بوغاتا ـ ليال نجم
جرّمت العاصمة الكولومبية فن الغرافيتي بعد احتجاج أسفر عن مقتل فنان من فناني الشوارع عمره 16 عامًا على يد الشرطة، واعتقد العمدة الجديد أنريكى بينالوسا بعد خمس سنوات على أن الغرافيتي يعد آفة في المدينة، وفى 19أب / أغسطس كان فنان الشارع دييغو فيليبي بيسيرا، 16 عامًا الذي سمى نفسه "تريبيدو" يرسم صور للقط فينيكس على جدران أحد الأنفاق وعندما وصلت الشرطة ركض تريبيدو إلا أن الشرطة أطلقت عليه النار وقتلته.
وأوضح الطالب جيف أحد سكان المدينة أن ادعاء الشرطة بأن الفنان الصبي سرق حافلة لتبرير قتله، وعند كشف الحقيقة اندلعت الاحتجاجات في المدينة، وأضاف جيف: "وبعدها اتجهت التغطية الإعلامية إلى التركيز على فن الغرافيتي في الشوارع وفيما بعد تم تجريمه لكنه لا يزال يعد عمل ثقافي".
وأوضح جيف أنه شاهد أثناء رحلته أحد فناني الشوارع المعروفين فى أمريكا الجنوبية وهم يرسمون لوحات جدارية جديدة، وأخبر فنانون آخرون عن تشجيع الناس لهم وتقديم القهوة والكعك لهم أثناء العمل، ويقول فنان أسترالي من فناني الشوارع يدعى "كريسب"، الذي انتقل إلى بوغوتا منذ سبع سنوات أن إيجاد الوقت للرسم يخلق المزيد من اللوحات القيمة عن تلك الموجودة في غيرها من مدن العالم، حيث يتم عمل اللوحات في الليل على عجل خوفا من الشرطة، وأحيانا يتم تكليف فناني الغرافيتي من قبل ملاك المباني والمحلات بالرسم على الجدران بدلا من "الشخبطة" عليها.
وذكر جيف " إنه أمر خطير أن يتواجد جدار صريح هناك، ولكن عند الرسم على الجدار لا نحصل على العلامات"، التي يقصد بها كتابة اسم الغرافيتي في كل مكان والتي ربما تبدو غير مرتبة لكنها جزء لا يتجزأ من الكتابة على الجدران في يوغوتا، ويمكن القول أنك بالكاد تجد شخص واحد يقدر العلامات باعتبارها فن على الرغم من سعادة الغالبية برؤية الجدران الملونة.
وعلى الرغم من الحكم في عام 2011 بأن فن الغرافيتي لم يعد جريمة جنائية لكنه ظل في منطقة رمادية بين كونه قانوني أو غير قانوني، حيث يمكنك رسم الغرافيتي بإذن من المالك، إلا أن الرسم على جدران المباني العامة ربما يؤدى إلى فرض غرامات، وفى عام 2014 احتجه فنانو الشوارع بعد إزالة الشرطة لجزء كبير من الرسومات إلا أن العمدة فى ذلك الوقت وافق على أن الشرطة تخطت الحاجز المسموح، وأعلن أنه لن يتم إزالة اللوحات المستقبلية في ظل تأديتها بطريقة مسؤولة في الشوارع الفنية.
وأضاف الفنان كريسب: " تعد بوغوتا بيئة ليبرالية للرسم لكن الرسم لا يتم بطريقة مقننة وحرة للجميع، ويقوم أكثر من نصف فنانى الشوارع في بوغوتا من خلال إذن من مالك العقار، إلا أن الكثير من اللوحات يتم رسمها دون إذا من أصحاب المباني وربما تتعرض لدفع غرامة أو رشوة أو الضرب بواسطة الأمن الخاص فضلا عن مضايقات الشرطة، وتشتره الشرطة هنا بالفساد والعنف الجسدي ضد فناني الشوارع، بوغوتا تعد قبلة لفن الغرافيني وأن الفنان يحظى باحترام كبير إذا استطاع الرسم على جدران القصر الرئاسي، وأضاف فنان أخر يدعى "دى جي لو" أن الناس يجب آلا تركز عما إذا كان الفنان يكسر القانون أم لا، مضيفا " أن قانونية اللوحة من عدمها لا تؤثر في اللوحة إنها قضية جمالية، وعلى سبيل المثال طلب الإذن لرسم جرافيتي لا يجعلها أقل جمالا، وأن الفنانين عندما يرسمون ليلا فهذا لا يجعل الرسم على الجدران أكثر جمالا"، وعندما كان الرسم أمر قانوني في بوغوتا كانت الموضوعات معظمها سياسية مثل حقوق المرأة والحرب على المخدرات، ومن أكثر الرموز المنتشرة في اللوحات التي يقدمها الفنان "لو" هو رمز لثمرة الأناناس على شكل قنبلة في إشارة إلى أن الأرض التي كانت مليئة بالمحاصيل ه الآن مليئة بالألغام الأرضية.
وأشار جيف إلى لوحة جدارية أخرى تجسد وجه برادلي مانينغ وادوارد سنودن وبينهما كتب سؤال "بطل أم خائن"، وتحظى شوارع مدينة بوغوتا بحرية نسبية، إلا أن الأمر ربما يتغير حيث انتخبت المدينة التي قادها زعماء يساريون لمدة 12 عامًا في كانون الثاني/ يناير عمدة يميني وسطي " أنريكي بينالوسا" في أواخر التسعينات والذي اعتبر أن الانتشار غير المنضبط للجرافيتي يعد آفة على المدينة.
وبيّن كريسب أن دفع العمدة الجديد بقوانين أقل تسامح للرسم على الجدران، وربما يبدأ في إزالة العديد من الأعمال الفنية فى المدينة، لكننا سنستمر في الرسم، وأعتقد أن العلامات ستنشر بشكل أكبر لأنا الوسيلة الأسرع لتجنب ملاحقة الشرطة، وإذا جرمت الشرطة ذلك أعتقد أن حدة المواجهة ستزيد وستحدث أعمال تخريبية للتخلص من الرسومات".
ومن المؤكد أن فناني الشوارع فى بوغوتا لن يختفوا فى هدوء وأنهم لا يخشون الاحتجاج، وفى 2013 احتج أكثر من 300 فنانًا بعد تصوير "جوستين بيبر" وهو يرسم في المدينة مع حراسة الشرطة، وفى اليوم التالي احتجه العديد من الفنانين وقاموا بإزالة لوحته بعد سنوات من مضايقات الشرطة لهم، وأوضح جيف أن لوحته كانت تجسد العلم الكندي مع ورقة ماريجوانا بدلا من ورقة القيقب.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر