سيدني ــ ريتا مهنا
أقيم للفنان الأسترالي ميوران سوكوماران، معرضًا فنيًا في مهرجان مدينة سيدني، حيث يعرض المعرض صور الفنان التي تعكس صراعه مع تقبل فكرة الموت في محبسه حيث كان ينتظر تنفيذ حكم الإعدام، ويفتح معرض "كامبلتاون" على صورة للفنان ميوران سوكوماران التي يظهر فيها بذقنه المرتفع نسبيًا وكتفاه المستريحة للخلف حيث تصيب اللوحة من يتصفحها بحالة من القلق والحزن، فهذه اللوحة الشخصية لسوكوماران هي واحدة من بين العديد من اللوحات التي يحفل بها المعرض.
وكان ميوران سوكوماران القى عليه القبض بتهمة تهريب الهروين داخل إندونيسية عام 2005، حيث كان "سوكوماران" الأسترالي الجنسية أحد أفراد عصابة مهربين، ضمت 9 أفراد، عرفت إعلاميًا بـ"باليناين"، ونفذت السلطات الإندونيسية حكم الإعدام عليه رميًا بالرصاص مع رفيقه الأسترالي اندرو تشان وباقي مجموعة المهربين في 29 من شهر أبريل/ نيسان من عام 2015.
وظلم يوران سوكوماران ما يقرب من عقد من الزمان يحاول تخفيف عقوبة تنفيذ حكم الإعدام مد داخل محبسه بسجن كيروبوك انبالي، وهو الأمر الذي قاده نحو الفن حيث قام "سوكوماران" برسم العديد من اللوحات التي تجسده في سنوات حياته القليلة المتبقية. وأصبحت أعماله الفنية أرثًا فنيًا وسياسيا ومنبرا لمناصريه ومردييه.
وتعتبر لوحة "يوم آخر في السماء" هي اهم ارث ادبى لميورانسوكوماران والتي قام بعرضها صديقه ومعلمه الفنان بنكويلتي، ومايكل ديجسيانو،مدير معرض كامبلتاون الفني، حيث يعتبر المعرض مجالا يعبر عن مفهوم العدالة والإنسانية وقسوة عقوبة الإعدام أكثر منه منبرا لعرض اللوحات الفنية.
وقام منظمي المعرض بترتيب اللوحات الفنية بالطريقة التي تعكس تجربة احتجاز "سوكوماران" الطويلة بالسجن، والتركيز الشديد على الجانب السياسي الذي أخذ جزئًا كبيرًا من حياة الفنان الذي تم اعدامه. كما يضم المعرض القليل من أعمال المناظر الطبيعية بين مجموعة "سوكوماران" الفنية التي يعد أغلبها أعمالا جسدت شخصه ورفقائه بالسجن وأفراد عائلته وأصدقائه.
وقد تأثر ميورانسوكوماران بأسلوب صديقه، بنكويلتي، في استخدام الفرشاة واختيار الألوان الذي تنم عن ذوقه وثقته في استخدام الألوان بطريقة سميكة حيث أضفتالطابع الانطباعي على لوحاته أكثر من الطابع الاعتيادي، لكن أسلوب "سوكوماران" الفني يختلف عن معلمه بنكويلتي في استخدامه نمط الزوايا بكثرة وظهر ذلك جليا في رسماته الشخصية التي تحمل تعبيرات وتقاسيم للوجهالذي أراد "سوكوماران" إخفائها.
وترتكز فكرة المعرض على صراع ميوران سوكوماران لتقبل فكرة الموت الذى كانت تلوح في الأفق خلال وجوده في محبسه قبل إعدامه لاحقا، فقد ضم جناح بالمعرض، حمل اسم "آخر 72 ساعة"، مجموعة من لوحات "سوكوماران" جسدت جزيرة نوساكامبانجان الإندونيسية التي رُحل لها "سوكوماران" وصديقه و"تشان" انتظارا لتنفيذ حكم الإعدام، ومن بين لوحات "سوكوماران" الشخصية الإحدى عشرة تظهر لوحة تجسد القلب بعضلاته لا برموزه الفنية الغامضة، وفي مقابل لوحة القلب علقت لوحة أخرى لسلاح الكلاشنكوف الروسي وهو نوع السلاح المستخدم في تنفيذ أحكام الإعدام بإندونيسيا وبالرغم من أن هذه اللوحة تحمل رمزية واضحة المعالم إلا أن تأثيرها فني ضعيف جدًا.
أما لوحاته الذاتية، التي جسدت شخصه، فتحمل الكثير والكثير في ضروب الفن، فتدل طريقته في الرسم وخطوط الفرشاة وعدم وضوح أجزاء من الصورة من أن شيئا قد انكسر، حيث تفوح من لوحاته روائح الإحباط ومحاولات طمث الهوية أو الذات.
يذكر أن آخر لوحتين من أعمال "سوكوماران" تتحدث عن وطنهفي إشارة واضحة يستجدى بها بوضوح تعاطف الإنسانية، كما جسدت اللوحة الأخرى علم دولة إندونيسيا معلق من سقف ينزف منه خيوط من الدم في إشارة للمصير المحتوم الذي ينتظره هو وأفراد عصابته، وحظيت هذه اللوحة بتوقيع جوكوويدودو، رئيس إندونيسيا، وعبارة مقتضبة جاء فيها "إن الناس تتغير".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر