الموت يُغيّب الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي أستاذة الأديبات المتمردات
آخر تحديث GMT 00:24:00
المغرب اليوم -
ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير الحكومة الإسبانية تفرض غرامة تصل لـ179 مليون يورو على 5 شركات طيران بسبب ممارسات تعسفية السلطات الأمنية في بريطانيا تُخلي أجزاء كبيرة من مطار جاتويك جنوبي لندن لأسباب أمنية وزارة الصحة في غزة تُناشد المؤسسات الدولية والإنسانية بتوفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في القطاع إصابة 6 كوادر طبية وأضرار مادية جراء هجوم إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة مقتل 10 أشخاص فى هجوم على مزار فى ولاية بغلان شمال شرق أفغانستان الشرطة البريطانية تُغلق السفارة الأميركية فى لندن بعد انفجار طرد مشبوه عثر عليه بالمنطقة الجيش الإسرائيلي يُصدر أمراً بإخلاء 3 قرى في جنوب لبنان وانتقال السكان إلى شمال نهر الأولى الشرطة البرازيلية تتهم بشكل رسمي الرئيس السابق اليميني جاير بولسونارو بالتخطيط لقلب نتيجة انتخابات 2022 بالتعاون مع مؤيديه المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن ارتفاع عدد شهداء الغارة الإسرائيلية علي مدينة تدمر الي 92 شخصاً
أخر الأخبار

الموت يُغيّب الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي أستاذة الأديبات المتمردات

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الموت يُغيّب الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي أستاذة الأديبات المتمردات

من محاكمة ليلى بعلبكي بسبب روايتها «أنا أحيا» (منصة «إكس»)
بيروت - المغرب اليوم

عملياً عاشت ليلى بعلبكي، الروائية اللبنانية الرائدة التي غادرتنا يوم الجمعة الماضي، في مغتربها اللندني عن 89 عاماً، عمراً أدبياً قصيراً جداً قد لا يتجاوز السنوات العشر، ومن ثمّ غابت عن المشهد ما يقارب 50 سنة، لم تظهر خلالها إلّا لماماً وعلى استحياء، إلى أن قرأنا خبر نعيها.
ومع ذلك، بقيت ليلى بعلبكي، طوال هذه السنين، نجمة في دنيا الأدب، لم ينسَ القرّاء ولا النقاد يوماً اسمها، وبقيت حكايتها تطاردها، والأجيال المتعاقبة تبحث عن كتبها، وتحاول العثور على نصوصها بأي ثمن. وبذلك فإن ليلى بعلبكي، كُتب عنها بالعربية والأجنبية، أضعاف ما كتبت هي نفسها، وأسالت من الحبر دون أن تقصد، ما تحسدها عليه كاتبات كثيرات. إذ لا يمكن التأريخ للرواية النسائية العربية، من دون التوقف عند ليلى بعلبكي وما كتبته، ومدى تأثيره فيمن جاء بعدها. وبذلك هي بالفعل ظاهرة تستحق أن تدرس، وسيرة، كان لا بدّ أن تُكتب، ويخشى أن تكون ليلى بعلبكي، وهذا هو المرجح، قد رحلت، من دون أن تترك لنا مخطوطة وراءها، أو قصّاصات سجلت فيها خواطرها.

منذ ما يقارب نصف قرن، غابت الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي عن المشهد الثقافي، بقرار خالص منها. انسحبت وعاشت حياة عائلية خارج لبنان، وحين كانت تعود في زياراتها القليلة، تبدو وكأنها ليست هي المرأة التي أقامت الدنيا ولم تقعدها بكتاباتها، بل بقيت صامتة، خصوصاً عن أي موضوع يمكن أن يزيد أو ينقص عمّا عرفناه عنها في الكتب. رفضت مشاريع كثيرة، أدارت ظهرها لأي مقابلة صحافية، أو حتى حوار شخصي يعيدها إلى أي تفصيل أدبي. قالت إنها هجرت حتى الكتابة الصحافية لأنّها كانت تتعرّض لمضايقات جمّة، ولم تشعر أن بمقدورها أن تكتب ما تريد أو تحكي عمّا تشاء.

هي ابنة الجنوب اللبناني، من قرية حومين التحتا في منطقة النبطية، تعلّمت في بيروت، وبدأت دراستها في جامعة القديس يوسف ولم تكملها. عملت موظفة في المجلس النيابي اللبناني لسنوات قليلة، وكتبت في عدد من الصحف والمجلات منها «الحوادث»، و«النهار»، و«الأسبوع العربي».

صدرت رواية ليلى بعلبكي الأولى «أنا أحيا» عام 1958 عن «منشورات مجلة شعر»، وهو ربما ما روّج لها وساعد في انتشارها، ومن ثمّ ذيوع صيتها. بطبيعة الحال هذا وحده لا يكفي، ليجعل «أنا أحيا» إلى اليوم، واحدة من أشهر الروايات العربية على الإطلاق، وبها يؤرخ النقاد لولادة أول رواية عربية نسائية حرّة وجريئة؛ فهي مكتوبة بتلقائية، وبأسلوب بسيط، لكنه حيوي وجذاب، وبطلتها لينا فياض، لديها من الجرأة أن تفكّر بما لا تجرؤ عليه الأخريات، وتقول وتفعل، ما بدا مستهجناً لكثيرات في حينه. فهي التي تقول: «هكذا أنا عالم مستقل لا يمكن أن يتأثر مجرى الحياة فيه بأي حدث خارجي لا ينطلق من ذاتي». ومن هنا كان لها أن تكتب نفسها وما يدور في خاطرها.

ورغم أن قراءة هذه الرواية اليوم، قد تبدو غير مستساغة لأن الزمن قد تغير، والكتابة الروائية اتخذت أشكالاً أخرى، إلا أنّ أجيالاً من الفتيات تتلمذن على «أنا أحيا»، و«الآلهة الممسوخة» التي بقيت أقل شهرة. أمّا الكتاب الثالث للروائية فهو «سفينة حنان إلى القمر»، وهو عبارة عن مجموعة قصصية صدرت عام 1963. ورغم أن الرواية التي تحمل اسم المجموعة كانت قد نشرت منفردة، في مجلة «حوار»، وكذلك القصص الأخرى من المجموعة نشرت متفرقة، من دون أن تلفت نظراً أو تثير غباراً بل نالت مديحاً، فإنه بعد ثمانية أشهر نشرت صحافية مصرية مقالة في مجلة «صباح الخير»، هاجمت فيها كاتبة المجموعة واتهمتها بالإباحية وهي تعيد بعض الألفاظ النابية الواردة في الكتاب ومعلقة في النهاية: «ملعون هذا الأدب يا شيخة!».

على الأثر، ورغم أن الكتاب كان حائزاً على رخصة النشر بشكل قانوني، قامت السلطات اللبنانية بمصادرته من دار النشر، ومن المكتبات الموجود فيها، واحتجزت شرطة الآداب الكاتبة لمدة ثلاث ساعات، واستجوبت وأُحيلت إلى المحكمة.
كتبت ليلى بعلبكي عن استجواب رجل الشرطة لها وهي تقول: «لم أتمكن من إخفاء استغرابي وهو يسألني: لماذا تكتبين بهذه الطريقة؟ وسألت نفسي هل يحقّ لأحد أن يسأل فناناً لماذا يكتب هكذا؟ بصوت مرتفع أجبت: لأنني أعتبر نفسي أتمتع بحرية الرأي، والفكر، والعمل، الممنوحة لكل شخص في لبنان». قالت إن كتابها يحكي «عن البشر، وعن الناس، وعن الأشخاص، في هذا البلد. يصوّر الواقع بطريقة أدبية فنية. وإذا كانت تجب مصادرته فالأصح أن تصادر البشر هنا، لأنهم مادته...».

لكن هذا كله لم يكن كافياً. أُحيلت إلى المحكمة، وطالبت النيابة العامة بحبس المؤلفة من شهر إلى ستة أشهر وبتغريمها من 10 ليرات إلى 100. تولّى الدفاع في هذه المحاكمة الشهيرة عن ليلى المحامي محسن سليم، والد الروائية والناشرة رشا الأمير، والمغدور به لقمان سليم. وكانت المحاكمة الأولى من نوعها في لبنان التي يحاكم فيها أديب على هذا النحو.
 
اختلفت ردود الفعل على ما تعرضت له ليلى بعلبكي، ساندها أدباء ومفكرون عرب ولبنانيون، ودافعوا عنها دفاعاً عالي النبرة، خصوصاً جماعة مجلة «شعر»، لكن هيئات نسائية اعترضت على الكتاب ومستواه الأخلاقي الهابط. ووصل الصدى إلى أوروبا تحديداً فرنسا، وانشغلت المجلات والصحف هناك، بقضية الكاتبة اللبنانية كونها تخوض معركة حرية.
وانتهت هذه المنازلات الحادة، التي استنزفت الكاتبة ووضعتها في حالة نفسية صعبة للغاية، بالحكم «بوقف التعقبات الجارية بحق المدعى عليهما ليلى بعلبكي وجورج غريب وبعدم إيجاب الرسوم ورفع قرار المصادرة وإعادة الكتب المضبوطة لأصحابها».
ليلى بعلبكي بهذا كانت أول لبنانية تحاكم بتهمة خدش الحياء العام، وصدر الحكم في شهر 23 يوليو (تموز) عام 1964.

وليلى بعلبكي بهذا النبض والنصوص المتمردة، والرغبة العارمة في إطلاق ما في داخلها والتعبير عنه، قد تكون سبقت غيرها. وهي حقيقة رفعت السقف عالياً، في مجتمع كان لا يزال التقليديون فيه كثرة، ولم توفّر الجوانب الدينية، وكأنما تركت لنفسها تقول ما تتمنى. لكننا نتحدث عن نهاية الخمسينات من القرن الماضي، وبداية الستينات، وفورة العصر الذهبي الثقافي اللبناني، وغليان التيارات الفكرية، وصعود الوجودية، وازدهار الحركة المسرحية والتشكيلية وولادة المهرجانات الفنية، ومعرض الكتاب. هي حيوية مجتمعية ثقافية جامعة، جاءت ليلى بعلبكي لتتّبعها موجة من الكاتبات مثل حنان الشيخ وغادة السمان، وغيرهن.
كل ما تعرضت له ليلى بعلبكي، يبدو أنه أصابها بالإحباط، فتوقفت عن الكتابة، وتزامن ذلك مع زمن النكسة، ولم يطل الوقت قبل أن تنشب الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، فتركت لبنان إلى لندن، وغابت ليلى، باستثناء زيارات متقطعة، ونفدت طبعات كتبها، وأصبح قُرّاؤها، يبحثون عن النسخة من «أنا أحيا» فلا يجدونها.
وتمكنت «دار الآداب» من إقناع ليلى بعلبكي، بإعادة طباعة كتبها، وهكذا كان، وأصبحت موجودة لمرّة جديدة في الأسواق. وحضرت بعلبكي بعد احتجابٍ لتلتقي بجمهور معرض بيروت للكتاب عام 2009 وتوقّع كتبها، وبهذه المناسبة أعادت ربط بعض ما انقطع لبعض الوقت، قبل أن تغيب كلياً، وجاء الوباء والانهيار، فلم نعد نعرف ما حلّ بليلى، إلى أن وافتها المنية في مغتربها، وجنوبها، جنوب لبنان، يعيش أياماً صعبة وقاسية، وأهله في قلق على غَدِهم.
كتب أنيس صايغ في العدد الخامس من مجلة «الآداب» الصادر في 1 مايو (أيار) 1958 في مقالة نقدية: «(أنا أحيا) لا تعني (أنا حبلى) فحسب، إنها قد تعني أيضاً، أنا أنتج فكراً، أنا أُكافح عدواً، أنا أنصر ضعيفاً، أنا أُربّي يتيماً،...». خاتماً مقالته: «ليلى بعلبكي إمكانية كبرى، لن نسميها فرنسواز ساغان العرب، ولا نريدها أن تكون فرنسواز ساغان العرب، نريدها ليلى بعلبكي وحسب».

قد يهمك أيضا

الرواية العربية وثيقة اجتماعية في زمن التحولات

 

تعرّف على طريقة تصميم القصص المصوّرة الرقمية الخاصة بشكل سهل

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموت يُغيّب الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي أستاذة الأديبات المتمردات الموت يُغيّب الروائية اللبنانية ليلى بعلبكي أستاذة الأديبات المتمردات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 22:23 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مباحثات عباس وبوتين لوجود فلسطين في البريكس

GMT 05:47 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

أول مواطن تركي يسافر إلى محطة الفضاء الدولية

GMT 14:44 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

 المؤشر نيكي يهبط 0.57% في بداية التعامل بطوكيو

GMT 10:31 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الاتجاهات في عام 2018 تحمل التكنولوجيا إلى مناطق مخيفة

GMT 05:02 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

رباه..إنهم يلقنون فرنسا الديمقراطية !!!

GMT 00:32 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو موسي يتصدر الأكثر مبيعًا بـكتابيه

GMT 21:19 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

النقد الدولي يخفض توقعاته لنمو الصين لـ4.8%

GMT 16:24 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

كيفية إنشاء أحداث خاصة في تطبيق واتساب

GMT 20:46 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

الحكومة المغربية تُصادق على إحصاء السكان

GMT 11:04 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

صافرات الإنذار تدوي في مستوطنات غلاف غزة

GMT 21:58 2023 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أنشيلوتي يعنف نجم هجوم ريال مدريد عقب لقاء فالنسيا

GMT 11:58 2023 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

نور الغندور تتألّق بأزياء ملفتة ومميزة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib