مدريد ـ لينا عاصي
تجذب مدينة كوزكو العتيقة عاصمة إمبراطورية إنكا القديمة حشودًا من السياح كل عام، ولكن الشوارع الضيقة التي تتخللها المعابد الغنية والكاتدرائيات الكبيرة تقدم لمحة باهتة لماضي المدينة، حيث صمدت كوزكو في تاريخها الذي يمتد إلى 900 عام في نهضة وسقوط الإنكا، وحين قام الغزاة الإسبان بغزو العاصمة في عام 1533 أعادت كوزكو اختراع نفسها كمدينة إسبانية مزدهرة، بنيت على
أسس حضارة الإنكا، حيث يستغرق الوقوع في سحر هذه المدينة وعجائبها يومًا فقط. تتشارك الآن بقايا الحقبتين في شوارع المدينة، حيث تتجاور كنائس حقبة الباروك التي تعود إلى قرون مع الأبنية الحجرية الرائعة وتظهر قصور الحقبة الاستعمارية تحفًا فنية من العصر قبل الكولومبي، وكان هذا التصادم النادر بين الطراز الإسباني والأنديزي هو ما جعل المدينة آسرة للمسافرين. لم تعد كوزكو مختبئة في ظل ليما، عاصمة بيرو، ولكن بعد مرور كوزكو بازدهار في السياحة على مدار العقود القليلة الماضية فإنها تقوم الآن بدور نقطة الانطلاق الأولية إلى ماتشو بيتشو، المدينة الأفضل في أميركا الجنوبية، وهي المدينة الضائعة لحضارة الإنكا، والتي لا تزال نقية لم يلوثها البشر. ثم في بداية القرن العشرين جاء المستكشف الأميركي هيرام بينغام عبر بقايا ماتشو بيتشو، كاشفًا عن واحدة من أكثر مفاخر العالم القديم الأثرية إبهارًا. اليوم يقوم الآلاف بالحج من كوزكو والوادي المقدس إلى ماتشو بيتشو، ولكن قبل أن تقوم برحلتك الاستكشافية إلى بقايا المدينة الأخاذة عليك التمتع بالروعة الموجودة في كوزكو، عليك مشاهدة "كوريكانشا -معبد الشمس"، والتسوق لشراء الأنسجة الأصلية، أو اختبار بعض الأطعمة الأنديزية. ولكي توفر النقود في كوزكو، قم بشراء التذكرة السياحية، حيث تضمن تلك التذكرة دخول 16 معلمًا في كوزكو، يقبل بعضها تلك التذكرة فقط بدلاً عن تكلفة الدخول، و تكلف التذكرة السياحية 130 سول جديد (أي ما يقرب من 47,5 دولارًا أميركيًا) ولكن هناك أيضًا إمكانية شراء التذكرة الجزئية التي تسمح بدخول مواقع أقل مقابل نصف التكلفة. كما تعد أفضل طريقة للتمتع بالمدينة هي السير على الأقدام، والذي يصادف أنه أرخص طريقة للتنقل. و سوف تجد أسعار الفنادق أفضل كثيرًا بين نهاية سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني بعد أشهر الشتاء الرائجة. وقد كانت كوزكو في عام 1200م مركز امبراطورية الإنكا، وأرست شبكة سياسية وعسكرية واسعة، امتدت إلى الإكوادور وبوليفيا وتشيلي، وبعد استيلاء الغازي الإسباني فرانسيسكو بيزارو على المدينة في عام 1533، قام الإسبان ببناء حصن جديد باستخدام أسس الإنكا، واليوم تظهر المدينة مزيجًا غنيًا بين التراث الإسباني والإنكي. يمكن مشاهدة ثقافة كوزكو خلال مهرجاناتها الخارجية المفعمة بالحيوية، حين يجتمع آلاف المحتفلين للاحتفال بأعيادهم مثل عيد الشمس، وللرقص على موسيقى ما قبل العصر الكولومبي. ومن حيث الدين، فينتمي 80% تقريبًا من سكان كوزكو إلى الطائفية الكاثوليكية الرومانية، ولكن هناك مجموعة متنوعة من الأديان الأخرى، ويتم الاحتفال خلال العام بأعياد القديسين الكاثوليك والمراسم الأنديزية والأعياد الإنكية. الملابس هنا غير رسمية بشكل عام، عليك حزم العديد من الملابس المضادة للمياه وأحذية السير، فدرجات الحرارة تكون باردة في المرتفعات العالية ليلاً. وبما أن شوارع كوزكو مرقطة، لذا فعليك ارتداء أحذية مريحة للسير لاستكشاف المدينة نهارًا، والمشاركة في الحياة الليلية، وعليك الحذر عند التجول في كوزكو حيث تنتشر سرقة السياح. إن اللغة الرسمية في بيرو هي الإسبانية، ولكنك ستسمع مزيجًا بين الإسبانية والأيمارا والكيتشوا، وهي اللغة الرسمية لإمبراطورية الإنكا، ولكن لغة الكيتشوا المتحدثة في كوزكو تختلف عن الكيتشوا المتحدثة في المناطق الأخرى من بيرو، ومن الصعب العثور على من يتحدث بالإنكليزية، لذا كن مستعدًا بكتاب للعبارات الإسبانية الرئيسية والكثير من الصبر.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر