الدار البيضاء - أسماء عمري
كشف رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام في المغرب طارق السباعي، في حوار خاص مع "المغرب اليوم" أن الهيئة ستتصدَّى لقرار الحكومة القاضي بإصدار
عفو شامل عن أصحاب الأموال المهرَّبة إلى الخارج في مقابل استرجاعها، عبر تقديم شكوى إن اقتضى الحال ضد الحكومة لدى الأمم المتحدة التي تعتبر هي المشرع لمحاربة الفساد، خصوصًا أن المغرب قد صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد سنة 2007 ولم يطبق بنودها، بل إنه يحاول أن يغطي على الفساد والمفسدين ويبرئ ساحتهم ويعفو عنهم، وأوضح أن الهيئة ستعمل على تعبئة الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان في المغرب والذي هي عضو فيه، كما ستطالب المجتمع المدني الحقوقي بأن يقوم بخطوات جريئة، ومنها احتمال رفع الشكوى لدى الأمم المتحدة.
وأعلن السباعي أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران سبق أن صرح إلى إحدى القنوات العربية بأنه سيعفو عن ناهبي المال العام، لأنه يواجه التماسيح والعفاريت والشياطن إلا أن الهيئة تعتبر أن الذين يشرعون للبلد هم العفاريت.
وأكَّد السباعي أن هذا القرار هو من أسوأ القرارات التي لم تكن تنتظرها الهيئة من حكومة بنكيران بعد أن وعد البرنامج الحكومي بمحاربة الفساد، وأتى دستور سنة 2011 ليربط المسؤولية بالمحاسبة، وأشار أن هذا القرارا هو بمثابة العفو الشامل على مهربي الأموال نحو الخارج والذي لا يمكن اتخاذه إلى عبر استفتاء شعبي لأن الحكومة ليست مؤهلة لتنصب نفسها ممثلا للشعب المغربي، الذي خرج في 20 شباط/ فبراير للتظاهر من أجل المطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد.
وأوضح أن القرار يندرج ضمن مباركة الفساد وتهريب الأموال إلى الخارج، وأوضح أنه منذ مصادقة المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد لم يسبق لأي حكومة مغربية أن طالبت باسترداد الأموال المهربة، وهو ما عاينته الهيئة الوطنية لحماية المال العام في مؤتمر لندن الأخير عن الموضوع، إذ إن الدول التي غيَّرت حكامها استردت بعض الأموال لكن الحكومة المغربية سواءً قبل أو بعد 20 شباط/ فبراير لم تتقدم بأي طلب لاسترداد هذه الأموال المهربة.
وشدَّد السباعي على أن هذا القرار هو خطوة غير شرعيَّة ويعطي الانطباع أن الحكومة تتراجع عن وعودها "الكاذبة" بمحاربة الفساد، وأعلن أن الهيئة اليوم تطالب بالكشف عن هذه الأموال المهربة، حيث إن الدول الأجنبية المهربة لها تُعِد تقارير سنوية بالمبالغ المهربة، ولهذا قال إنه يجب الكشف عن أسماء المهربين لأن المشروع يعطي الانطباع أن هؤلاء الناهبين لن تُنشَر أسماؤهم، وهذا فيه خرق للدستور الذي يُعطي الحق في الحصول على المعلومة للمواطن.
وأعلن السباعي أنه في الدول الديمقراطية الحكومات لا يمكنها أن تتخذ مثل هذه القرارات مشيرًا إلى أن البلد تحكمه عصابات ولوبيات الفساد، وهي المستفيدة من هذه الأوضاع "الفاسدة" وهم الذين يشرعون لهذا الشعب "المقهور والمظلوم" والمتناقضة مصالحه مع الطبقة السائدة.
ووصف السباعي رئيس الحكومة بـ "المنافق" لأنه قدم عددًا من الوعود أثناء الحملات الانتخابية ولم يفِ بها، واعتبر أن الحكومة الإسلامية لا تتمتع بمبادئ الاسلام بعد أن تنكر بنكيران لكل هذه المبادئ طمعًا في كرسي رئاسة الحكومة، وهو ما جعله يتراجع عن كل ما وعد به ناخبيه من المغاربة، وهو ما يحتم عليه في هذه الظرفية أن يغادر كرسي الحكم.
وعن الشكايات الكثيرة التي تتقدم بها الهيئة ضد ناهبي المال العام إلى القضاء وأوضح رئيس الهيئة أن "تلك الشكايات تجد بعض الآذان الصاغية لدى القضاء وفي عدد من الملفات التي تتقدم فيها بشكاوى غالبًا ما تصدر أحكام تثلج الصدر، إلا أن لوبيات الفساد تتابع التأثير على القضاء، حيث لا يزال التدخل في شؤون القضاء ساري المفعول لأجل غير مُسمَّى، رغم أن الدستور يعطي الحق للقاضي في أن يخبر ويعلن عن كل من يتدخل في شؤون القضاء، إلا أن بنود الدستور ما زالت لم تترجم على أرض الواقع، خاصة وأن القوانين التنظيمية لم تصدر بعدُ.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر