قرن من البحث العلمي تطويه أعرق المجلات العلمية بالمغرب “هيسبريس-تمودا”، محتفيَة بتاريخها بإصدارات جديدة، أدرجت أحدثها، رقميا، في موقعها الرسمي.مجلة “هيسبريس تمودا”، التي تشرف على إصدارها كلية الآداب والعلوم الإنسانية ب جامعة محمد الخامس بالرباط، أتاحَ موقعها الولوج إلى عددها الأحدث، المعنون بـ”الأرشيف والدراسات الجندرية” في مجتمعات شمال إفريقيا، وهو المجلد الأول من العدد 56 في سنة 2021، وتناهز عدد صفحاته 600.
ويركز هذا العدد التاريخي على موضوع الأرشيفِ الممكّن من البحث في قضايا “النوع” ببلاد المغرب، أو شمال إفريقيا، وكيف يسهم موضوع “الجندر” في تكوّن الأرشيف، وكيف يحضر فيه، من وجهات نظر تاريخية، وسوسيولوجية، وأنثروبولوجية، ووجهات نظر متخصصة في دراسات النوع، مع عمل بمقاربات ومناهج متعددة عابرة للتخصصات
احتفاء “هيسبريس-تمودا” بقرنها الأوّل، يقول خالد بن الصغير، رئيس تحرير المجلة، إنه يتمّ باستمرار إصدار الأعداد الضخمة، التي “ستمكّن الأجيال المقبلة من أن تجد أثرا لهذه الذكرى”.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، يذكر الأكاديمي خالد بن الصغير أن كلية الآداب والعلوم الإنسانية تستعد لإعداد نشاط احتفالي بذكرى صدور المجلة، لم تُعلَن تفاصيله بعد.وعن الاحتفاء العلمي باستمرار إصدار مجلّدات بأربع لغات، تجمع باحثين عالَميين من تقاليد علمية ومرجعيات معرفية متعدّدة، يقول بن الصغير إن العدد السابق حول “أنثربولوجيا المغارب” نفد من السوق، كما تعدّ المجلّة الآن نسخة جديدة من مجلّداته الثلاث، ويتمّ إعداد المجلّد المقبل الذي يتضمّن أشغال ندوة “المدينة في العالم الإسلامي”، التي نظّمت بشراكة بين أكاديمية المملكة المغربية ومجلة “هيسبريس-تمودا” الصادرة عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
وحول التقاليد العلمية للمجلة التي أتمت سنتها المائة، يقول رئيس تحريرها المؤرخ خالد بن الصغير: “نريد أن نتحاور مع العالم، ونحرص على جودة المقالات، وجدّيّتها وجدّتها، وألا تكون مُكرَّرَة، بل مقالاتٍ تحاول أن تساهم في تقدّم البحث إلى الأمام بمعالجة قضايا جديدة، بأصالة وانتظام في الصدور، ومواكبة للمستجدات البحثية، وعدم اشتغالٍ على المتجاوَز، والابتعاد عن التبجّح والتّمجيد”
ومع هذه التقاليد التي تتمسّك بها المجلة، تضع نصب عينيها، وفق التصريح ذاته: الحفاظ على مقصد “الإسهام في تقدّم البحث التاريخي”، مع استحضار أن قوّتها “تكمن في كونها من المجلّات القليلة في العالَم التي تنشر بأربع لغات، هي: العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية”.
ويضيف بن الصغير في حديث عن آخر أعداد “هيسبريس-تمودا”: “توجد مجلات متخصصة في النوع، ولكن لتكون عندنا مشروعية الكتابة في الموضوع أخذنا قيمة الأرشيف والأرشيفات الممكن توظيفها في كتابة تاريخ النوع، ليس من جانب الخطاب النضالي، بل من جانب الوثائق التي يمكن الاستناد عليها إذا ما أردنا الكتابة حول قضايا النوع، والبعد التاريخي لقضايا النساء”.
ويزيد الأكاديمي: “نحاول الحفاظ على بعد المجلة التاريخي، المتفاعل مع مختلف العلوم الإنسانية، لكن هويتها هي البحث التاريخي بالتعاون مع العلوم المساعدة”.
وفي هذه الذكرى المئوية لأعرق المجلات المغربية، يذكّر رئيس تحريرها خالد بن الصغير أن في استمرار انتظام صدورها، بمواضيع بحثية راهنة، وإسهامات عالَمية باللغات الأربع، “احتفاء للمجلة بنفسها، وبإنتاجها، وبباحثيها”، مؤكدا في السياق ذاته أن “هيسبريس-تمودا” تستمر في هدفها العلمي غير الربحي، إذ “تباع بثمن طبعها أو أقل”.
تجدر الإشارة إلى أن الاطلاع على أعداد المجلة المغربية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية متاح عبر موقع “هيسبريس-تمودا”، الذي يرتب القديمة منها من سنة 1921 إلى سنة 2009، والجديدة ابتداء من سنة 2010 إلى أحدث أعدادها، لاستكشاف مضامينها المهتمة، خاصة، بالمغرب والمغارب، تاريخا، وجغرافيا، واجتماعا، ولسانا.
كما يُذكَر أن مجلّة “هيسبريس-تمودا” انضمّت رسميّا إلى قاعدة بيانات “كلاريفيت أناليتيكس”، المعيارية الدّولية، عام 2016؛ بعدما رأت النّور عام 1921، حين كان الهدف من إنشائها “كشف الستار عن خبايا المجتمع المغربي المحمي”، قبل أن يصير في الخمسينيات “دراسة المغرب، وأرضه، وحضاراته، وسكّانه، وتاريخهم، ولغاتهم”، مع اهتمام أعمّ بـ”تاريخ حضارة الغرب الإسلامي”.
وحمَلَت المجلة اسم “هيسبريس” الذي كان يعني “المغرب” قديما عندَ الإغريق، وفق المؤرِّخِ إبراهيم بوطالب، وانصهرت، بعدما أنشأها الفرنسيون في الرباط، مع مجلة “تمودا”، التي أنشأها الإسبان في تطوان، ليصير اسمها “هيسبريس-تمودا”، قبل أن ينتقل بها المؤرّخ المغربيّ الراحل جرمان عيّاش من “عهد الحماية إلى عهد السيادة الوطنية المسترجعة”، وفق نصّ للأكاديمي إبراهيم بوطالب الذي أشرفَ عليها بعد ذلك.
قد يهمك ايضا:
معرض "المتاحف الوطنية" في العاصمة يقرّب الزوار من عوالم "كورونا"
"يونيسكو" تجمع متاحف العالم من أجل التأمل في مستقبلها
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر