابات أو تخفيفها. تتابع ماتنسون: "لا يوجد دليل على أنك لن تستفيد من التمرين في أي وقت من حياتك". وفي عام 2013 ، وجدت دراسة أجرتها جامعة غلاسكو أن ما يقرب من واحد من كل أربعة أشخاص يعانون من السمنة عند كبار السن ، في حين أن حملة أبحاث السرطان الجديدة تعد التغذية ثاني أكثر أسباب السرطان التي يمكن تجنبها.
وأوضح الدكتور مارتن وايت هو المحاضر الأقدم في الطب الاستقلابي في جامعة سري، أن تقييد السعرات الحرارية يمكن أن يطيل العمر. "إن النقطة الغذائية الرئيسية لمكافحة الشيخوخة هي تجنب الاستهلاك المفرط للسعرات الحرارية وليس التجويع هو المفتاح. فإن عدد قليل جدا من السعرات الحرارية يؤثر سلبا على العمر. من 1500 إلى 1800 سعرة حرارية في اليوم تقلل إلى أدنى حد من فرص فقدانك للحياة ، بالاضافة إلى انها اذا زادت فإنك تفقد سنوات حياتك تدريجياً".
ولقد حدد العلماء الذين يدرسون العلاقة بين التغذية والشيخوخة جزيئًا معينًا يسرع عملية الشيخوخة.عندما نأكل الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر المعالج والدهون المشبعة ، فإننا ننتج جزيئات تسمى "Advanced Glycation End" (AGEs). هذه البروتينات والجزيئات الأخرى تقلل من وظائف الجسم. يمكن أن تلعب دورا في تطوير أو تفاقم الأمراض التنكسية ، مثل مرض السكري ، وتصلب الشرايين ، وأمراض الكلى المزمنة ، ومرض الزهايمر. ويعتقد أن خصم السعرات الحرارية يقلل من تلك الجزيئات.
وأشار الدكتور وايت إلى الحمية المتوسطية التقليدية للأسماك الطازجة والفاكهة والخضروات كأفضل نموذج لطول العمر. و يشترك في العديد من أوجه التشابه مع الأطعمة التي يتناولها الناس في أوكيناوا باليابان ، حيث يعيش العديد لاكثر من مائة عام. "كلاهما يحتويان على الكثير من الأسماك الزيتية والكثير من الفواكه والخضروات الطازجة ، ومستويات منخفضة من الدهون المشبعة ودهون أقل معالجة. تلك هي المكونات الرئيسية. هناك مكونات صغيرة في ذلك قد تكون ذات صلة ، مثل أوميغا 3 من الزيوت ، وفيتامين د ، والزنك وفيتامين هـ ، ويوضح الدكتور وايت ، الذي يشير أيضا إلى أن البروتين ، الذي يبني ويحافظ على العضلات، أمر ضروري لشيخوخة صحية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر